في أجواء ربيعيّة حميمة غمرها غناء الوطن وجمال الفنّ والشّعر وصوت سميح القاسم الّذي يتقدّم دائمًا في طريق الحرية والكفاح والمواجهة، في هذه الأجواء، استقبلت مؤسّسة "محمود درويش للإبداع" ممثّلة بمديرها الكاتب عصام خوري وأعضاء
من إدارتها، وبلديّة سخنين ممثّلة برئيسها ورئيس اللّجنة القطريّة لرؤساء المجالس العربيّة مازن غنايم وبأعضاء البلديّة وموظّفيها، استقبلوا جمهورًا غفيرًا ونوعيًّا من أهالي مدينة سخنين والمدن والقرى من الجليل والمثلّث، يوم الخميس الموافق 16/1/2025. وقد غصّت قاعة المكتبة العامّة والمركز الثّقافي بحشد كبير من المثقّفين والنّاشطين والمهتمّين والكتّاب والشّعراء والفنّانين. جاؤوا جميعًا وفاء وإحياء للذّكرى العاشرة لرحيل الشّاعر الكبير سميح القاسم وتخليدًا لتراثه الثّقافيّ والكفاحيّ ولحضوره الفلسطينيّ والعربيّ والإنسانيّ الّذي تخطّى كلّ الحدود.
وقد افتتح الأمسية بكلمة ترحيب وشكر قصيرة موفّق خلايلة تحيّة سخنين لضيوفها والمشاركين جميعًا، معربًا عن "تقدير سخنين لدور الشّاعر الكبير وكيف كرّمت المدينة نفسها بكونه مواطنًا سخنينيًّا نعتزّ به"، ثمّ قدّم الكاتب عصام خوري مدير مؤسّسة "محمود درويش للإبداع" لتولّي عرافة الأمسية.
بدوره، رحّب خوري بالضّيوف وشكرهم ودعا المتكلّمين في الأمسية إلى المنصّة، وهم رئيس بلديّة سخنين مازن غنايم، مدير مؤسّسة "أميل توما" عصام مخّول، عضو إدارة مؤسّسة "محمود درويش" المحامي جواد بولس، النّاقد د. نبيه القاسم، النّاقدة د. كوثر جابر قسّوم، الفنّان نبيل عوض، مدير مؤسّسة "سميح القاسم" ونجل الشّاعر الرّاحل وطن سميح القاسم، الشّاعر سامي مهنّا، الشّاعر علي هيبي.
وقد نوّه خوري " بوزير الثّقافة الفلسطينيّ د. عماد حمدان وثمّن نشاطه في إنجاز المشاريع الثّقافيّة والأدبيّة والوطنيّة، كان آخرها وأبرزها تصميم جداريّة للشّاعر الكبير وبناؤها في مدخل مدينة رام الله، ومن ثمّ إقامة حفل إسدال السّتار عنها يوم الأحد الموافق لِ 24 /11/2024 برعاية رئيس الوزراء الفلسطينيّ د. محمّد مصطفى وبمشاركة شعبيّة ووطنيّة ودوليّة" .
وفي كلمته المصوّرة، أشاد الوزير "بالجانب الثّقافيّ والأدبيّ الّذي قام به سميح القاسم ورفاقه من شعراء المقاومة، وكيف صارت القصيدة تلعب دورًا نضاليًّا وتحوّلت إلى سلاح فلسطينيّ، لا يقلّ أهميّة عن كافّة أشكال النّضال". وقد ثمّن الوزير "دور المؤسّسات الوطنيّة والثقافيّة، في الدّاخل وفي الضّفّة الغربيّة، وبخاصّة مؤسّسة "محمود درويش للإبداع" وبالتّعاون مع وزارة الثّقافة" .
غنايم: " سخنين تشعر بشرف كبير لتكريم سميح القاسم شاعر الوطن والقضيّة "
وكانت كلمة البلد المضيف، سخنين لمازن غنايم رئيس البلديّة، وبعد الشّكر والتّرحيب تطرّق إلى الشّاعر الرّاحل فقال: "إنّ سخنين كإحدى بلدات مثلّث "يوم الأرض" تشعر بشرف كبير لتكريم سميح القاسم شاعر الوطن والقضيّة، وقد منحته سخنين منذ زمن بعيد وهو حيّ مواطنة شرف فتشرّفت سخنين بكونه مواطنًا فيها، ولقد كانت مفتاح دخول أشعاره لكلّ بيت فيها، لأنّه اسمه وشعره ارتبطا بالوطن والتّراب".
