عقد مجمع اللغة العربية في حيفا ندوة لإشهار كتاب (حرب المصطلحات في الصراع العربي الإسرائيلي – دلالات تسمية المواجهات والعمليات العسكرية) لمؤلفه البروفيسور عبد الرحمن مرعي، وذلك في مقر المجمع في حيفا، وبحضور ثلة من الباحثين والمهتمين بالموضوع.
مؤرخون جدد وسرديات قديمة
ابتدأت الندوة بكلمة من البروفيسور مصطفى كبها رئيس المجمع، رحب فيها بالحضور وبمؤلف الكتاب ، منوها أن الكتاب يأتي ضمن سلسلة طويلة يعمل عليها المجمع في سياق تأكيد مكانة اللغة العربية ضمن الصراع على السرديات، وذلك خلال العمل الميداني للمجمع.
وأضاف كبها أنه ومن خلال قراءاته عن الموضوع اتضح له أن صراع السرديات غير متوازن وغير متكافئ، مؤكدا أن محاولات خلق سردية عربية موازية للسردية الإسرائيلية الصهيونية إنما يتم بمبادرات شخصية أو فردية، وأن خلق سردية وطنية لشعب ما تحتاج إلى دولة تقف خلفها، مشيرا إلى أن الكتاب يشرح للقارئ كيفية التعامل مع مصطلحات مشحونة في سردية الصراع، وأعطى أمثلة من الكتاب توضح ما قاله.
وأشار رئيس المجمع إلى أهمية اللغة في الصراع، مشيرا إلى قاموس صدر بداية الخمسينيات من القرن الماضي تحت عنوان (كي لا يفهم الغرباء) حيث تم إعطاء اسم مشفر لبلدات عربية ولشخصيات ، وهي أسماء كان يتداولها أعضاء المنظمات الصهيونية.
وتطرق كبها إلى ظاهرة ما يعرف بالمؤرخين الجدد في إسرائيل الذين قدموا سردية تبدو مغايرة للسردية الرسمية الإسرائيلية، لكنها سرعان ما توارت منذ العام 2002 لصالح رواية أكثر تشددا.
واختتم كبها كلامه بتهنئة بروفيسور مرعي متوقعا أن يكون لكتابه الصادر عن مجمع اللغة العربية في حيفا دور هام في تعزيز السردية العربية .
توراتية الأسماء وعلمانية الدولة
ثم تحدث المحامي رضا جابر مشيدا بالكتاب، مؤكدا أنه بعد قراءة الكتاب يصبح فهمنا للمصطلحات أكثر دقة، وتصبح قراءتنا نقدية، منوها أن الكتاب هو إسهام نظري وعلمي وليس مجرد عمل أكاديمي جاف، ممتدحا انسيابية السرد اللغوي وجمال اللغة التي تجذب انتباه القارئ.
وتابع جابر متسائلا : " هل لدينا فهم حقيقي لإسرائيل والحركة الصهيونية ولأنفسنا؟" ، مجيبا أن أهمية الكتاب تمنحنا مثل هذا الفهم للآخر ولسرديته.
وأضاف أن الكتاب هو محاولة جديدة للتعامل مع التاريخ والأسماء وفهمها من خلال السياق التاريخي وليس مجرد حصر للتسميات.
وأكد جابر على أهمية اللغة والتسميات في تشكيل الهوية، مشيرا إلى أن التسميات العبرية مستوحاة من مصادر توراتية دينية بالرغم من علمانية الدولة، ما يتيح فهما مختلفا للسردية الإسرائيلية.
واختتم كلامه مشيدا بالكتاب وأهميته في سرد الأحداث من خلال التسميات، ومنوها ببعض الثغرات الأكاديمية البسيطة في الكتاب والتي لا تنقص من قيمته العلمية العالية، مباركا للبروفيسور مرعي وجهده للقيام بمشروع يحافظ على الهوية والسردية العربية.
تذويت لغة الآخر .. تذويت سرديته
وأخيرا، تحدث مؤلف الكتاب وعضو المجمع بروفيسور عبد الرحمن مرعي، تحدث عن ظروف تأليف الكتاب، حيث كانت بداية الفكرة هي نشر مقال عن موضوع التسميات، لكن بعد كتابته ثمانين صفحة قرر أن يؤلف كتابا، مشيرا إلى جهود استمرت قرابة الأربع سنوات في حصر التسميات وفهم سياقاتها وجمع المصادر.
وأكد مرعي أن من يذوت لغة الآخر سيذوت سرديته، مشيرا إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العربية التي يتبنى بعضها المصطلحات الإسرائيلية دون إدراك ما في ذلك من خطورة على الوعي العام.
وتحدث مرعي عن التعديلات التي حدثت خلال التأليف، ففي فترة كتابته حدثت عدة مواجهات بين إسرائيل والفلسطينيين في قطاع غزة، كان آخرها السابع من أكتوبر، ما حدا به إلى حتلنة الكتاب مضيفا إليه المواجهة الأخيرة وتسمياتها، سواء من الجانب الإسرائيلي أو من الجانب الفلسطيني.
وختم مرعي حديثه أن الحركة الصهيونية ومن خلال التسميات للمعارك والمواجهات لجأت إلى التوراة لربط الحاضر بالماضي، وأنه عند إحياء اللغة العبرية لجا المختصون إلى استعارة مصطلحات من لغات عدة ليس من بينها العبرية.
هذا واختتمت الندوة بالرد على أسئلة الحضور والإجابة عن استفساراتهم عن جوانب عدة متعلقة بمضامين الكتاب.
يذكر أن الكتاب صادر عن مجمع اللغة العربية في حيفا، وهو يرصد تسميات الحروب والمعارك في سياق الصراع العربي الإسرائيلي حتى نهاية العام 2024
( من : جمال سواعد – مركز النشاط الإعلامي، تصوير : مجمع اللغة العربية)