افتتحت جمعية جوار في الشمال في سخنين مساء يوم أول أمس السبت المعرض التشكيلي الجديد تحت عنوان "فن من بلدي" وذلك على جدران صالة العرض " جاليري زركشي" بإشراف وزارة الثقافة والرياضة وبحضور مميز من الهيئة الإدارية والطاقم التنفيذي للجمعية والفنانون المشاركون المحتفى بهم وعائلاتهم، وجمهور متذوقي الفنون التشكيلية.
ويضم المعرض لوحات جديدة مميزة لعدد من الفنانين المحليين من أبناء مدينة سخنين وهم: أسماء زبيدات عبير زبيدات، عدن خلايلة، فيروز خلايلة، فداء حيادرة، دعاء بشير، محمود سليمان بدارنة سامي بشير، إياد خلايلة، فاطمة غنايم، رانية مفلح بدارنة.
وكانت الافتتاحية مع الأستاذ أمين أبو ريا مدير مركز التراث الشعبي، وكانز المعرض والذي رحب بالحضور وأشاد بدورهم المميز في خلق حالة من جمالية الفن التشكيلي، وقال:" في عالمنا المتلاطم يتألق الجمال بأشكال متعددة ومن بينها تبرز العبارات الجميلة كبوابة تفتح على عوالم من الإيمان والتفاؤل فهي ليست مجرد كلمات عابرة بل هي أنغام تعزفها الأرواح ترسم لوحات تشعرنا بدفء الحب وجمال الحياة".
وأضاف أبو ريا: "في طريق الحياة المليء بالتحديات والصعوبات تبرز بين أضواء الظلام ألوان مؤثرة تحمل في طياتها قوة الإلهام والتأثير. إنها كالنجوم الساطعة في سماء الابداع تنير دروبنا وتوجهنا نحو معانٍ عميقة تحمل رسائل الأمل والإيمان، تتغنى هذه اللوحات المؤثرة بقدرتها السحرية على تجسيد المشاعر والأفكار بطريقة تلامس القلوب لترسم لوحات جميلة في أذهاننا. فهي تعكس عمق الحياة وتلمس جوانبها الإنسانية بكل تفاصيلها. تشعل شرارة الأمل في الظلمة وتوجهنا نحو النجاح والتفوق كأرواح تتغنى بألحان الحياة وتحكي قصصاً تلامس الوجدان وتنبض بروح الإيمان والتفاؤل إنها لغة القلوب الجميلة التي تعبر عن أعماقنا وتلامس روحنا بعمق وصدق، بعض الكلام يضع النقاط على الحروف. والبعض الآخر بلسمٌ للجروح، ويبقى الأمل بأنّ أجمل الكلمات لم تُكتب بعد وأنّ أجمل الأحلام تلك التي لم تتحقّق بعد، وأنّ أجمل الأيام حتماً سيكون غدا".
وتجدر الإشارة الى أن هذه التجربة الجديدة والمتجددة لمجموعة من أبرز مبدعي البلد تأتي في سياق نحت ماهية بصرية متجددة ومختلفة لا تستوعب تقنياتها وألوانها وحواملها حيز ما هو مرئي وقابل للتحديد والاكتشاف فحسب بل تريد أن تطلق الرسومات في فضاء حركي وتواصلي يسمح لها بأن تشرئب بأعناقها في أوسع مدى ممكن لأجل أن تتكلم وتسرد وتفضي بما في داخلها واثقةً مُثيرة للدهشة أو الشفقة حيناً أو مستسلمة لقدرها حيناً آخر.