أمّا الكلمة التّاليّة فكانت من نصيب عصام مخّول رئيس مؤسّسة "أميل توما" في حيفا، ورئيس الجبهة الدّيمقراطيّة للسّلام والمساواة، وقد أشار مخّول في كلمته إلى "ميزة في شعر القاسم حيث كان بوّابة دخوله إلى معترك القضيّة الوطنيّة والفكر الأمميّ والنّهج الثّوريّ"، وقد قال في معرض حديثه: " لقد أصبح شعر سميح صوت التّحدّي وأهزوجة الجماهير، لأنّه حمل قضيّة انطوت على تجارب عظيمة بكلّ ما فيها من انتكاسات وانتصارات، يشبه النّهر المتدفّق الماضي في طريقه بعد أن وضع بصمته التّاريخيّة على حياتنا وفي وجداننا الجماعيّ والفرديّ".
وفي الفقرة التّالية، ألقى الشّاعر سامي مهنّا قصيدة بعنوان "ويكون أن يأتي طائر الوعد" من ديوانه "يافا شهوة البحر" المستوحاة من قصيدة للشّاعر سميح القاسم بعنوان "ويكون أن يأتي طائر الرّعد".
د. كوثر جابر قسّوم كان لها مداخلة نقديّة في الأمسية عن شعر سميح وأدبه، يشار إلى أنّ النّاقدة أصدرت في العام الماضي سنة 2024 كتابًا تناول نثر سميح حمل عنوان "الشّاعر في إهاب النّثر، دراسات في المنجز النّثريّ لسميح القاسم".
الفنّان صالح بكري يلقي من شعر سميح القاسم
وفي الفقرة التّالية، ألقى الفنّان صالح بكري من شعر سميح القاسم وقد اختار سرديّة معبّرة بشكل جميل مع الذّكرى، فقد ألقى قصيدة لسميح بعنوان "كلمة الفقيد في مهرجان تأبينه"، فكانت بإلقائه الجميل ذات وقع ينسجم مع روح الأمسية المثيرة.
وكانت كلمة د. نبيه القاسم عبارة عن مداخلة نقديّة ذاتيّة، وقد أشار إلى العلاقة الوثيقة بين مثلّث يوم الأرض والشّاعر سميح القاسم، وفي غمار كلمته قال د. نبيه: "لم يكن سميح مجرّد شاعر مرّ في تاريخ الشّعر العربيّ والفلسطينيّ بل كان ظاهرة شعريّة أدبيّة وطنيّة سياسيّة فريدة من نوعها، إذ كان له أثر على مجمل حياتنا في الدّاخل وعلى مستوى الشّعب الفلسطينيّ".
وكان بعد مداخلة د. نبيه فاصل آخر من الشّعر للشّاعر علي هيبي، فقد ألقى قصيدتيْن: الأولى بعنوان "من غشّنا ليس منّا" والثّانية بعنوان "إذ هم عليها قعود"، من ديوانه الّذي سيصدر قريبًا بعنوان "غزّة أرضيّة".
كانت المداخلة الأخيرة للمحامي والكاتب جواد بولس، وقد قال في كلمته: "ما زلت أذكر سنة 1974 وأنا طالب جامعيّ ما كتبه سميح عن الفتاة منتهى الحوراني وكيف دهستها الدّبابة الإسرائيليّة، فكانت شهيدة تستحقّ الحياة، ومن أجمل ما كتب سميح سيرته الذّاتيّة الّتي اعتبرها "إنّها منفضة"، على اعتبار أنّ العالم رماد حياتنا"،
وكانت مداخلة وطن القاسم نجل الشّاعر الرّاحل تعبيرًا عن أسرته ومؤسّسة "سميح القاسم"، وقد اعتبر وطن أنّ "عائلة أبيه عائلة كبيرة وليست محصورة بآل القاسم، وبعد عشر سنوات على رحيله نلمس ونرى كم كان له من محبّين ولشعره من معجبين"، وقد قال: "إنّكم تفقدون شاعرًا ومناضلًا، ونحن مثلكم، وإلى جانب هذا الفقدان الكبير، نحن في الأسرة فقدنا أبًا حنونًا، متواضعًا، بسيطًا وخفيف الظّلّ، كان يحبّ النّاس وقد عاش في كلّ قرية ومدينة من قرانا ومدننا، فشكرًا لسخنين وبلديّتها وأهلها على تكريمه في حياته وعلى منحه المواطنة وعلى تكريمه في الذّكرى العاشرة لرحيله. وكانت الفقرة الفنّيّة مسك الختام للفنّان نبيل عوض بالغناء الجميل لقصيدة الشّاعر الرّاحل "منتصب القامة أمشي".
( إعداد: الشاعر علي هيبي )