في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
غزة- مع اشتداد الأمطار في قطاع غزة، ينتشر موظفو البلديات في الشوارع المُدمّرة في مساعٍ لتخفيف تجمعات المياه التي تغرق الطرقات وخيام النازحين، رغم افتقار هذه الجهات إلى مقومات العمل بعد تعمُّد الاحتلال استهداف مقراتها ومخازنها خلال الحرب الأخيرة.
ويواصل العاملون في البلديات مهامهم على مدار الساعة في ظروف قاسية فاقمها تدمير البنية التحتية، إذ وثّقت الجزيرة نت قضاءهم أوقاتا طويلة تحت الأمطار لتقليل حجم الأضرار التي تلحق بمئات آلاف النازحين.
تركت حرب إسرائيل الأخيرة على غزة آثارا مدمرة على الهيئات المحلية التي تكافح من أجل استمرار عملها. ويقول رئيس بلدية مدينة غزة، الدكتور يحيى السّراج، إن البلديات تعمل بظروف بالغة القسوة والتعقيد وبإمكانات شبه معدومة، وتجتهد في إدارة أزمة طارئة وطاحنة ولا تقدم خدماتها بالشكل الطبيعي.
ويوضح للجزيرة نت، أن بلديات غزة تعتمد على ما تبقى من آليات قديمة قليلة العدد ومتهالكة لا تتجاوز قدرتها التشغيلية 15% مما كان متوفرا قبل الحرب، وترهق كاهل البلديات بأعمال الصيانة الدورية في ظل شح قطع الغيار وارتفاع أسعارها، إضافة للاعتماد على الكادر البشري والمعدات البدائية في كثير من الأحيان.
ولفت السّراج، إلى أن البلديات اضطرت في كثير من الحالات، للاستعانة بالقطاع الخاص، وذلك عند توفر جهة ممولة أو مانحة، عبر استئجار عدد محدود من الآليات وتشغيلها في تقديم الخدمات الأساسية والملحّة، كفتح الطرق وإزالة الركام وتسليك خطوط الصرف الصحي وفق إمكانيات مالية محدودة جدا. وهو حل اضطراري ومؤقت ومرهق لا يمكن الاعتماد عليه في ظل حجم الدمار القائم.
ويعمل في بلديات قطاع غزة نحو 5 آلاف موظف من عمال وفنيين ومهندسين وإداريين، واستُشهد العشرات منهم أثناء تأديتهم واجبهم الإنساني في الميدان، وأصيب آخرون كُثر، وتضررت منازلهم وتشرّدت عوائلهم.
وتعد رواتب موظفي البلديات بقطاع غزة من أكثر الملفات تعقيدا في ظل الحرب الإسرائيلية وتفاقم الأزمة المالية للمجالس البلدية، كما يقول السّراج الذي يرأس اتحاد بلديات القطاع.
ويضيف أن الإيرادات المحلية شبه متوقفة، وعمليات تحصيل رسوم الخدمات معطّلة، ما يجعل البلديات غير قادرة على صرف الرواتب بشكل منتظم.
ونوّه إلى أن ما يُصرف حاليا لا يتجاوز سُلفا جزئية أو مبالغ رمزية كلما توفّرت إمكانيات محدودة، ولا تلبي الحد الأدنى من احتياجات الموظفين الذين يواصلون العمل رغم حاجتهم وظروفهم الإنسانية الصعبة، ولم يخفِ تذمُّر العاملين الذين بدؤوا بدراسة خطوات احتجاجية وتصعيدية.
وأشار إلى أن أهالي الشهداء من العاملين في البلديات، وكذلك المتقاعدين خلال فترة العدوان، يعانون بسبب عدم قدرة المجالس البلدية على تسوية أوضاعهم واشتراكاتهم لدى هيئة التقاعد الفلسطينية نظرا لتوقف إيرادات البلديات، وتراكم ملايين الشواكل المستحقة لصالح الهيئة.
وفي إطار التعامل مع حالة الطوارئ حاليا، تعتمد بلديات غزة -حسب السّراج- على:
ويأتي كل ذلك ضمن حلول مؤقتة لا يمكن أن تشكل بديلا حقيقيا أو مستداما، حيث يتراكم على البلديات مئات الملايين من الشواكل (العملة المحلية) دُيون لعدة جهات.
وتعمل داخل قطاع غزة 25 بلدية، أخرج جيش الاحتلال معظمها عن الخدمة مع سيطرته على نفوذها الواقع داخل الخط الأصفر بعد توقف الحرب، لكنها بقيت تقدم خدماتها للسكان النازحين خارجها.
وطالت السيطرة الإسرائيلية كل نفوذ بلدية رفح جنوب القطاع، وبلديات عبسان الكبيرة والجديدة وبني سهيلا وخزاعة الواقعة شرق محافظة خان يونس، وجميع أراضي بلدة بيت حانون شمال القطاع، إضافة لمساحات واسعة من نفوذ بلديات بيت لاهيا وجباليا وغزة، وبلديات المحافظة الوسطى.
وفي السياق يقول محمد مصلح رئيس بلدية المغازي، إحدى هيئات محافظة وسط قطاع غزة، إن تحديات كثيرة واجهتهم خلال الحرب، أبرزها قصف مقر البلدية ومخزنها الرئيسي، وبالتالي فقدان مقومات العمل. وباتت البلدية تعمل وفق حالة الطوارئ بما يؤدي لتقديم الخدمة الأساسية للمواطنين بالحد الأدنى من توفير مياه وصيانة آبار وخطوط الصرف الصحي التي تضررت.
وأوضح مصلح للجزيرة نت، أن البلدية تواصلت مع المؤسسات الشريكة المحلية لإرفادها بمشاريع صغيرة تُمكنّها من استكمال عملها لاسيما مع فقدان مصادر الدخل المحلية التي كانت تعتمد عليها في عملها.
ومع ذلك، يواصل مصلح، فإن الخدمات لا تزال بالحد الأدنى، كتوفير ثلث احتياج المواطنين من المياه بشكل يومي، ومعالجة آثار المنخفضات الجوية وخدمات النظافة، وذلك بعدما فقدت بلدية المغازي آليتين ثقيلتين نتيجة استهداف الاحتلال لهما، وبالتالي اضطرت البلدية لاستئجار ما تحتاجه في ظل انعدام القدرة على توفير بديل لها مع رفض الاحتلال إدخال أي منها.
ويُذكر أن الحكومة المصرية أدخلت خلال تهدئة يناير/كانون الثاني 2025 عددا محدودا من الآليات، شملت جرافات وشاحنات للنقل ومعدات لأعمال فتح الطرق وإزالة الركام، لكن الاحتلال دمّرها عقب استئناف العدوان، سواء بالاستهداف المباشر أو أثناء العمل الميداني، ما فاقم العجز القائم وأعاد البلديات إلى نقطة الصفر.
وتجد بلدية المغازي كغيرها صعوبة بتوفير رواتب موظفيها الذين يعملون منذ بداية الحرب بخطورة عالية، وازداد العبء عليهم مع ارتفاع الأسعار الجنوني، ورغم ذلك تجتهد البلدية لتوفير أجور العاملين ضمن المشاريع التي ترعاها مؤسسات دولية في غزة، لكن ذلك لا يفي بكل الاحتياج الخاص بهم، كما يقول مصلح.
ويؤكد المسؤول المحلي يحيى السّراج أنهم يعملون في ظروف انهيار شامل، وبإمكانات لا تتناسب إطلاقا مع حجم الكارثة والاحتياجات الطارئة، التي تفوق قدرات دول وحكومات وليس بلديات تعمل بإمكانيات متواضعة منذ سنوات طويلة، بعد أن أرهقها الحصار.
وحذّر من أن استمرار هذا الوضع ينذر بكارثة صحية وبيئية وإنسانية متفاقمة، ويؤكد الحاجة الملحّة لتدخل دولي عاجل لإعادة تمكين البلديات وضمان استمرارية الخدمات الأساسية للسكان والنازحين.
ولخّص السّراج أبرز احتياجات بلديات قطاع غزة في:
وشدّد على أن هناك تواصل مستمر وتعاون مهم مع وزارة الحكم المحلي التابعة للحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية وغيرها، إضافة للتنسيق مع عدد من المؤسسات الدولية والجهات الداعمة. "إلا أن الاستجابة ما تزال محدودة جدا ولا تتناسب مع حجم الكارثة، بسبب القيود المفروضة على إدخال كل ما تحتاجه البلديات" كما قال السراج.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة