آخر الأخبار

صمود وانتصار أم نكبة ثانية ودمار؟

شارك الخبر

"كيف حصل هذا؟ ومن أجل ماذا هذا كله؟" تساءل الصحافي كريم أبو الروس، من غزة ويعيش مؤخرًا في بلجيكا في منشور على صفحته أرفقه بصورة أشخاص يتجولون بين دمار تام في إحدى مناطق قطاع غزة.

أبو الروس، المعارض لحكم حماس، اتهم بعض القنوات الإعلامية العربية وبعض المؤثرين والمعلقين من العالم العربي ومن خارج غزة عمومًا بالمتاجرة في دماء أهل غزة عند الحديث عن انتصار بينما الواقع يعكس دمارًا شاملًا في غزة وعائلات بأكملها تدمرت وحتى مُسحت من السجل المدني وكارثة إنسانية ستطول تبعاتها لسنوات عديدة.

هذا التساؤل وهذا الموقف هما جزء من نقاش قائم في الشارع الفلسطيني والعربي منذ بدء الحديث عن التوصل لاتفاق وقف اطلاق النار، فقد انقسم الشارع الفلسطيني بين من يؤكدون أن ما حصل هو انتصار لغزة ويعززون موقفهم بصور للاحتفالات في غزة بعد وقف اطلاق النار ولصور لمقاتلي حماس ومركباتهم تتجول بين الناس في غزة، وبين من يصرون على أن لا علاقة لمصطلح انتصار بما حصل في غزة من دمار وخراب وقتل.
أحد المعلقين من غزة قال أن وصف ما حصل بالانتصار، يقلل من حجم الإبادة التي حصلت في غزة "نحن تعرضنا لإبادة حقيقية، ونكبة وكارثة لم يشهدها أي شعب في العالم، هذا ما يجب أن نحتفظ به، وما يجب أن نحافظ على سرده، لأنه غير هذه الرواية تضر بنا، وتخدم الاحتلال، وتبرءه من كافة التهم والجرائم الملتصقة به، وإذا ادعى أحد اننا منتصرين بالمطلق ، فإن العالم سوف يبارك لك انتصارك، ويتمنى لك المزيد من الانتصارات بهذه الشاكلة".

اعتمادًا على موقف اليمين الاسرائيلي؟

وهذا ما أكده أيضًا الناشط والكاتب سامي سوالمة من رام الله والذي تطرق لاعتماد البعض على استياء اليمين الإسرائيلي من الصفقة بأن هذا يعني انتصار غزة: "لفهم العقل الصهيوني اليميني يجب أن ننظر إلى أشخاص مثل بيني مورين وألان ديرتشوفيتز يعتبرون نكبة 1948 وهزيمة 1967 هزائم لإسرائيل وانتصارات للعرب، لأنهم لم يتم طرد كل العرب وقتها، وهذا المنطق تعززه رواية حماس ومؤيديها حول الانتصار، انتصار لأن أهل غزة لم يموتوا ولم يهجروا جميعًا؟ كيف لمن طالب أمريكا لمدة سنة ونصف لوقف الحرب، ولحسن الحظ فاز ترامب وقرر اجبار إسرائيل على ذلك، كيف لم قام بهذا أن يعلن الانتصار على آثار مدينة مدمرة؟ علما اهداف المعركة عند اطلاقها لم يتحقق منها أي شيء، لم يتم تبييض السجون ولا يتغيّر واقع غزة إلى الأفضل، ولا واقع القدس ولم يتم فك الحصار، باختصار، ما تفعله الجزيرة واستعراض حماس، هو مجرد بيع أوهام للناس".
أحد الناشطين كتب "60 ألف قتيل، 120 ألف جريح، 8 آلاف مفقود، 20 ألف أسير، مليونا نازح وتدمير 80% من قطاع غزة ونسبة فقط 100% ولا ماء ولا كهرباء ولا وقود، ومقتل معظم قادة حماس وتقلصت مساحة فلسطين أكثر باحتلال إسرائيل المزيد من الأراضي، وهنالك من يقول عن هذا كله انتصار ويحتفل، فكيف تكون الهزيمة اذًا؟".

