في تحليل معمق لموقع "بكرا"، قدم المحلل إسماعيل جمعه الريماوي قراءة للوضع السياسي في إسرائيل تحت قيادة بنيامين نتنياهو، مشيرًا إلى أن نتنياهو وحلفاءه من اليمين المتطرف يسعون إلى إزالة ثلاثة عقبات رئيسية تعترض طريقهم نحو تحقيق أهدافهم السياسية.
خطط نتنياهو لإقالة كبار المسؤولين
منذ بداية عام 2023، لم يخف نتنياهو رغبته في إقالة بعض الشخصيات البارزة مثل رئيس الشاباك ورئيس المحكمة العليا، إضافة إلى المستشارة القانونية للحكومة غالي بهاراف ميارا. تأتي هذه الخطوات في إطار تعديل النظام القضائي، الذي بدأ في فبراير 2023، قبل أن يتم تجميده بسبب الحرب على غزة. وتعتبر هذه الإجراءات جزءًا من خطة أوسع لتغيير بنية النظام القضائي في إسرائيل بما يضمن تغليب المحاكم الدينية اليهودية على المحاكم المدنية.
الهدف وراء التعديلات القضائية
وفقًا لموقع "هشومريم" الإسرائيلي، فإن الهدف من انقلاب نتنياهو في فبراير 2023 كان تقسيم الجهاز القضائي، مما يمهد الطريق لتقديم المحاكم الدينية اليهودية كمؤسسات قانونية معترف بها بنفس مستوى المحاكم المدنية. وتستهدف هذه التعديلات إضعاف سلطة النظام القضائي في إسرائيل، بما في ذلك إبعاد المستشارة القانونية ورئيس الشاباك، وتعيين مستشار قانوني جديد يمكنه تأجيل محاكمة نتنياهو.
التعاون بين نتنياهو واليمين المتطرف
وفي هذا السياق، يلاحظ الريماوي أن نتنياهو وشركاءه من اليمين المتطرف، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، يتبادلون المصالح. حيث أن القوانين التي يتم تمريرها تخدم نتنياهو في قضايا الفساد التي تلاحقه، كما تعزز بقاءه السياسي عبر تقليص دور النظام القضائي. هذه التحركات تمهد الطريق لتحويل إسرائيل من دولة علمانية إلى دولة دينية تحكمها الشريعة اليهودية.
إضعاف المؤسسات القضائية والتنفيذية
يشير الريماوي إلى أن اليمين المتطرف في إسرائيل يستغل الأغلبية البرلمانية لتفكيك مؤسسات فصل السلطات الثلاث (التشريعية، التنفيذية، القضائية). الحكومة الحالية، التي تضم تيارات دينية قومية، تسعى إلى تغيير وجه إسرائيل بشكل جذري وتحويلها إلى دولة ثيوقراطية دينية، مما يعزز حكم الفرد الواحد.
التعديلات الأخيرة: إقالة المستشارة القانونية
بالتزامن مع هذه التعديلات، أقر الكنيست قانونًا جديدًا بشأن طريقة تعيين مفوض شكاوى القضاء، حيث سيُعين المفوض من قبل لجنة يرأسها وزير القضاء، الذي يعد جزءًا أساسيًا من انقلاب نتنياهو على النظام القضائي. وسيكون لهذا القانون تأثير كبير على استقلالية القضاء، حيث يتم تعيين المفوضين بشكل يدعمه الائتلاف الحاكم، بدلاً من أن يكون لهم دور رقابي مستقل.
التأثير على الجيش والمؤسسات الأمنية
عند الحديث عن المؤسسة العسكرية، يشير الريماوي إلى أن نتنياهو يسعى أيضًا إلى السيطرة على الجيش الإسرائيلي، حيث تم تعيين إيال زامير رئيسًا للأركان على الرغم من المخاوف التي أثيرت بشأن التحقيقات في إخفاقات الجيش في السابع من أكتوبر. كما أن تغيير التعيينات العسكرية يعكس تسيس المؤسسة العسكرية لصالح مصالح نتنياهو الشخصية.
الرهانات السياسية والمخاوف من استبداد فردي
الخطوات المتسارعة التي يتخذها نتنياهو قد تؤدي إلى تحول إسرائيل إلى دولة ذات طابع استبدادي، حيث يعزز حكم الفرد الواحد، ويعمل على تفكيك المؤسسات التي يمكن أن تعارضه. وبالتزامن مع محاكمة نتنياهو، فإن هذه التعديلات تخدم أهدافه الشخصية عبر تحجيم دور القضاء وتغيير موازين القوى في إسرائيل.
الزلزال السياسي الداخلي
وأوضح الريماوي أن إسرائيل تشهد زلزالًا سياسيًا منذ بدء المطالبة بالتعديلات القضائية، مرورًا بفشل السابع من أكتوبر، وصولًا إلى الحرب على غزة. حيث استغل نتنياهو هذه الحرب لإعادة تقديم صورة عدوانية له، مستفيدًا من شركائه في اليمين المتطرف. في المقابل، تعيش المعارضة الإسرائيلية في حالة من التيه السياسي، بينما يواصل نتنياهو تحميل المؤسسة الأمنية مسؤولية فشل السابع من أكتوبر.
في النهاية، يتوقع الريماوي أن تستمر إسرائيل في مرحلة من التحولات الجذرية في النظام السياسي، قد تتحول فيها إلى دولة دينية بأيدي اليمين المتطرف، مما يعيد تشكيل الواقع السياسي والاجتماعي في إسرائيل.