قال مسؤولان عراقيان في العاصمة بغداد إن نحو 300 عسكري سوري، غالبيتهم ضباط، رفضوا العودة إلى سورية وفضّلوا البقاء في العراق، لأسباب اعتبروها "تتعلق بأمنهم الشخصي"، مؤكدين نقلهم من الأنبار إلى بغداد بعد تفكيك المخيم السابق، الذي أنشئ خصيصاً لهم إثر عودة نحو ألفي عسكري سوري إلى بلادهم الخميس الماضي. وفي الثامن من الشهر الحالي، لجأ المئات من العسكريين السوريين في قوات نظام بشار الأسد إلى داخل العراق، بعد الانهيار السريع في مناطق البو كمال ودير الزور المجاورة.
وشيّد العراق مخيماً في منطقة القائم الحدودية للعسكريين السوريين، مؤكداً أنه لـ"دواعٍ إنسانية ستتم استضافتهم لحين التنسيق لعودتهم إلى بلادهم". والخميس الماضي، أعلنت السلطات العراقية عودة 1905 عسكريين سوريين إلى بلادهم وجرى نقلهم عبر منفذ القائم الحدودي بين البلدين، وبتنسيق مع الإدارة السورية الجديدة. واليوم الاثنين، كشف اثنين من المسؤولين العراقيين في بغداد عن أن نحو 300 عسكري سوري، غالبيتهم ضباط، ما زالوا داخل الأراضي العراقية ورفضوا العودة إلى بلادهم مع زملائهم الآخرين. وقال أحد المسؤولين في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن "القرار العراقي عدم إجبار أحد على العودة، وخُيّروا بين البقاء أو الرحيل، وقسم منهم قالوا إنهم لا يريدون العودة، وأنهم يسعون إلى دولة لجوء أخرى". فيما أكد مسؤول آخر المعلومات ذاتها، وقال إن عددهم يتراوح بين 270 إلى 300، وغالبيتهم ضباط، وهناك عناصر محلية متعاونة مع النظام السوري بينهم أيضاً، يُعتقد أنهم من الفصائل المحلية الساندة، وكلهم جرى نقلهم من الأنبار إلى العاصمة بغداد".
القرار العراقي عدم إجبار أحد على العودة وتم تخييرهم بين البقاء أو الرحيل
وأرجع المسؤول الثاني سبب تجاوب العراق مع رغبتهم في عدم العودة إلى سورية إلى "أسباب إنسانية، خاصة أن قسماً منهم يريدون التأكد من عدم وجود أي أعمال انتقامية ضدهم حال عودتهم إلى بلادهم".
العراق ينقل العسكريين السوريين إلى بغداد
رئيس لجنة الأمن في مجلس محافظة الأنبار، سعد المحمدي، أكد بدوره المعلومات، وقال إن الضباط السوريين الذين رفضوا العودة إلى بلادهم نُقلوا من معسكرهم السابق في محافظة الأنبار إلى بغداد. وبحسب ما قال المحمدي في تصريح لمحطة تلفزيون "رووداو" العراقية المحلية، فإن "بعضهم يخشى العودة إلى سورية، خاصة أولئك الذين كانوا ضباطاً في الجيش والاستخبارات".
وفي 7 ديسمبر/ كانون الأول، وقبل يوم من سقوط نظام بشار الأسد، لجأ أكثر من 2490 من جنود وضباط الجيش السوري، مع عدد من موظفي وحراس معبر البوكمال الحدودي، إلى العراق، وعاد 1905 بين جندي وضباط مع 36 موظفاً مدنياً إلى بلادهم طواعية عبر معبر القائم العراقي، يوم 19 ديسمبر، ما يعني أن المئات منهم ما زالوا في العراق. وذكرت قيادة العمليات العراقية المشتركة، في بيان لها الخميس الماضي، أن "الأسلحة التي كانت بحوزة التشكيل السوري ما زالت في عهدة وزارة الدفاع العراقية، وسيتم تسليمها إلى الحكومة السورية الجديدة حال تشكيلها".
الخبير بالشأن الأمني في محافظة الأنبار الحدودية مع سورية، عمر الحديثي، قال لـ"العربي الجديد"، إن السلطات العراقية سجلت الراغبين بالعودة إلى بلادهم، وكان هناك قسم من الضباط، خاصة برتب نقيب وصعوداً في جيش النظام، رفضوا العودة وطالبوا باللجوء الإنساني المؤقت في العراق". وبيّن أنّ من قرّر العودة عاد فعلاً بناء على تنسيق هو الأول من نوعه بين العراق وسورية، ومن خلال البعثة الأممية في بغداد، وعددهم أكثر من 1900 عسكري، لكن هناك آخرين طالبوا بالبقاء وجرى نقلهم إلى مكان آخر في بغداد، كونهم يخشون على حياتهم في حال عادوا إلى سورية". ووفقاً للحديثي، فإن "غالبية هؤلاء قد يبحثون عن تطمينات داخل سورية الجديدة بشأن عدم التعرض لهم، وآخرين يبحثون عن لجوء في دولة أخرى".