الصمود لا يعني انتصار، لم يكن لدينا خيار سوى الصمود اصلا

"يحاول البعض وصف صمودنا في غزة كأنه انتصار" يقول ناشط من غزة فضل عدم ذكر اسمه "الصمود لا يعني الانتصار، كأنه كان لدينا خيار آخر غير الصمود، ثم ما الذي يعنيه الصمود؟ ألا نموت؟ هذا لا نقرره نحن، ألّا نهرب؟ لو فتحت المعابر لهرب معظم الناس، الفرح بعد انتهاء الحرب طبيعي وشرعي لكنه لا يمت للانتصار بصلة، حياتنا في غزة لم تكن مثالية، كان الحصار يخنقنا، والبطالة تسيطر علينا، والدمار الذي يتسببه العدوان الإسرائيلي الذي يتكرر كل عام أو عامين ينكّد عليها ويضيّق حياتنا، لكن تعايشنا مع الأمر وانتظرنا دائمًا أن يفك الحصار وتتحسن أحوالنا، ثم جاء السابع من أكتوبر وبدأ الكابوس، شعبية حماس كانت منخفضة جدًا في غزة وكانت تشعر أن انقلاب الناس ضدها بات قريبًا فقامت بما قامت به، ولم تكتف بخطف وقتل جنود ليقال أنها عملية عسكرية، بل خطفت مدنيين، وهذا ما اعطى إسرائيل شرعية عالمية لتفعل بغزة ما فعلته، ربما لم تحقق إسرائيل أهدافها المعلنة، لكن هذا لا يهمنا بقدر ما تهمنا حقيقة أن حياتنا في غزة تدمرت كليًا، ولا أعرف ما اذا كانت ستعود إلى طبيعتها في يوم ما".

الكاتب اللبناني المتابع للشأن الفلسطيني، نضال السبع، كتب "اثبت السابع من اكتوبر، ان الاسرائيلي قادر على قتل وجرح ربع مليون غزاوي واحتلال وتدمير غزة بالكامل وتهجير مليوني انسان، واقناعك في الاخير انك المنتصر وهو المهزوم".

الانتصار هو اسرائيل فشلت بتحقيق اهدافها

أبناء الداخل الفلسطيني، بمعظمهم منذ بداية الحرب تجنبوا التعليق عما يحصل في غزة خوفًا من الملاحقات، إلا أن الصفحات في الأيام الأخيرة امتلأت بالتعليقات التي باركت وقف اطلاق النار ووقف معاناة الناس في غزة دون التطرق لنقاش الانتصار والهزيمة، ناشط من الناصرة فضل ألا نذكر اسمه قال: "لسنا في مكان نقرر ما اذا كانت هذه هزيمة أو انتصار لغزة، أهل غزة لوحدهم هم الذين يحق لهم تقييم ما حصل معهم، واحتفالاتهم واضح أنها نابعة من فرحتهم بتوقف القصف اليومي والقتل، بتوقف الكابوس، لكننا وكوننا نعيش هنا، ونرى ما يحصل في الساحة الإسرائيلية، نستطيع أن نقول أن إسرائيل لم تنتصر، نعم، إسرائيل دمرت غزة بأكملها، ألمانيا النازية عندما دخلت الأراضي الروسية دمرت مدينة ستالينغراد بالكاملن لم يبق منها أي شيء، مئات آلاف الروس قُتلتهم ألمانيا النازية، الدمار كان أضعاف أضعاف ما حصل في غزة، وفي النهاية خسرت المانيا الحرب باعتراف العالم بأكمله، لأنها لم تحقق أهدافها السياسية، لذلك فإن القتل والدمار برغم ما يسببه من ألم، إلا أنه لا يحدد الانتصار والهزيمة، إسرائيل لم تحقق أهدافها، في البداية قالوا انه سيتم تهجير أهل غزة إلى سيناء، ولم ينجحوا بذلك، ثم تحدثوا عن انهاء حماس عسكريًا، أضعفوها، لكنهم لم ينجحوا بذلك، ثم قالوا انهاء حماس كليًا، ولم ينجحوا بذلك والصور من غزة تتحدث عن نفسها، ثم قالوا اخلاء شمال غزة كليًا، ورغم الدمار، الاتفاق ينص بعودة الناس إلى الشمال. وتحدثوا عن إعادة المخطوفين بالقوة العسكرية، ولم ينجحوا بذلك وها هم يعودون بصفقة، وتحدثوا عن خطة الجنرالات وعن أمور كثيرة أخرى، ولم ينجحوا بأي منها، بل وجلسوا على طاولة الحوار مع حماس وانتظروا ردها، نجحوا فقط بتدمير البيوت وقتل المدنيين، وهذا يمكن أن يكون انتقامًا ناجحًا، لكنه ليس انتصارًا عسكريًا".

"بناء ما هُدم ممكن بل وقد يكون سريع وسهل مع المساعدات المتوقعة، وصحيح أن لا شيء يعوض القتلى والمصابين، لكن هذه المواجهة كانت ستحصل في يوم ما مع استمرار الحصار الإسرائيلي واستمرار العنجهية الإسرائيلية" كتب احد الناشطين من غزة في صفحته "الأمر لا يتعلق بحماس، فالناس في غزة يكرهون إسرائيل التي تشن كل عام أو عامين عدوانًا عليهم، يكرهون إسرائيل التي تحاصرهم وتقتلهم وتنتهك مقدساتهم، ومهما استاؤوا من حماس وسياساتها إلا أنه لا مجال للخلط بين الأوراق، إسرائيل هي العدو وهي المعتدي، وإسرائيل تلقت في السابع من أكتوبر ضربة ستبقى آثارها كبيرة بداخلها وداخل مواطنيها، وبعد السابع من أكتوبر، إسرائيل كشفت عن وجهها الحقيقي أمام العالم عندما قررت خوض حرب انتقامية ضد المدنيين والأطفال والبيوت، العالم كله اليوم عرف ما هي إسرائيل التي نحذر منها منذ سنوات، والقضية الفلسطينية عادت إلى مكانتها بعدما تراجعت لسنوات، وفي نفس الوقت إسرائيل لم تحقق أهدافها، ولم تنتصر على حماس كليًا كما قالت ولم تهجّر غزة، وها نحن نرى حكومة نتنياهو تتفكك والوزراء يتركونها غاضبين، ولولا دخول ترامب وفرضه انهاء الحرب على نتنياهو، ما كان الأخير سينهيها، فكيف لا يكون هذا انتصار؟ نعم غزة انتصرت لأنه في الحرب التي تكون بين طرف قوي ومدعوم عالميًا وطرف ضعيف، معايير النصر والهزيمة تكون مختلفة، وبالأساس تكون هزيمة الطرف الأقوى بعدم تحقيقه لأهدافه، وهذا ما حصل في غزة".

هذا النقاش هو النصر والهزيمة، هو نقاش دائم وقائم في العالم العربي منذ سنوات، في لبنان أيضًا وصف أتباع حزب الله ما حصل معهم بالنصر لأن إسرائيل لم تحقق أهدافها بانهاء قوة حزب الله رغم أنها قتلت معظم قياداته، فيما وصفت أطراف لبنانية أخرى ما حصل لحزب الله بهزيمة كبرى واستراتيجية خصوصًا وأن ما حصل لحزب الله سهُل من سقوط حليفه في دمشق، وخروج سوريا من محور المقاومة. أما في غزة، فإن النقاش فعلًا سيطول، الشعب الفلسطيني بأغلبيته، والشعوب العربية العادية، وأتباع محور المقاومة، يعتبرون ما حصل انتصارًا اسطوريًا لأن إسرائيل لم تحقق أهدافها، ويعززون روايتهم بصور الاحتفالات في غزة، فيما يعتبر قسم من سكان غزة والفلسطينيين عامة المعارضين لحماس خصوصًا، وأتباع محور دول الخليج وأمريكا وحتى أتباع السلطة الفلسطينية، أن ما حصل عبارة عن كارثة وهزيمة ونكبة جديدة، ويعززون موقفهم بصور الدمار الهائل في قطاع غزة.

بكرا المصدر: بكرا
شارك الخبر

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا