لطالما ارتبطت عبارة "الأسد أو نحرق البلد" بذاكرة السوريين كأحد أكثر الشعارات إثارة للجدل والحساسية، إذ استخدمها عناصر الجيش والأمن الموالون للرئيس السوري بشار الأسد في سنوات الثورة السورية الممتدة على نحو 14 عاما.
هذا الشعار لم يكن مجرد كلمات، بل ارتبط مباشرة بعمليات تدمير قرى ومدن وسحقها بالكامل، في سبيل الإبقاء على حكم آل الأسد.
ويوم أمس الأحد، عاد هذا الشعار إلى منصات التواصل الاجتماعي بعدما خطه عناصر من جماعة تطلق على نفسها "سرايا الجواد" على الجدران في مدينة جبلة بريف اللاذقية، أثناء مظاهرات دعا إليها الشيخ العلوي غزال غزال، وذلك بعد عام كامل على سقوط نظام بشار الأسد.
وعلق سوريون على استحضار هذا الشعار بكلمات حادة، معتبرين أنه لم يكن يوما ما عبارة عابرة، بل تجسيد لعقلية ترى الوطن ملكا للحاكم لا للشعب، عقلية قادت سوريا إلى الخراب لأنها اختزلت الدولة في شخص واحد، واعتبرت بقاءه أهم من بقاء الأرض والناس.
وأضاف بعضهم أنه ومع تصاعد الدعوات إلى الفدرالية، بدا هذا الشعار بمثابة نبوءة سوداء: فمن يربط الوطن بشخص، يفتح الباب أمام تمزيق الجغرافيا وتقسيم السلطة.
أما الفدرالية، كما رأوا، ليست مجرد نظام إداري، بل انعكاس لانهيار فكرة الدولة المركزية التي دمرت تحت شعار الولاء المطلق.
آخرون اختصروا المسار بعبارة: من "الأسد أو نحرق البلد" إلى "الفدرالية أو لا دولة"… طريق واحد يقود إلى تحويل سوريا من وطن جامع إلى كيانات متناحرة وحرب أهلية، حيث الشعب هو الخاسر الأكبر.
مدونون لفتوا إلى أن استحضار هذا الشعار في هذا التوقيت ليس صدفة، بل إحياء مقصود لخطاب التهديد بالدم الذي دمر سوريا، وإعادة إنتاج الحنين إلى المحرقة الأسدية. وكأن هناك مَن يُصر على نبش ذاكرة مثخنة بالدم والضحايا، وكأن السوريين نسوا ما جرى حتى يعاد تهديدهم به مجددا.
وشدد ناشطون على أن العدالة ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم -الذين تلطخت أيديهم بالدماء- هو السبيل الوحيد لوقف دوامة العنف والقتل والانتقام والطائفية.
وأكدوا أن من أمضى حياته مؤمنا فعلا بشعار "الأسد أو نحرق البلد" لن يتخلى بسهولة، تماما كما لم يتنازل بشار الأسد الذي نهب سوريا ومعه الملايين، واستمر حتى اللحظة الأخيرة.
كما ذكروا بأن حق التظاهر حق مشروع، بذلت دماء السوريين في سبيله، وأن هذه الدماء لن تنسى. لكن حمل السلاح أثناء التظاهر السلمي أمر مرفوض، والتحريض الطائفي أو الإعلامي قد يجر البلاد إلى أماكن مظلمة جدا.
وحذروا: "فكروا في كل كلمة قبل أن تنطقوها، أيا كنتم… ضحية الأمس، ضحية اليوم، ضحية الغد".
المصدر:
الجزيرة