تجتاح البلاد موجة غلاء في كل السلع، وأكثر المتضررين من هذا الغلاء هم العرب، ومعظمهم إمّا من طبقة الموظفين أو العمال أو العاطلين عن العمل. الأجور منخفضة وعدد الذين يقبعون تحت خط الفقر في ازدياد مستمر. والأغلبية تتكئ على القروض وهذا التدهور ازداد سوء بعد الحرب على غزة.
لست اقتصاديًا أو خبيرًا في المعادلات الاقتصادية، لكن لا بد في هذه المعمعة أن أتساءل، ما فائدة هذه الحرب؟ إلى متى؟ ما الجدوى منها؟ لقد بلغت تكلفة الحرب أكثر من42 مليار دولار، ألم يحن الأوان لتغيّر الدولة سياستها؟! لا أجزم ولكني أتوقع أن تنفجر الأمور ذات حين بسبب الغلاء. لن يصمد أمام وحش الغلاء لا الطبقات المسحوقة من العرب أو من اليهود، الكل يرزخ تحت سيف الفقر والغلاء. "وعجبت لمن لا يجد رغيف الخبز في بيته كيف لا يخرج شاهرًا سيفه على الناس"!
هل تزج الدولة بمواطنيها إلى القروض من البنوك والسوق السوداء؟ الإجابة نعم. هل هناك حياة رفاهية في الدولة؟ الإجابة لا. هل نعيش في اوروبا؟ طبعًا لا. وشتان ما بين وبين! فلماذا ندفع الضرائب الباهظة؟ والدولة لديها احتياطي كبير من النفط والغاز، فلماذا هذا الارتفاع في أسعار هذا السلع! ولماذا ندفع ثمن المياه؟ معظم الدول لا تجبي ثمن المياه المستهلكة من قبل المواطن!
سيقول لي أحد القراء، إنّ الناس تسافر إلى دبي والشرم وطابا، وعن أي فقر تتحدث؟ أولا سفر البعض إلى دبي هو معطى هامشي لا يمكن الاستناد عليه، وثانيا، القروض لم تكن يومًا دليلًا على الرفاهية، وسأجيب كذلك بمعطيات رسمية:
"كشف تقرير الفقر لعام 2024 في إسرائيل أن نحو ربع الإسرائيليين يعيشون تحت خط الفقر، فيما تضرر 65% من الإسرائيليين ماليا، مما ينذر بانهيار الصمود الاجتماعي في البلاد بسبب الحروب المستمرة.
وهي أزمة فقر غير مسبوقة!" ومليونا شخص على الأقل يعيشون تحت خط الفقر.
ووفقا لمؤشر الفقر المتعدد الأبعاد الصادر عن منظمة لايت، والذي يعرّف الفقر "بأنه حالة ندرة كبيرة بالنسبة للاحتياجات والظروف المعيشية الضرورية للحياة الأساسية، فإن 22.3% من الأسر، أي حوالي 678 ألفا و200 عائلة، يعيشون في فقر. كما أن 28.7%من السكان، أي نحو 756 ألف شخص، يعانون من الوضع نفسه، ويشمل ذلك 39.6% من الأطفال (مليونًا و240 ألف طفل)".
وتوضح منظمة "لايت" أن "الحد الأدنى لتكلفة المعيشة، الذي يعكس الإنفاق المطلوب للمعيشة الأساسية، ارتفع بنحو ضعف الزيادة في مؤشر أسعار المستهلك، الذي يبلغ 3.6%"، مما ضاعف من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الإسرائيليون. كما أن "معظم الزيادة في مؤشر أسعار المستهلكين تنبع من زيادة أسعار المواد الغذائية والسكن والفواتير، مما يعني أن هناك شريحة من السكان في إسرائيل تعيش في فقر على الرغم من أن مؤسسة التأمين الوطني لم تعرفها على أنها فقيرة".
نختتم فنقول أنّ الأوضاع الاقتصادية تلقي بالإنسان إلى التهلكة. وللوضع الاقتصادي أثر كبير على الحياة الاجتماعية بكل تشعباتها ومن أبرز هذه الآثار انغماس الزوجين في سوق العمل وعدم منح الوقت الكافي للأولاد الأمر الذي يترك أثرًا سلبيًا على تنشئتهما تنشئة صالحة. كل ما ذكرناه يقودنا إلى فكرة بديهية، إسرائيل دولة للأغنياء، وبدلًا من الحرب على غزة، خوضوا حربًا على الفقر!