آخر الأخبار

ما بعد القهوة || حين تصبح أرواح البشر هامشية أمام أشبال الأسود والقردة

شارك

منذ مطلع العام، قُتل 50 شخصًا في المجتمع العربي مقابل 36 ضحية في الفترة نفسها من العام الماضي، ومع ذلك، لا تزال نسبة الكشف عن الجناة متدنية للغاية، وكأن دماء الضحايا مجرد أرقام في إحصائيات تُنسى سريعًا.


هذه الجرائم ليست مجرد أحداث معزولة، بل انعكاسٌ لانهيار أمني وأزمة ثقة بين المواطنين والمؤسسة المسؤولة عن حمايتهم.
لكن الغريب في الأمر أن الشرطة، التي تظهر عاجزة عن مواجهة الجريمة المنظمة، تتحرك بكامل طاقاتها في قضايا أخرى، أقل خطورة وأقل أولوية، مثل تعقب الحيوانات البرية!
في الساعات الأخيرة، خرجت الشرطة ببيان صحفي تتفاخر فيه بما أسمته "عمليات ليلية محكمة"، نُفذت في البلدات العربية-البدوية في النقب، لاستعادة شبل أسد وأربعة قرود، بل وأكدت أنها "ستواصل جهودها لتعقب المتورطين". مشهد سريالي يكاد لا يُصدّق: عندما يكون الضحية إنسانًا عربيًا، تغيب التحقيقات الجادة، وتتكدس الملفات في الأدراج، بينما عندما يتعلق الأمر بإنقاذ حيوانات برية، تتحول الشرطة إلى وحدة خاصة تعمل ليلًا ونهارًا!
هذا التناقض الفاضح يُسلط الضوء على واقع مُرٍّ: هناك تمييز واضح في أولويات الشرطة، حيث يبدو أن حياة الإنسان العربي لا تستحق الجهد نفسه الذي يُبذل من أجل الحيوانات. فمنذ سنوات، يطالب المجتمع العربي بخطة أمنية حقيقية للقضاء على الجريمة المنظمة، لكن على أرض الواقع، ما نراه هو انشغال السلطة بملاحقة القردة أكثر من ملاحقة القتلة!
لكن، هل سيظل المجتمع العربي صامتًا أمام هذا الإهمال؟
نتائج استطلاع أجرته "مبادرات إبراهيم" تقدم إجابة قاطعة: 89% من المواطنين العرب في إسرائيل يدعمون دخول الأحزاب العربية للحكومة أو دعمها من الخارج. هذه النسبة غير المسبوقة تعكس تغييرًا جوهريًا في المزاج الشعبي: لم يعد الناس يكتفون بالغضب والشكوى، بل يريدون المشاركة الفاعلة في صناعة القرار، والمطالبة بحقوقهم، وأولها الأمن الشخصي.
الرسالة هنا واضحة لا تقبل التأويل: لا يمكن أن يستمر هذا الواقع. أرواح البشر ليست أقل شأنًا من القردة وأشبال الأسود، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في فرض القانون على الجميع دون تمييز. لا مجال للصمت، ولا بد من تصعيد المطالب، سواء من خلال الضغط الشعبي أو عبر أدوات التأثير السياسي. فالمعركة ليست فقط ضد المجرمين، بل ضد الإهمال المتعمد الذي يسمح لهم بالاستمرار، ويُكرّس واقعًا دمويًا لا يمكن القبول به بعد اليوم.
^الكاتب هو إعلامي من النقب

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا