في هذه الأيام الصعبة من الحرب، حيث تتغير الحياة بشكل جذري، هناك من يواصلون دعم نظام الرعاية الصحية وتقديم الخدمات للمرضى، حتى عندما يواجهون هم أنفسهم واقعًا معقدًا.
أحد هؤلاء هو علي ياسر (47 عامًا)، مدير معهد العلاج الطبيعي التابع لخدمات الصحة كلاليت في كريات آتا، لواء حيفا والجليل الغربي. علي الذي تم إجلاؤه من منزله في قرية عرب العرامشة يدير حياته بين رعاية أسرته ومواصلة تقديم الخدمات للمرضى.
حدثنا عن نفسك وعن خلفيتك المهنية
"أنا متزوج وأب لخمسة أطفال. أصلي من قرية عرب العرامشة، ولكننا نعيش حاليًا في كفر ياسيف. حاصل على لقب أول في العلاج الطبيعي من جامعة تل أبيب وشهادة بكالوريوس في علوم الطب من معهد التخنيون. بدأت العمل في كلاليت بكريات آتا عام 2003 كمعالج طبيعي، وفي عام 2005 تم تعييني نائبًا للمدير، ومنذ عام 2014 أنا مدير المعهد. هذا العام أعتزم بدء دراسة الماجستير، ومن ثم الدكتوراه في الصحة العامة في جامعة حيفا".
كيف أثرت الحرب على حياتك الشخصية؟
"في 16 أكتوبر تلقينا أمرًا بالإخلاء من القرية. انتقلنا في البداية إلى فندق في الناصرة، وبعد شهر ونصف انتقلنا إلى شقة مستأجرة في كفر ياسيف. نحن نعيش الآن في شقة صغيرة ومزدحمة في الطابق السابع مع أطفالنا الخمسة: طفل يبلغ من العمر 4 سنوات، توأم يبلغان 12 عامًا، طفل عمره 15 عامًا من ذوي الاحتياجات الخاصة ويستخدم كرسيًا متحركًا، وطفل يبلغ من العمر 17 عامًا. الانتقال كان حادًا من منزل مفتوح تحيطه الطبيعة حيث يمكن للأطفال اللعب في الخارج، إلى شقة صغيرة.
هذه الفترة صعبة للغاية. في بداية الحرب، في 10 أكتوبر، تعرضت للسقوط في طريقي إلى منطقة محمية وكُسرت كاحلي. بقيت في المنزل لمدة شهر ونصف مع قدم مكسورة. ذكريات 7 أكتوبر و16 أكتوبر لن تغادرنا. الأطفال يعيشون في حالة من الصدمة بسبب القصف والإنذارات. بالإضافة إلى ذلك، عاد والداي ووالدا زوجتي إلى القرية بسرعة، وللأسف توفي والد زوجتي ولم تتمكن من رؤيته لمدة شهر ونصف بسبب الوضع".
كيف تتعامل مع التحديات في العمل خلال هذه الفترة؟
"تم استدعاء اثنين من الموظفين للخدمة العسكرية، أحدهم لم يتمكن حتى من بدء عمله في المعهد. عندما كنت في المنزل مع قدم مكسورة، أدرت المعهد عن بُعد وتعاملنا مع نقص القوى العاملة. منذ بدء الإنذارات في الشمال، حدث انخفاض بنسبة 40٪ في وصول المرضى. في البداية كان المرضى الشباب هم الأكثر حضورًا، ثم عاد المرضى الأكبر سنًا تدريجيًا بعد التعود على الوضع، خاصة وأن المعهد موجود في منطقة آمنة.
لتجنب التأثير السلبي على المرضى بسبب نقص القوى العاملة، قمنا بزيادة عدد المجموعات العلاجية بدلاً من العلاج الفردي. وظفتُ متطوعة للعمل في المكتب ووسعنا بشكل كبير نطاق إعادة التأهيل عن بُعد عبر نظام جديد. هذا النظام يتيح العلاج عبر مكالمات الفيديو، حيث نبني خطة علاجية، نراقب جودة العلاج، نضمن تنفيذ التمارين بشكل صحيح، ونقدم تمارين جديدة حسب الحاجة. بين الحين والآخر، يحضر المريض إلى المعهد للفحص المباشر. هذا النظام لا يناسب الجميع، ولكنه مفيد بشكل خاص للمرضى الأصغر سنًا أو الذين تعرضوا لحوادث طرق أو إصابات عمل وبعض المرضى الأكبر سنًا".
ما هي التحديات الرئيسية التي تواجهك حاليًا؟
"التنقل اليومي من كفر ياسيف إلى كريات آتا مليء بالمخاوف بسبب الإنذارات في الطريق، بالإضافة إلى القلق على الأسرة التي تبقى في المنزل. الأطفال يبقون في المنزل بسبب عدم وجود أطر تعليمية، يتعلمون عبر الزوم، وليس لديهم فرحة الحياة. لا يمارسون النشاطات البدنية، ويبقون أمام الشاشات، ولا يرون العائلة أو الأصدقاء. يريدون بشدة العودة إلى منزلهم، ولكنهم يخشون ذلك في نفس الوقت.
أنا وزوجتي، وهي معلمة لغة عبرية تدرس عبر الزوم، نتشارك في رعاية ابننا ذو الاحتياجات الخاصة لأن العلاج الطبي والرعاية المعتادة التي يتلقاها في الإطار المعتاد ليست متوفرة، وهذا يتطلب الكثير من القوة النفسية. لدي ثمانية إخوة وأخوات، ثلاثة منهم في الخدمة العسكرية، ولم أرهم منذ عدة أشهر. كنا معتادين على الاجتماع كل نهاية أسبوع عند والدتي في القرية".
كيف تجد القوة للاستمرار؟
"يحتاج الأمر إلى شخصية قوية، وأنا أتمتع بها. أحظى بدعم كبير من مديرتي، كارين كاتسنيل، التي تسعى دائمًا لتقديم المساعدة، وكذلك من خلال الطاقم المتماسك في المعهد الذي يدعم بعضه البعض. في المنزل، التعاون بين الزوجين ضروري، وابننا البكر يقدم مساعدة كبيرة".
ما هي رسالتك لهذه الفترة؟
"هذه فترة صعبة للغاية، مليئة بعدم اليقين والخوف. على الرغم من كل الصعوبات، يتعلم الإنسان كيف يتعامل وكيف يجد القوة النفسية. ليس من السهل التعايش مع تحديات جديدة يوميًا وفي شعور دائم بالحرب. أنا مؤمن بأننا سنتغلب على العقبات وكلي أمل وأن يعود جميع المُجلى عنهم إلى منازلهم والمختطفون إلى ديارهم، وأن نتمكن من العودة إلى حياتنا الطبيعية. أعتقد أنه بعد الحرب سنخرج أقوى من جميع النواحي".