أكد الدكتور أحمد شديد، أستاذ العلاقات الدولية والباحث في الشأن الإسرائيلي لموقع بكرا، أن الحديث عن صفقة أو هدنة تتعلق باستعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة في غزة قد تضاعف في الآونة الأخيرة، خاصة بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان حيز التنفيذ. وأشار إلى أن التطورات الأخيرة تصب في صالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يسعى جاهداً لاستغلال هذه الظروف لتحقيق تقدم في ملف الأسرى.
وأوضح د. شديد أن التهديدات التي استغلها نتنياهو في ترهيب المجتمع الإسرائيلي، لا سيما التهديد الصاروخي من قبل حزب الله، قد تراجعت، مما زاد من حماس الشارع الإسرائيلي، بجناحيه المؤيد والمعارض، للنزول إلى الشوارع والضغط على الحكومة لتسريع التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى.
وأضاف أن مقتل عدد من الأسرى الإسرائيليين شكل ضغطاً إضافياً، ما ساعد على رفع وتيرة المطالبات الشعبية بإنهاء الملف، وأتاح لنتنياهو مبرراً لتجاوز العقبات التي يضعها بعض وزرائه من اليمين المتطرف، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.
وكشف أن هناك مؤشرات على أن اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان قد شمل ملفات تتعلق بغزة، ولو في ملاحق سرية.
وأضاف د. شديد أن تصاعد الحديث عن صفقة الأسرى في الإعلام الإسرائيلي لم يكن عفوياً، بل جاء نتيجة لعملية مدروسة لتأهيل المجتمع لقبول صفقة قد تتطلب تقديم تنازلات مؤلمة. وقال: "سمعنا أصواتاً في إسرائيل تطالب بإعادة الأسرى بأي ثمن، مما يعكس حالة العطش لدى الإسرائيليين لإنهاء هذا الملف."
المناكفات السياسية وتصريحات الوزراء
ورغم ذلك، لفت د. شديد إلى وجود تصريحات متشددة من بعض الوزراء في حكومة نتنياهو، مثل الوزيرة أوريت ستروك، التي دعت إلى إعادة السيطرة على قطاع غزة واستيطانه مجدداً. لكنه اعتبر هذه التصريحات جزءاً من المناكفات السياسية، ولا تعكس واقعاً يمكن تنفيذه حالياً.
وفي المقابل، وصف تصريحات وزير الدفاع الأسبق موشيه يعلون، التي اعتبر فيها أن صفقة التبادل ستكلف إسرائيل أثماناً باهظة، بأنها قد تكون ذات تأثير سلبي على موقف نتنياهو، لكنها في الوقت ذاته تساعده على تبرير المضي قدماً في الصفقة لتخفيف الضغوط الداخلية.
نتنياهو أمام فرصة سانحة
وأكد د. شديد أن نتنياهو بات يمتلك الظروف اللازمة لتحقيق تقدم في ملف الأسرى، خاصة مع تنامي الضغط الشعبي وتراجع المخاطر الأمنية من الجبهة اللبنانية. وأضاف: "نتنياهو الذي يواجه تحقيقات وإستجوابات يسعى للحصول على إنجاز يُضاف إلى رصيده السياسي ويخفف من الضغوط الملقاة عليه ."
واعتبر د. شديد أن المعطيات الراهنة تمهد الطريق نحو توقيع اتفاق تبادل أو هدنة قد تُفضي إلى استعادة الأسرى الإسرائيليين، مشيراً إلى أن ذلك سيكون إنجازاً مهماً لنتنياهو في ظل الظروف السياسية والأمنية الحالية.