ترى هذه اللوحات قد التفّتْ ببعضها بعضا وحداناً وزرافات ويمكن أن تسمع وشوشاتها كأنما هناك أمرٌ جماعيٌّ يهمُّها وحدثُ عاصفٌ يتهدّد وجودها بل قد تجدها مرّاتٍ قد أحاطت نفسها بشرنقة واهية وهي كالحة القسمات ترتعد تحت اللهب أو مرتعبةٌ تُحدق في الظلام وفي الفراغ. وهي كنايةً عن هوية متحوّلة تعيش ابتلاءات الإنسان وتتجرع تاريخ أخطائه ونواقصه واختياراته المدمرة. وهكذا تتجمع في العيون عبر شتّى حالاتها كل حواس الإنسان ورغائبه وهواجسه ومخاوفه حالاً ومآلا. في مستواها التعبيري الأعمق التي تتآكل روحها من الداخل إلى درجة أن تصدأ وتٌكبّ على وجهها في طُرق مجهولة لا نهاية لها لأنها هي بدورها تُصوّر هشاشة الكائن الإنساني وعزلته وضياع معناه في التاريخ وهويته المفككة داخل عالم زاد عن حاجاته ولم يعد بوسعه أن يتنعم به.
جعل جزء من الفنانين تعابير لوحاتهم وأوضاعها الغريبة استعارات حية ورموزاً مثيرة توحي بالمأزق الروحي والأخلاقي الذي يعيشه الإنسان ويتحمل ويلاته بقدر ما تمثل في حدّ ذاتها "مُنبِّهات ميتافيزيقية" تتداعى لتشمل وجودهم وشرطهم الأرضي الاساسي. ولهذا تركوها رغم كل شيء على حافة الهاوية متيقّظة تستطيع الإبصار وتحاول أن توقظ فينا شيئا بدائيّا عنيفا وتسرده لنا بطريقتها الخاصة. يظهر أنّ هؤلاء الفنانين قد عرفوا كيف يزيلوا ما كان يضايق نظراتهم ليكتشفوا ما سيبقى من الإنسان عندما ستتنحى الأعذار الكاذبة.
في اللوحات نطالع مثل هذه الشخصيات ومعها أمزجتها وأصواتها وروائحها وأنماط عيشها ومصائرها التي لا نهاية لها وهي تأخذ هُويّةً سرديّةً بصريّةً مختلفة بعد أن تتخلص من قيود السرد الخطّي على نحو ما وتتشكّل ضمن فضاءات جديدة تعطي لهذه الشخصية أو تلك عبر وجوهها المفارقة ممكنات تأويلية مفتوحة عبر استراتيجية الإحلال والإزالة بوسائل اللون والفراغ والمحو ولا تكون العبرة إلا بمدى الأثر الذي تحدثه في عيون ناظريها.
وهذا المعرض له نكهة خاصة لأنه سيكون بمثابة محطة توثيق للتجربة بعد انطلاقها. وعن العلاقة المتبادلة. أنها علاقة بناء دلالي يسعى من خلاله كل في مجاله إلى الاشتغال بمواده وأدواته وتقنياته ليبقى الرابط الأساسي هو الاختزال. ذلك أن الاعمال فن قائم بذاته يتميز بالتبسيط الذي يتطلب تقنية ودقة عالية بطريقة مكثفة وإشارات دالة تتيح للناظر تعددية التلقي ببعد آخر يتأتى وفق مرجعيته وتصوره برؤى لا محدودة. وفي التشكيل يكون التعامل مع اللون والخط والمادة حيث يسعى دائما إلى اختزال الموضوع في حلة تركيبية بصياغة جرافيكية حركية تحكي إيقاعات هادئة تحدث وقعها لدى المتلقي. منهم من اظهر العين تعود أحياناً إلى البياض من خلال اختزال الألوان في عصارة لونية خفيفة شفافة او ذات لمسات لونية تتراكم فوق بعضها عبر عملية المسح والخدش التي تخلف أثرا يضاف الى مفهوم الزمن بطريقة غير مباشرة.
هذا ومع نهاية الحفل الافتتاحي للمعرض تم تكريم الفنانين بشهادات تقديرية من إدارة الجمعية على دورهم الفعال والمميز لإنجاح المعرض، مع الإشارة الى أن المعرض سيكون مفتوحًا أمام الجمهور خلال أيام شهر رمضان الفضيل.