ذكرت في مقال لي على صفحات هذا الموقع، اني لم أنضم في حياتي المهنية لأي تنظيم فلسطيني (فتح وأخواتها) أو لاحقاً لـِ (حماس والجهاد) أو الى أي حزب عربي أو ألماني، كوني عملت في الاعلام الألماني سنوات عديدة (صحف، مجلات، وكالة أنباء). وكنت أرفض التقرب من الأجهزة الأمنية بشكل عام، لأن لدي حساسية مفرطة من كلمة أمن. ولا أزال إعلامياً مستقلاً أعمل من أجل ديني وعروبتي وقضيتي الفلسطينية وأدافع وأكتب عنها، وبحكم عملي الصحفي منذ أكثر من نصف قرن، تعرفت على القيادات الفلسطينية وأجريت معهم مقابلات. أقول هذا الكلام لكي لا يستغل بعض الذين يحاولون الاصطياد في المياه العكرة لمآرب عدائية، اللجوء للتخوين.
قرأت البيان الذي أصدرته حركة فتح يوم السبت الماضي، والذي يحمّل حركة حماس مسؤولية المجازر التي ارتكبت في قطاع غزة. يقول البيان ان حماس: "تسببت في حرب إبادة بحق شعبنا في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، وفي ما وصلت إليه الأوضاع الكارثية في قطاع غزة من انتشار ظواهر الجوع والفقر والحرمان من أبسط الاحتياجات الإنسانيّة، وانهيار منظومة الخدمات الأساسيّة".
وجاء في البيان:" أن حماس تحاول تأجيج الفلتان الأمنيّ والفوضى في الضفة الغربيّة؛ من خلال الدعم الصريح لمجموعات الخارجين على القانون، ولن نسمح لها بتحويل الضفة الغربية الى غزة".
هنا تتلاقى حركة فتح في بيانها مع الموقف الإسرائيلي الذي يحمل حماس مسؤولية ما جرى في قطاع غزة. اسمعوا ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، خلال زيارة إلى الضفة الغربية الأحد المالضي: "لن نسمح بتحويل الضفة الغربية إلى غزة." نفس الموقف الفلسطيني. ثم يتحدثون وبدون خجل عن "مشروع وطني فلسطيني" وهم نفسهم أصحاب البيان أكدوا بوضوح في بيانهم أنهم " أخوة في السلاح" مع القوات الإسرائيلية ضد جنين ومحيطها.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيكون موقف اسرائيل غير ذلك لو لم تقع أحداث السابع متن أكتوبر؟
ما لفت نظري في البيان أن الفتحاويين لم يتطرقوا أبداً في بيانهم الى إسرائيل لا من بعيد ولا من قريب، وقد يكون ذلك ضريبة التنسيق الأمني.
وجاء في بيان فتح: "أنّ الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة هي الامتداد الطبيعيّ والتاريخيّ للثورة الفلسطينيّة المعاصرة للحفاظ على المشروع الوطنيّ الفلسطيني". أي مهزلة هذه؟ فإذا كانت أجهزة القمع والفساد وكم أفواه الناس وملاحقة من ينتقد محمود عباس هي امتداد طبيعي للثورة الفلسطينية، فبئس على هكذا تورة تعمل ضد شعبها.
وعلى فكرة وما دام الشيء بالشيء يذكر فالمعروف أن رئيس سلطة رام الله يتولى رئاسة كل المفاصل الرئيسية في السلطة بما فيها رئاسة حركة فتح. ويبدو أن جمال نزال الناطق الرسمي لفتح لا يعلم بذلك، إذ قال في مقابلة مع فيصل القاسم في برنامجه الاتجاه المعاكس، أن حركة فتح لم توقع على "التنسيق الأمني" مع إسرائيل بل السلطة الفلسطينية هي التي فعلت ذلك. معقول يا جمال هذا الكلام؟ وما الفرق بين السلطة وفتح في الممارسة السياسية؟ ولماذا هذا اللف والدوران؟
اخجلوا من أنفسكم وأعيدوا لحركة فتح هيبتها.