آخر الأخبار

 نتنياهو...  الصراع مع الشاباك وإقالة رونين بار المهينة

شارك

في الوقت الذي يمكن القول فيه إن بنيامين نتنياهو استطاع التهرب من إخفاقات أحداث السابع من أكتوبر 2023 والفشل العسكري آنذاك، حيث تمكن من إلقاء اللوم على الجيش، قيادة الأركان، المخابرات العسكرية، القيادة العسكرية الجنوبية، الشاباك والموساد.

على مدى الخمسة عشر شهرًا الأخيرة، تبادلت الأطراف، خاصة بين الجهاز السياسي والجهاز العسكري، الاتهامات حول المسؤولية عما حدث، وبشأن هجوم حماس يوم السبت، الذي صادف عطلة دينية لدى اليهود، إذ تمكن الجانب الفلسطيني من اختراق كافة الأنظمة الدفاعية والقواعد العسكرية على الحدود آنذاك، ما أدى في نهاية الأمر إلى مقتل أكثر من 2500 إسرائيلي وإصابة 15 ألفًا آخرين بين عسكري ومدني، إضافة إلى أسر أكثر من 240 إسرائيليًا.

وخلال هذه السجالات بين الجهازين، استطاع نتنياهو إجبار قسم كبير من الجهاز العسكري على الاعتراف بالإخفاق والفشل فيما حدث. وكان أول من اعترف بذلك قيادة المخابرات العسكرية، حيث أعلن أهارون حليفا مسؤوليته عن الفشل مطلع الحرب وقدم استقالته. كما أعلن العديد من قادة الألوية والضباط مسؤوليتهم عن الفشل وقدموا استقالاتهم. وفي مطلع هذا العام، أعلن قائد الأركان هيرتسي هليفي مسؤوليته المطلقة عن الفشل العسكري في أحداث السابع من أكتوبر، وأكد أنه سيستقيل في السادس من مارس 2025، وهو ما حدث بالفعل حيث اعترف بعد ذلك وفي مقابلة صحفية بانه حماس على قدرته في إيقاع خديعة في صفوف الجيش الإسرائيلي عشية الحرب. وعين نتنياهو الجنرال إيال زامير رئيسًا جديدًا للأركان، وهو مقرب منه، وأوكل إليه تنفيذ سلسلة من التعيينات في الجيش تشمل كافة القادة والضباط الذين كانوا في مناصبهم خلال أحداث السابع من أكتوبر.

بالفعل، تم تعيين الجنرال ياريف عاسور قائدًا للمنطقة الجنوبية، والجنرال يورام برعام نائبًا لرئيس الأركان. كما قدم استقالته كل من قائد الجبهة الشمالية اللواء جوروديش وقائد الجبهة الجنوبية اللواء يورام فينكيلمان. جاءت هذه الاستقالات والتعيينات عقب تقديم تقارير استراتيجية وتحقيقات كشفت أن الجيش الإسرائيلي لم يكن جاهزًا آنذاك، ولم يأخذ الجانب الفلسطيني في قطاع غزة على محمل الجد الامر الذي احدث مفاجأة عسكرية استراتيجية من العيار الثقيل.

كما أكدت التقارير وجود نقص كبير في عدد الجنود الأسلحة والذخائر، إضافة إلى غياب المراقبة الفعلية لتحركات الجانب الفلسطيني واستعداداته العسكرية قبل الهجوم بعدة أشهر.

استغرقت كتابة التقارير والتحقيقات عدة أشهر، وجرى تقديمها بشكل مفصل للجهاز السياسي وللرأي العام الإسرائيلي. وكان أبرزها تقرير الجيش برئاسة الجنرال هيرتسي هليفي، الذي أعلن مسؤوليته الكاملة عن الفشل الذريع وقدم اعتذاره لأهالي القتلى، مؤكدًا أنه استمر في منصبه لإعادة بناء الجيش والانتقام لما حدث.

كما أجرى الجيش تحقيقات حول الهجوم على المستوطنات ليلة السابع من أكتوبر، خاصة في نيرعوز وبئيري وكفار عازة، وحمّل نفسه مسؤولية عدم الاستعداد الكافي لمواجهة أي هجوم عسكري على الحدود. وقد صادق الجهاز السياسي على كافة التقارير المقدمة وأيّدها بالكامل.

إلا أن اللافت كان تقرير جهاز الشاباك حول الأحداث، الذي قدمها رئيسه رونين بار. فقد أقر الشاباك بمسؤوليته عن الإخفاقات، لكنه لم يتحملها بالكامل، مشيرًا إلى أن الجهاز السياسي، أي نتنياهو، يتحمل جزءًا منها أيضًا، الأمر الذي أثار غضب نتنياهو بشدة. إذ كان الشاباك الجهاز الوحيد الذي لم يتحمل مسؤولية الفشل بالكامل، وسعى إلى تقاسم الإخفاقات بينه وبين الجهاز السياسي، ما أدى إلى خلافات وسجالات حادة بين نتنياهو ورونين بار.

وأكد رونين بار أنه سيتحمل مسؤولية الفشل وسيستقيل بطبيعة الحال، لكنه رفض أن يتم عزله من قبل نتنياهو، لأن ذلك يعني تبرئة رئيس الحكومة من المسؤولية عن هذا الفشل التاريخي. وتشير التقديرات إلى أن هذا الأمر أغضب نتنياهو ومعسكره، فشنّوا هجومًا كاسحًا على رونين بار، مطالبين باستقالته الفورية. حيث أراد نتنياهو الإطاحة به وتعيين أحد نوابه السابقين المسمى (ميم) بدلًا منه، لكن بار رفض الاستقالة، وطالب مقربيه بالإسراع في تشكيل لجنة تحقيق رسمية لبحث أسباب الإخفاق.

وكشف تحقيق الشاباك أن إسرائيل فشلت في تجنيد عملاء لها داخل حركة حماس بين الاعوام 2017 و2023، كما أشار إلى خلاف مع الجهاز السياسي حول دعم قطر لحركة حماس ماليًا، حيث اتهم الشاباك نتنياهو بالموافقة على ذلك بهدف تعميق الخلاف بين حماس في غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، لمنع تحقيق وحدة قد تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية.

ردًا على ذلك، شنّ نتنياهو هجومًا عنيفًا على رونين بار، لكن رؤساء سابقين للشاباك، مثل يورام كوهين ونداف أرغمان ويعكوف بيري، دافعوا عنه واتهموا نتنياهو بالمسؤولية عن الفشل، مؤكدين امتلاكهم معلومات تثبت ذلك، دون الإفصاح عنها. وردّ نتنياهو باتهامهم وخاصة ارغمان الرئيس السابق للشاباك بمحاولة ابتزازه، وهذا ما أثار جدلًا واسعًا في الرأي العام الإسرائيلي حاليا.

ويقول رونين بار وعلى لسان مقربيه بانه يتحمل فشل واخفاق السابع من أكتوبر وسيعلن استقالته قريبا ولكن بعد حل مسألة الاسرى الإسرائيليين بأيدي حماس وانهاء التحقيق من قبل الشاباك بفضيحة قطرجيت التي تتهم موظفين كبار داخل مكتب نتانياهو عملوا لصالح دولة قطر.

الامر الذي اثارة حفيظة نتانياهو حيث دعاه الى مكتبه في الامس 16/3/2025 وطالبه بالاستقالة الفورية نظرا لانعدام الثقة بين رئيس الحكومة ورئيس الشباك رونين بار وسنتعقب في الأيام المقبلة التطورات السريعة لهذه الهزة الارضية التي تزعزع اركان النظام السياسي الحالي في إسرائيل.

حتى اللحظة، لا تزال المواجهة مستمرة بين نتنياهو ورونين بار ورؤساء الأجهزة الأمنية الأخرى، ومن غير الواضح كيف ستؤثر هذه الصراعات على أي صفقة محتملة لتبادل الأسرى قد تُعقد قريبًا.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا