يطالب الالتماس، الذي قدمه مركز عدالة نيابة عن لاجئين فلسطينيين ومنظمة حقوق الإنسان " چيشاة-مسلك"، بالإلغاء الفوري لقانونين ينصان على وقف جميع عمليات الأونروا في القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة. صرّح أحد اللاجئين من مقدمي الالتماس قائلًا: " تعليق عمل الأونروا يعني بالنسبة لي حكماً بالإعدام، إذ لن أتمكن من تحمل تكاليف الأدوية لعلاج الأمراض المزمنة التي أعاني منها أنا وزوجتي".
قدم مركز عدالة، اليوم الخميس الموافق 16 كانون الثاني 2025، التماسًا إلى المحكمة العليا ضد قانونين إسرائيليين جديدين يهدفان إلى إغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا". تم تقديم الالتماس نيابةً عن عشرة لاجئين فلسطينيين سيتضررون بشدة من تطبيق القانونين، بالإضافة إلى”چيشاة-مسلك“– مركز للدفاع عن حريّة التنقل. شدد عدالة في الالتماس على أن القانونين ينتهكان حقوق الإنسان الأساسية والتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي، وسيؤديان إلى عواقب إنسانية كارثية. يطالب الملتمسون بإصدار أمر احترازي مؤقت وعاجل لتأجيل تنفيذ القانونين، المقرر دخولهما حيز التنفيذ في 30 كانون الثاني 2025.
حول القانونين لحظر عمل الأونروا:
يتضمن القانونان ثلاث مركّبات رئيسية التي من المقرر أن يدخل معظمها حيز التنفيذ اعتبارًا من 30 كانون الثاني 2025:
• إنهاء اتفاقية التعاون للعام 1967
ألغى القانونان فور إقرارهما في تشرين الأول 2024 اتفاقية التعاون لعام 1967 بين إسرائيل والأونروا. أتاحت هذه الاتفاقية استمرار عمل الوكالة في القدس الشرقية، والضفة الغربية، وقطاع غزة بعد الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1967
.
• بند منع التواصل
يحظر أي اتصال أو تنسيق بين السلطات الإسرائيلية والمسؤولين الإسرائيليين وبين الأونروا.
• حظر أنشطة الأونروا في إسرائيل وفي القدس الشرقية
يحظر القانونان جميع أنشطة الأونروا داخل إسرائيل، بالإضافة إلى الأنشطة في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل وضمّتها بشكل غير قانوني.
تشمل أنشطة الأونروا الحيوية 380 مدرسة تقدم التعليم لأكثر من 340,000 طالبة وطالب، بالإضافة إلى 65 مركزًا صحيًا يوفر خدمات الرعاية الصحية والأدوية مجانًا. كما تساهم الوكالة في توفير شبكة أمان اجتماعي لدعم اللاجئين الفلسطينيين الأكثر ضيقًا. وتعمل الأونروا أيضًا على تعزيز الأمن الغذائي والاستجابة للأزمات من خلال تقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، بما في ذلك توفير الملاجئ لمئات الآلاف من اللاجئين الذين نزحوا خلال الحرب على غزة.
وفقًا للالتماس الذي قدمته د. سهاد بشارة، المديرة القانونية لمركز عدالة، فإن القانونين قد يؤديان إلى شل عمليات الأونروا في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة. تعتمد خدمات الوكالة بشكل كبير على التنسيق مع السلطات الإسرائيلية، بما يشمل تأشيرات العمل للموظفين الدوليين، استيراد الأدوية والمعدات، إصدار التصاريح لمرور مركبات الوكالة المحمّلة بالإمدادات والمساعدات، بالإضافة إلى التنسيق لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
يسلط الالتماس الضوء على أن السلطات الإسرائيلية، خلال مداولات الكنيست حول هذه القوانين ومنذ إقرارها، لم تقدم أي بديل للمساعدات الحيوية والمنقذة للحياة التي توفرها الأونروا للاجئين الفلسطينيين.
من شهادة أحد الملتمسين: "تعليق عمل الأونروا يعني بالنسبة لي حكماً بالإعدام، إذ لن أتمكن من تحمل تكاليف الأدوية لعلاج الأمراض المزمنة التي أعاني منها أنا وزوجتي. بالكاد يغطي دخل زوجتي تكاليف الغذاء والاحتياجات المعيشية الأساسية. وإذا توقفت الأونروا عن العمل، فسيتعين علينا الاختيار بين الدواء والغذاء."
وأشار ملتمس آخر إلى أنه "إذا أوقفت الأونروا عملياتها، فلن أتمكن من تحمل تكاليف الأدوية التي أحتاجها لعلاج الأمراض المزمنة التي أعاني منها، والتي تُعد حيوية لبقائي على قيد الحياة."
ينظر الملتمسون إلى أن إنفاذ هذه القوانين، التي تهدف إلى تجريد الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين من جانب واحد، سيقوض بشكل خطير حقوق اللاجئين في الكرامة، والتعليم، والصحة، وحرية العمل – وهي حقوق مكفولة بموجب كل من القانون الإسرائيلي والقانون الدولي. كما أن هذه القوانين تمثل خرقًا لالتزامات إسرائيل كقوة محتلة، بما في ذلك واجبها إعطاء الأولوية لرفاه السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة كاعتبار مركزي عند ممارسة سلطتها. في ظل العدوان المتواصل على غزة، من المتوقع أن تؤدي هذه القوانين إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الكارثية في القطاع، وهو ما يتعارض مع التدابير الأولية التي أقرتها محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية (جنوب إفريقيا ضد إسرائيل). يشدد الالتماس أيضًا على أن إنفاذ القانونين قد يشكل انتهاكًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، وقد يرقى إلى جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يجرّم التجويع المتعمد للمدنيين واعتباره نمطًا من أنماط الحرب.
كما يشدد الالتماس على أن القانونين يقوّضان بشكل صارخ الإطار الراسخ للعلاقات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وهيئاتها، بما في ذلك الأونروا. كما أنهما يتعارضان بشكل مباشر مع ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، التي تلزم الدول الأعضاء بدعم هيئات الأمم المتحدة ومنظماتها في أداء أنشطتها. وتنص الاتفاقية أيضًا على ضرورة ضمان الأهلية القانونية اللازمة لهذه الهيئات للقيام بمهامها، إضافة إلى توفير الامتيازات والحصانات الضرورية التي تمكن المنظمة من أداء دورها والوفاء بالتزاماتها بكفاءة وفعالية.