في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في مشهد يعكس سنوات من الألم والمعاناة العميقة، نظمت عائلة العمر في حي بابا عمرو بمدينة حمص مجلس عزاء كبيرًا لإحياء ذكرى أكثر من 100 فرد من أبنائها الذين فقدوا حياتهم خلال سنوات الحرب في سوريا.
كان هذا العزاء مناسبة للتنفيس عن حزن ظل حبيسًا لسنوات طويلة تحت وطأة سياسات النظام السابق، التي حرمت الأهالي حتى من حقهم الأساسي في التعبير عن الفقد وإقامة العزاء لضحاياهم. أحد أفراد العائلة، بصوت ممزوج بالأسى، أشار إلى قائمة الشهداء التي تضم 123 اسمًا وصورة موثقة. وأوضح أن خسائر العائلة شملت كل بيت ضمن الفروع الثلاثة الرئيسية: بيت البكور، بيت الأعراج، وبيت العمر. بين هؤلاء، هناك من لقوا حتفهم تحت التعذيب في سجون النظام منذ عام 2015، وآخرون استشهدوا خلال المعارك التي خاضتها المعارضة ضد الجيش. وأضاف أن العديد من الضحايا رحلوا دون أن يحظوا بفرصة وداع لائقة.
أفراد العائلة تحدثوا عن حجم القمع الذي تعرضوا له في السابق بقولهم إنهم كانوا عاجزين حتى عن الإقرار بوفاة أحبائهم، كما هو الحال مع شخص قال: "لم نستطع أن نقول لأحد إن أخانا توفي في صيدنايا". إقامة هذا العزاء، وفقًا لهم، تعد استعادة رمزية للكرامة المسلوبة بعد تحرير المدينة وسقوط النظام.
المجلس حمل طابعًا اجتماعيًا وإنسانيًا، حيث اجتمع العشرات من أبناء الحي لتجسيد قيم الوحدة والتضامن بين مختلف أطياف المجتمع. أكد أحد الحاضرين على تنوع مدينة حمص ووصفها بأنها فسيفساء تجمع العلويين والسنة والمسيحيين في أجواء من المحبة والاحترام المتبادل. واعتبر أن تجاوز الماضي والعمل على تأسيس مستقبل قائم على العدالة والمساواة هو أولوية.
ورغم التركيز على الحزن والتماسك الاجتماعي، كان للمطالبات بالعدالة والمحاسبة حضور بارز في كلمات الحاضرين. أحد المتحدثين أشار إلى أن العائلة تريد محاسبة المسؤولين عن الفظائع التي ارتُكبت، لكنها لا تسعى للانتقام وإنما لتحقيق العدالة بحكمة وإنصاف. وقال: "نحن شعب بسيط وطيب، لا نحمل الجميع أخطاء البعض".
ومع ختام الفعالية، عبّر الحاضرون عن أملهم في مستقبل أفضل رغم الألم. أحدهم اختصر الرسالة بقوله: "هذه هي سوريا التي نحبها. علينا أن نعمل معًا على إصلاح ما دمرته الحرب". عائلة العمر، مثلها مثل كثير من العائلات السورية، تواصل السعي للتعايش مع خسائرها وبناء حياة جديدة تحمل الأمل للأجيال القادمة