آخر الأخبار

نتنياهو يخرق اتفاقية التبادل ويصعّد سياسة قصف المدنيين

شارك

كان الدعم الأمريكي لإدارة ترامب واضحًا وقويًا لحكومة نتنياهو في تنفيذ عمليات القصف العسكري ضد المدنيين في قطاع غزة، مما أدى إلى مقتل المئات في ليلة مظلمة من ليالي شهر رمضان المبارك.

لقد منحت هذه الإدارة، برئاسة ستيف ويتكوف، الضوء الأخضر لإسرائيل لتنفيذ تلك العمليات، على الرغم من أن حكومة نتنياهو خرقت المرحلة الثانية من اتفاق التبادل، التي كان من المفترض أن تبدأ بعد 42 يومًا من إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. كان الاتفاق يقضي بانسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا، ولكن بدلاً من ذلك، لجأ نتنياهو إلى استمالة المبعوث الأمريكي ويتكوف وإدارة ترامب لصالحه، مما أدى إلى تعطيل تنفيذ الاتفاق، رغم اقتراح الجانب الفلسطيني إطلاق سراح أسير أمريكي وتسليم جثامين 5 جنود أمريكيين محتجزين.

كما تم تهميش الوسيط الأمريكي آدم مولدين، الذي أدار مفاوضات مباشرة مع حماس وساهم في التوصل إلى اتفاق تبادل بين الطرف الفلسطيني والأمريكي. إلا أن نتنياهو، بمساعدة رون ديرمر، أفشل الاتفاق وأطاح بالوسيط الأمريكي. وفي وقت لاحق، رضخت الإدارة الأمريكية لإسرائيل، بل ووسّعت تدخلها بشن غارات على أهداف يمنية في صعدة وصنعاء انطلاقًا من قواعدها العسكرية في البحر الأحمر، مما جعلها طرفًا مشاركًا وفعالا في هذه الحرب، وهو ما قد يكون بداية تورط أوسع لإدارة ترامب في المنطقة، إضافة إلى أزماته الدولية المتفاقمة مع أوكرانيا، حلف الناتو، كندا، المكسيك، بنما، والدنمارك، فضلًا عن الأزمة الاقتصادية المتصاعدة بسبب سياساته الجمركية المتشددة وتهديده بطرد أكثر من عشرين مليون مهاجر من الولايات المتحدة.

يدرك نتنياهو جيدًا هذا الدعم الأمريكي، ويستغله لمحاولة فرض حل عسكري وحشي على الفلسطينيين، عبر استهداف المدنيين بشكل مباشر بطائرات F35 الامريكية التي تستهدف المناطق المدنية المؤهلة في قطاع غزة وتودي بحياة المئات من الأبرياء من النساء والاطفال. حيث منحته الإدارة الأمريكية غطاءً لاستخدام القنابل الذكية والعنقودية ضد تجمعات مدنية، كما حدث سابقًا في بيروت، وفي جنوب وشمال سوريا، ويحدث الآن في غزة. من منظور نتنياهو، فإن الحسم العسكري يجب أن يتم عبر قصف مكثف للمنشآت المدنية، مبررًا ذلك بأنها "أهداف عسكرية".

ومع ذلك، هناك تحذيرات إسرائيلية داخلية بأن هذا القصف قد يؤدي إلى مقتل عشرات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، إلا أن حكومة نتنياهو تبدو غير مكترثة، كما ظهر جليًا في ليلة السابع عشر من مارس 2025.

في المقابل، تتصاعد المعارضة السياسية والشعبية لنتنياهو داخل إسرائيل. بدأت الاحتجاجات الصامتة لعائلات الأسرى الإسرائيليين في تل أبيب، وانضمت إليها قوى المعارضة، إضافة إلى شخصيات بارزة في الجهاز الأمني، خاصة بعد الإطاحة برئيس الشاباك رونين بار. كما انضم المئات من المتقاعدين في الأجهزة الأمنية، بمن فيهم يورام كوهين، نداف أرغمان، يعقوب بيري، إيهود باراك، نوعام تيفون، ودان هاريئل، بوجي يعلون إلى الاحتجاجات، متجهين إلى منزل نتنياهو في شارع غزة بالقدس.

يحذر هؤلاء المحتجون من خطورة استمرار نتنياهو في الحكم، حيث يسعى إلى تقويض النظام الدستوري، تحييد محكمة العدل العليا، إقالة المستشارة القضائية، وتعيين متطرفين ومتدينين في حكومته. ويبقى التساؤل: هل يستطيع نتنياهو الاستمرار في السلطة حتى أكتوبر 2026، خاصة وأن ائتلافه قد يصوت مع الميزانية؟ وهل سيتمكن من مواصلة الحرب دون التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى مع الفلسطينيين؟

رغم الاحتجاجات، يبدو أن نتنياهو متمسك بالسلطة، حيث أحكم سيطرته على الأجهزة الأمنية، فعزل رئيس الشاباك، وأجرى تغييرات جذرية داخل الجيش، ما جعله أكثر ولاءً له. إلا أن قضية الأسرى الإسرائيليين تظل ورقة ضغط متزايدة، مع تزايد الاحتجاجات الشعبية والإعلامية ضد تعنته في التوصل إلى صفقة تبادل.

من ناحية أخرى، هناك مخاوف من اندلاع حرب إقليمية مع اليمن وإيران، في حال منحته الولايات المتحدة الضوء الأخضر لتوسيع عملياته العسكرية. ورغم خطورة هذا السيناريو، لا يبدو أن هناك أي جهود عربية حقيقية لوقف العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، إذ تكتفي مصر بالمراقبة، فيما تبدو الأمم المتحدة أكثر نشاطًا منها في هذا الشأن.

لا يزال الغموض يحيط بالأهداف النهائية لنتنياهو في غزة. فعلى الرغم من دعمه لخطط ترامب التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من القطاع، الا ان نتنياهو يسعى في واقع الامر إلى فرض حكم عسكري إسرائيلي هناك، دون أن يتحمل تكاليفه. يريد تحميل هذه المسؤولية الانفاق المالي لدول أخرى، مثل السعودية ومصر ودول الخليج، بحيث تقوم إسرائيل ببيع الكهرباء والمياه والغاز لسكان القطاع، بينما تتحمل هذه الدول التكاليف، كما يحدث في الضفة الغربية عبر تمويل ضريبة القيمة المضافة لتمويل الحكم العسكري الإسرائيلي على الضفة.

إذا استمرت حكومة نتنياهو حتى أكتوبر 2026 ولم تحقق هذه الأهداف، فمن المستبعد أن يتم التوصل إلى أي اتفاق تسوية مع الفلسطينيين. وإذا أعيد انتخابه وحزبه مرة أخرى، فإن حالة عدم الاستقرار في المنطقة ستتواصل إلى أجل غير مسمى.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا