أطروحتي لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة القدس
"التكييف القانوني للوضع الراهن "الستاتيكو" للمسجد الأقصى في ميزان القانون الدولي " لماذا؟
بقلم: الشيخ كامل أحمد ريان - قسم الحقوق جامعة القدس
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، فقد وفقني الله لنيل درجة الدكتوراه في القانون العام من جامعة القدس، بعد مناقشة أطروحتي التي حملت عنوان: “التكييف القانوني للوضع الراهن (ستاتيكو) للمسجد الأقصى المبارك وفق قواعد القانون الدولي العام”.
إنه لشرف عظيم أن أكون أحد أبناء جامعة القدس، هذا الصرح الأكاديمي العريق الذي يحمل على عاتقه مسؤولية العلم والمعرفة والدفاع عن الحقوق الوطنية والقضايا العادلة. وبهذه المناسبة، أود أن أتوجه بأسمى آيات الشكر والتقدير إلى إدارة الجامعة والى رئيسها الدكتور عماد ابو كشك حفظه الله ، والى عمادة الدراسات العليا، والأساتذة الأفاضل، وعلى رأسهم مشرفيّ الكريمين: الأستاذ الدكتور سعيد أبو علي، والأستاذ الدكتور عروة عكرمه صبري، اللذين قدما لي كل الدعم والتوجيه العلمي خلال مسيرتي البحثية. كما أخص بالشكر أعضاء لجنة المناقشة الذين أثروا البحث بملاحظاتهم القيمة وهم
-الاستاذ الدكتور سعيد ابو علي رئيسا للجنة المناقشه -جامعة القدس فلسطين
-الاستاذ الدكتور حسن سند استاذ القانون الدولي وعميد كلية الحقوق بجامعة ألمنيا في جمهورية مصر العربيه مناقشا خارجيا .
-الاستاذ الدكتور عبدالله الهواري استاذ القانون الدولي ورئيس قسم القانون بكلية الحقوق جامعة المنصوره في جمهورية مصر العربيه -مناقشا خارجيا
-الاستاذ الدكتور محمد الشلالده منسق برنامج الدكتوراه جامعة القدس فلسطين مناقشا داخليا
-الدكتور ناجح بكيرات المختص بشؤون القدس جامعة القدس
والشكر موصول إلى كل من وقف إلى جانبي من عائلتي وأصدقائي وزملائي حتى تحققت هذا الاطروحه التي تحمل رسالة حب الأقصى وتحديد المعالم القانونيه لحمايته.
لماذا اخترت هذا الموضوع؟
جاء اختياري لهذا الموضوع من إيماني العميق بضرورة الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، هذا المعلم الإسلامي الذي يحتل مكانة مركزية في وجدان العرب والمسلمين، ويمثل جوهر الصراع القانوني والسياسي في القدس. فمع تصاعد الانتهاكات ومحاولات تغيير الوضع الراهن (الستاتيكو)، كان لا بد من تسليط الضوء على الإطار القانوني الناظم لهذا الوضع، وتوضيح مدى إلزاميته في القانون الدولي، وسبل حمايته أمام الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.
الوضع الراهن (الستاتيكو): والحماية القانونيه الدوليه له
يعد الوضع الراهن (الستاتيكو) نظامًا قانونيًا راسخًا استقر منذ العهد العثماني، وتم تأكيده خلال الانتداب البريطاني، ثم في عهد الوصاية الأردنية، وهو يعترف بأن إدارة المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في القدس تخضع للأوقاف الإسلامية تحت الرعاية الأردنية. وقد تم إقرار هذا الوضع في معاهدات واتفاقيات دولية، أبرزها معاهدة وادي عربة بين الأردن وإسرائيل عام 1994، التي أكدت على الدور الأردني في إدارة المقدسات والتي اعتمدت على :
-الفرمانات العثمانيه من عام ١٥١٧ لغاية عام ١٩١٤
-معاهدة باريس عام ١٧٤٠
-معاهدة برلين عام ١٨٧٨
-اتفاقيات لاهاي ١٨٩٩ ١٩٠٧ ١٩٥٤
-اتفاقية جنيف الرابعه ١٩٤٩
-ميثاق واشنطن او ميثاق روريش ١٩٣٥
ومعاهدات وقرارات دوليه جمه ساهمت في ذلك
إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى منذ عقود إلى تغيير هذا الواقع من خلال فرض سياسة “التغيير المتدرج”، عبر فرض قيود على الأوقاف الإسلامية، ومنع الترميم، والسماح باقتحامات المستوطنين، ومحاولات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة.
القانون الدولي.. بين النصوص والتطبيق
رغم أن قواعد القانون الدولي تؤكد على وجوب احترام الوضع القانوني للمسجد الأقصى، إلا أن ضعف الإرادة الدولية في فرض عقوبات على الاحتلال جعله يتمادى في انتهاكاته. فقد نصت قرارات الأمم المتحدة واليونسكو على أن المسجد الأقصى هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وحذرت من أي إجراءات تهدف إلى تغيير هويته، إلا أن هذه القرارات لم تجد طريقها إلى التطبيق الفعلي، مما يتطلب تحركًا قانونيًا ودبلوماسيًا أكثر فاعلية من الدول العربية والإسلامية.
مسؤوليتنا تجاه الأقصى
إن الدفاع عن المسجد الأقصى لا يقتصر على الجانب السياسي أو العاطفي، بل يجب أن يكون عبر الأدوات القانونية التي يوفرها القانون الدولي. ومن هنا، فإن البحث العلمي في هذا المجال هو خطوة أساسية في صياغة استراتيجيات قانونية تحمي المسجد الأقصى من محاولات السيطرة عليه ، وتؤكد حق المسلمين فيه.
إنني إذ أختتم هذه الرحلة العلمية بفضل الله وتوفيقه، فإنني أؤكد أن هذه الأطروحة ليست سوى لبنة في صرح الدفاع عن الأقصى، وأدعو جميع الباحثين والقانونيين إلى مواصلة العمل في هذا المسار، لأن القضية لا تزال مفتوحة، والتحديات قائمة.
القدس كانت وستبقى عربية إسلامية، والمسجد الأقصى سيظل رمزًا لهويتنا ووحدتنا.