هذه هي معضلة الشراكة السياسية اليهودية-العربية. لقد كتبت عدة مرات أن القضية التي ستحدد نتيجة الانتخابات المقبلة في إسرائيل هي مسألة الصوت العربي، وتحديدًا مدى تمثيل العرب في الكنيست، وإمكانية مشاركتهم في الحكومة المقبلة. في هذا التحليل، أودّ الادّعاء بأنّ العديد من قادة المعسكر الديمقراطي يخطئون الآن في تقييمهم بشكل كبير، وهو خطأ قد يكلفنا أربع سنوات أخرى من حكومة بقيادة بن غفير، ما سيؤدي إلى نهاية حقبة إسرائيل الديمقراطية.
التوتر بين عنصرين استراتيجيين
على المستوى العملي، هناك توتر بين عنصرين قد يؤدي إلى خطأ كبير. في أوساط المعسكر الديمقراطي الواسع (من نفتالي بينيت إلى يائير غولان)، يسود الاعتقاد بأنه يمكن الوصول إلى 61 مقعدًا أو أكثر من خلال أحزاب يهودية تنتمي إلى هذا المعسكر المتنوع دون الحاجة إلى العرب أو حزب الليكود. هذه هي الفرضية الشائعة لدى قادة ومستشاري المعسكر، وهناك بعض الاستطلاعات التي تدعمها (بافتراض أن بينيت سيشكل حزبًا جديدًا ويُعتبر جزءًا من هذا المعسكر).
أودّ أن أعارض هذا الافتراض! بناءً على البيانات التي أراها وتجربة الماضي، فإن هذه الأحزاب مجتمعة قد تصل في أفضل الأحوال إلى 55-57 مقعدًا. قد يرتفع هذا العدد قليلًا، لكنه لن يتجاوز عتبة 60 مقعدًا. بالطبع، سأكون سعيدًا إذا حدث ذلك، ولكن تحليل الاتجاهات في الانتخابات السابقة (مثل انخفاض شعبية بينيت قبيل الانتخابات وتعزيز نتنياهو لقوته) يدفعني إلى هذا الاستنتاج غير المتفائل.
فرضية بديلة: حكومة يهودية-صهيونية واسعة؟
الفرضية البديلة هي أنه يمكن ضم حزب الليكود إلى هذا التحالف، سواء بعد رحيل نتنياهو أو بموافقته على الانضمام إلى حكومة “يهودية-صهيونية” واسعة بحيث يكون فيها نتنياهو كشريك وليس القائد. أعارض هذه الفرضية تمامًا. أولًا، لأنني أجد صعوبة في تصديق أن نتنياهو سيتنحى من تلقاء نفسه ما لم يكن هناك ائتلاف مستقر بدونه. ثانيًا، حتى في حال غياب نتنياهو، فإن حزب الليكود اليوم أصبح حزبًا قوميًا شعبويًا وعنصريًا بشكل كامل، على عكس الليكود التاريخي، ولا أرى كيف يمكن أن يكون جزءًا من حكومة ديمقراطية حقيقية.
لا حكومة ديمقراطية دون العرب
لذا، أعتقد أنه من شبه المستحيل تشكيل حكومة ديمقراطية ليبرالية تعتمد فقط على الأحزاب اليهودية. ببساطة، لا أرى الأرقام ولا الظروف السياسية تتوافق لتحقيق ذلك (خصوصًا مع رفض ليبرمان الجلوس مع الأحزاب الدينية وعدم شرعية بن غفير وسموتريتش كشركاء). حاليًا، يعلن قادة المعسكر الديمقراطي، خاصة من يمين الوسط، أنهم لن يشاركوا العرب في الحكومة المقبلة.
يبدو أنهم يفعلون ذلك لأنهم يدركون أن الرأي العام بعد أحداث 7 أكتوبر سيجد صعوبة في تقبّل تحالف كهذا، وللحفاظ على أصوات يمين الوسط التي تحوّلت إلى صفهم، يجب أن يلتزموا بهذا الموقف العلني. البيانات التي جمعناها في مركز “أكورد” تدعم هذا التحليل، إذ يظهر وجود معارضة كبيرة في أوساط اليهود المعتدلين لفكرة التحالف مع العرب، مما يخلق تحديًا كبيرًا.
التحذير من انخفاض نسبة التصويت لدى العرب
لكن هنا يكمن الخطر الكبير: أعتقد، بناءً على ما أسمعه من مصادر داخلية، أن بعض قادة المعسكر يخططون للتراجع عن تصريحاتهم بعد الانتخابات وعرض شراكة مع حزب عربي معتدل واحد على الأقل (مثل القائمة العربية الموحدة). هذه الفرضية تنبع من أن الناخبين سيتقبلون هذا التراجع في التصريحات عندما يواجهون خيار العودة إلى حكومة بن غفير.
لكنني أعتقد أن هذا التحليل خاطئ أيضًا، وقد يسبب أضرارًا جسيمة لأي شخص يهمه الحفاظ على إسرائيل كدولة ديمقراطية ومتساوية. السبب هو أن التصريحات الراهنة التي تلوّح بمقاطعة الأحزاب العربية قد تؤدي إلى انخفاض حاد في نسبة التصويت داخل المجتمع العربي، وربما إلى اختفاء كامل للتمثيل العربي في الكنيست. تشير كل الأبحاث السابقة إلى أن العامل الأهم الذي يدفع المواطنين العرب إلى الخروج للتصويت هو الإحساس بأن أصواتهم يمكن أن يكون لها تأثير حقيقي ومباشر في الحكومة.
ماذا يمكن فعله؟
إذن، نحن أمام تحدٍّ حقيقي، لكن النهج الحالي للقيادة الديمقراطية في التعامل معه سيئ للغاية، بل قد يكون مدمرًا. الحل البديل يجب أن يكون أكثر إبداعًا وتعقيدًا. ينبغي أن يكون حلًا لا يتعارض بشكل صارخ مع المزاج العام لدى اليهود، وفي الوقت ذاته يفتح بابًا للعرب للشعور بإمكانية التأثير على حياتهم.
إحدى الطرق المقترحة هي طرح شراكة محدودة أو مشروطة، مثل شراكة مع بعض الأحزاب فقط، أو شراكة غير حاسمة في القضايا الأمنية الكبرى والتركيز على قضايا تهم المجتمع العربي بشكل خاص. على سبيل المثال، تحدّث منصور عباس كثيرًا عن رغبته في شراكة، دون أن يكون الحزب العربي هو العامل الحاسم في القرارات الأمنية الكبرى، وهذا يبدو لي طريقًا ممتازًا يمكن للمجتمع اليهودي أيضًا أن يتقبله.
في الظروف الحالية، قد تكون مثل هذه الشراكة الجزئية حلًا عمليًا لخلق بداية جديدة. هناك حلول أخرى، ولكن هذا هو الإطار الفكري الذي يجب أن نتحرك ضمنه لتحقيق تغيير إيجابي.
الكاتب: عيران هالپيرن – أستاذ علم النفس الاجتماعي والسياسي في الجامعة العبرية ومؤسس مركز “أكورد” – علم النفس الاجتماعي للتغيير الاجتماعي.