السياسة مواقف، منها الإيجابية ومنها السلبية وتقييمها من الشارع العام هو التعبير الحقيقي لمدى مصداقيتها. على صعيد السلطة الفلسطينية، هناك إجماع عام من الشارع الفلسطيني على رفضه لنهج رئيس السلطة محمود عباس وأيضا هناك رفض من الشارع الإسرائيلي للسياسة التي ينتهجها نتنياهو بدليل المظاهرات العارمة التي تشهدها إسرائيل باستمرار قبل وبعد أحداث السابع من أكتوبر عام 2023.
لكن هناك قواسم مشتركة بين الاثنين عباس ونتنياهو لدرجة يمكن تجسيدهما في شخصية واحدة في أمور سياسية معينة. وعلى سبيل المثال الموقف الموحد بينهما فيما يتعلق بإغلاق مكتب فضائية الجزيرة.
في الخامس من شهر مايو/ أيار العام الماضي أعلن بنيامين نتنياهو أن الحكومة الإسرائيلية قررت بالإجماع إغلاق قناة الجزيرة في إسرائيل، متهما القناة بالتحريض. حتى أن الوزير نير بركات ذهب الى أبع من ذلك في هجومه على الجزيرة بقوله: إن "الجزيرة هي أكبر محرك لمعاداة السامية في العالم، ولن نسمح لأعداء إسرائيل ببث دعاية معادية للسامية ومؤامرات الدم".
أما وزير الاتصالات شلومو كاراي فقثد قال وفق موقع واي نت، " لقد مر وقت طويل لنتمكن أخيرا من إيقاف آلة التحريض الملوثة التي تضر بأمن الدولة". الموقع أشار الى نقطة مهمة وهي ان الوزير كاراي يعتزم المطالبة بإصدار أمر بمنع بث القناة في الضفة الغربية أيضا. إسرائيل تدعي دائماً بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ومنت المفترض إذا كانت اسرائيل كذلك ، أن تكون حرية الرأي والتعبير مقدسة لا تمس في هكذا دولة. أليس إغلاق مكتب قناة الجزيرة يتنافى مع دولة تدعي بالديمقراطية؟
وأخيرا تحقق ما أراده الوزير كاراي وتم إغلاق قناة الجزيرة في رام الله. فقد أعلنت السلطة الفلسطينية عن إغلاق مكاتب قناة الجزيرة في الضفة الغربية. المفارقة ان الحكومة الإسرائيلية وافقت بالاجماع على قرار الاغلاق واللجنة الوزارية المختصة المكلفة من الحكومة الفلسطينية قررت تجميد أعمال فضائية الجزيرة. اللافت للنظر أن السبب الذي تحدثت عنه الحكومة الاسرائيلية لإغلاق مكتب الجزيرة هو نفس السبب الذي تحدثت عنه اللجنة الوزارية الفلسطينية حيث قالت ان القناة خالفت القوانين الفلسطينية من خلال بث “مواد تحريضية وتقارير مضللة.”
إقدام سلطة رام الله على إغلاق قناة الجزيرة لم يكن مفاجئاً وكان متوقعاً لسببين: أولهما تماشياً مع الخطوة الإسرائيلية وثانيهما بيان حركة "فتح" الأخير قبل فترة حول قناة الجزيرة انها"تبث الفتنة والتحريض على الاقتتال الداخلي"، ودعوتها الفلسطينيين إلى "عدم التعاطي معها بأي شكل من الأشكال"
وأخيراً...
قول الحقيقة في إسرائيل هو تحريض ومعاداة للسامية وفي السلطة الفلسطينية هو تحريض وبث للفتنة وهنا يلتقي محمود نتنياهو وبنيامين عباس في قاسم مشترك