اكد استاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية بعمان الدكتور جمال الشلبي ل بكرا أن كل المؤشرات تدل على أننا نتجه نحو هدنة حقيقية لعدة أسباب.
وقال السبب الأول هو أن حركة حماس لم تعد تمثل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل كما كانت في السابق، خاصة بعد استنفاد سلاحها الاستراتيجي أو تراجع قدرتها على تلقي الإمدادات العسكرية من الخارج.
واشار الى ان السبب الثاني هو أن جبهة الدعم التي كان يمثلها حزب الله لم تعد موجودة حاليًا بعد توقيع اتفاق الهدنة بين حزب الله وإسرائيل برعاية أمريكية وفرنسية في 27 نوفمبر.
ثالثًا، فإن تفكك دول كبرى مثل سوريا وتحولها من نقطة اتصال وتواصل بين إيران وحزب الله إلى دولة محايدة، على الأقل في هذه المرحلة، يسهم أيضًا في التوجه نحو هدنة حقيقية."
توافق أمريكي-مصري على ضبط الحدود بين غزة ومصر
وأضاف الشلبي: "هناك توافق أمريكي-مصري على ضبط الحدود بين غزة ومصر، مما يمنع إعادة تسليح حماس، وهو شرط وضعته إسرائيل للانسحاب من محور صلاح الدين (فيلادلفيا).
وعلى الصعيد الأمريكي، فإن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب تمتلك تصورًا مختلفًا عن إدارة جو بايدن، إذ أظهرت قدرة واستعدادًا لاستخدام أقصى درجات القوة لتحقيق أهدافها، مما جعل جميع الأطراف، سواء المتحاربين (إسرائيل وحماس) أو الوسطاء (مصر وقطر)، إضافة إلى الراعي الأكبر (الولايات المتحدة)، ينتقلون إلى التفكير في مرحلة ما بعد الحرب في غزة، أي من سيحكم وكيف سيحكم غزة."
وتابع: "بالنسبة لأمريكا، هناك معضلة واضحة في غزة. الجميع يدرك أن الولايات المتحدة تدير المشهد من وراء الكواليس، إذ أنفقت أكثر من 22 مليار دولار على دعم إسرائيل خلال الـ15 شهرًا الماضية، إلى جانب الدعم الدبلوماسي والسياسي في مجلس الأمن. لكن هذه المشاركة أثرت سلبًا على صورة أمريكا كداعم للديمقراطية وحقوق الإنسان. لذلك، ترى الإدارة الأمريكية ضرورة إيقاف هذا الانهيار في صورتها من خلال العمل على إنهاء الحرب."
وأشار د. الشلبي إلى أن "الولايات المتحدة تحتاج إلى التركيز على التحديات الاستراتيجية الكبرى في جنوب آسيا وشرقها، مثل مواجهة الصين وكوريا الشمالية، والتي تشكل تهديدًا اقتصاديًا وعسكريًا كبيرًا. أما بالنسبة لإيران، فإنها ما زالت تمثل طموحًا نوويًا يشكل خطرًا كبيرًا على إسرائيل والمصالح الأمريكية في المنطقة، وهو ما دفع إلى توافق أمريكي-إسرائيلي في هذا الشأن."
وأوضح أن "إيران ضعفت كثيرًا بعد إضعاف حلفائها في المنطقة، مثل حزب الله، الذي لم يعد قادرًا على تهديد إسرائيل بصواريخه. وهناك تصور لبناء تحالف عربي-أمريكي-إسرائيلي ضد إيران، يُطلق عليه 'الناتو السني'. وقد سعت إيران، في محاولة لتجنب هذا التحالف، إلى الاتفاق مع السعودية، كما حدث في اتفاق 10 مارس 2023."
من المنتصر؟
وتساءل د. الشلبي: "من المنتصر؟ الجميع حقق مكاسب وخسر في ذات الوقت. حماس أعادت القضية الفلسطينية إلى جدول الأعمال الإقليمي والدولي، وكبحت جماح موجة التطبيع مع إسرائيل، خاصة مع السعودية، التي التزمت بموقفها الرافض للتطبيع دون دولة فلسطينية. في المقابل، استطاعت إسرائيل تفكيك تهديدات حزب الله وإضعاف إيران بحد أدنى من التكاليف.
أما الولايات المتحدة، فقد أكدت دورها كقوة رئيسية في المنطقة وفرضت عملية سلام تعزز مصالحها، بما في ذلك بناء شرق أوسط جديد قائم على الاقتصاد، من خلال مشاريع مثل 'الهندي-الخليجي'، 'نيوم'، و'الشام الكبير'، الذي قد يشمل سوريا وربما إسرائيل في المستقبل."
واختتم الشلبي حديثه بالقول " بين النجاحات والإخفاقات والانتصار والخسارة هناك تحول جديد في المنطقة هو شرق أوسط جديد".