آخر الأخبار

الصدام بين السلطة وكتائب مخيم جنين والتوقيع على الصفقة

شارك الخبر

يجتاح مخيم جنين في الآونة الأخيرة صدامات عنيفة ودامية بين قوات من السلطة الفلسطينية وكتائب مخيم جنين، وقد أرسلت هذه القوات الفلسطينية إلي مخيم جنين من رام الله لمواجهة كتائب هذا المخيم، التي عجزت إسرائيل في مقاومته خلال الأشهر العشرة الأخيرة.

فقد بذلت إسرائيل بعد الحرب على غزة وخلال عمليات مستعربين وقوات خاصة وقوات جوية لمواجهة الانتفاضة الشعبية والمدنية في منطقة جنين، بحيث أرسلت قوات كبيرة من النخبة والقوات الخاصة الإسرائيلية إلى هذه المنطقة وقتلت العديد من المقاتلين هناك، وجرفت الشوارع وهدمت البيوت في منطقة المخيم والمنطقة المحيطة بها.

وبعدها قامت بأرسال قوى المستعربين إلى هذه المناطق لاغتيال العديد من أعضاء هذه الكتائب في مخيم جنين ومخيم طولكرم ومناطق أخرى، ولأول مرة منذ عام 1967 بدأت إسرائيل استعمال الطائرات العسكرية النفاثة والطائرات بدون طيار، لهدف تفجير المباني والبيوت التي حصدت فيها حياة العديد من الشباب الفلسطينيين القاطنين هناك، ويعتبر هذا امرًا منافيًا للقانون الدولي بحيث أن هذه المنطقة تعتبر منطقة محتلة منذ خمسين عامًا تحت السيادة الإسرائيلية، ويعتبر ذلك أمر منافيًا للأعراف الدولية بان تقوم بالتفجير مناطق تحت سيادتها، لكن ما تفعله إسرائيل في غزة اختلط عليها وأصبحت لا تفرّق بين ما يحدث في غزة أو ما يحدث في جنين او يمكن أن يحدث في مناطق أخرى.

ولا نعرف بالضبط كيف تحولت الأمور، لكن نتيجة لصراع وخلاف بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، قامت هذه السلطة برئاسة- أبو مازن- بالهجوم وبقوات من الحرس الرئاسي وجنود من السلطة الفلسطينية، على مخيم جنين بهدف السيطرة عليه والقضاء على كتائب المخيم.

ويعتبر ذلك نقطة تحول خطيرة لعلاقة السلطة مع الجهاز المدني لمناطق مختلفة من الضفة الغربية، هذا ولم تفعل السلطة الفلسطينية بأي خطوات عملية تذكر في مواجهة الاستيطان بكافة انحاء الضفة الغربية، خاصة إبّان الوزير سمو ترتش الذي يدعم الاستيطان على أعلى المستويات، سواء كان ذلك بضخ الميزانيات الهائلة أو بإقامة المستوطنات وبإرسال المستوطنين إلى كافة أنحاء الضفة الغربية والهجوم اليومي على المواطنين المحليين.

كما أن السلطة الفلسطينية لم تنبس ببنت شفة في مواجهة سياسية اعتداءات المستوطنين على سكان الضفة الغربية، إذا كان ذلك أيضا في مناطق الخليل نابلس وطولكرم والقدس.

وقبل أن توقع إسرائيل على صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الاسرى مع الجانب الفلسطيني في قطاع غزة، حذر وزير الدفاع إسرائيل الكاتثس، بان ما حدث في قطاع غزة من تدمير هائل وقصف جوي، يمكن ان يحدث مستقبلًا في الضفة الغربية، وقال ذلك لمواجهة الهبة الشعبية العارمة التي سادت مناطق كثيرة في الضفة من أجل مساندة قطاع غزة ووقف الحرب هناك.

هذا وأعلن أيضا بأن إسرائيل تفكر في بناء جدار كبير على حدود الضفة والأردن يشكل الحدود النهائية لدولة إسرائيل، ويمنع بذلك أي إمكانية لتواصل فلسطيني جغرافي مع الأردن، أي ان حدود إسرائيل ستكون مع الأردن، وان الضفة الغربية ستبقى كاملة تحت السيادة الإسرائيلية، وبذلك يلمح انه في حال وقعت اسرائيل على صفقة مع حماس في قطاع غزة التي يمكن أن تقوم في الوقت القريب، فان المرحلة المقبلة سوف لا تكون استمرارا جغرافيا لقطاع غزة مع الضفة الغربية وتشكل في النهاية دولة فلسطينية.

وتعتبر هذه هي الحسابات الإسرائيلية التي يجمع عليها نتنياهو وحلفاؤه من الأحزاب المتطرفة الأخرى، على أن أي حلّ مستقبلي سوف يكون السيطرة المطلقة على أربعة ملايين فلسطيني في مناطق الضفة الغربية، بدون الاخذ بالحسبان الخسارة الاستراتيجية لإسرائيل في قطاع غزة التي أجبرت فيها على أن توقّع اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، ووقف إطلاق نار آخر مع حركة حزب الله في جنوب لبنان.

إن إسرائيل لا تعيد النظر في حساباتها وتفكّر جليًا في تغيير خياراتها، بل هي مستمرة في نفس التفكير منذ خمسين عامًا، وهو السيطرة على ما كسبته عسكريًا والحفاظ عليه، بدون الاخذ بعين الاعتبار التغيرات الإقليمية والدولية، بحيث أنها ترى أن التوقيع على وقف اطلاق النار مع حركة حماس يمكن أن يؤدي، ونتيجة لصعود دونالد ترامب، إلى ضغوط دولية على المملكة العربية السعودية كي تشارك في اتفاقيات إبراهيم، ولتكون إسرائيل العضو الأقوى والمسيطر فيه تحت المظلة الامريكية، وتستمر في نفس الوقت في السيطرة على الضفة الغربية، وان تشكل السلطة الفلسطينية مقاولًا يخفف من سيطرتها المباشرة، بحيث يقوم بمهام إدارية واقتصادية وجمع الضرائب والخدمات للطرف المحتل.

لذا فإننا لا نعرف ما إذا كانت السلطة الفلسطينية، تقوم بمثل هذه المهام المتعلقة بالصدام في مخيم جنين، بأوامر من المحتل الإسرائيلي كي تكسب المزيد من الامتيازات، أم أن هذا التحرك جاء بأوامر أمريكية، كي تكون السلطة الفلسطينية جزءًا من الإدارة الفلسطينية المُقبلة على قطاع غزة، بحيث أن الدعم الدولي لإعادة الاعمار هناك، سوف يكون نقطة تحول في التغيير الإقليمي للمنطقة، وهذه السلطة معنية بأن يكون لها دور فقدته بالكامل.

هذا ومن الصعب التكهّن وبشكل دقيق أن يتصور نوع من العلاقة بين رام الله والإدارة الحالية لقطاع غزة، كون أن الرؤية التي تبلورت حول سلطة رام الله، لم تثبت نفسها من حيث انكار ما تفعله إسرائيل وما يفعله المستوطنون تجاه السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، لذا علينا أن ننتظر ما ستولى به نتائج الصفقة بين حماس وإسرائيل المُجمع التوقيع عليها في الأيام المقبلة القريبة.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك الخبر

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا