في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
حينما يستخدم العلماء تلسكوباتهم في محاولة لفهم توزيع المجرات في الكون عبر مسح سماوي شامل، يجدون أنها لا تتوزع بانتظام، وإنما تتخذ شكل خيوط مترابطة معًا وفراغات شبه خالية من المجرات فيما بينها.
يشبه الأمر قطع الإسفنج، أو تلك القطعة اللذيذة من الجبن في أفلام "توم وجيري"، في نقط التقاء تلك الخيوط معًا نجد التجمعات المجرية الكثيفة، التي تحتوي على آلاف المجرات، وما بينها تمتد خيوط من المجرات.
هذه هي ما نسميها بالشبكة الكونية، إنها أعظم أشكال الكون الذي نراه، ويهتم العلماء بدراستها، على أمل فهم أصل الكون قبل مليارات السنوات.
وفي مقطع الفيديو التالي الذي صممه علماء من وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا)، تلاحظ كيف تتوزع المجرات في مناطق كثيفة، وبينها ما يشبه الفراغات، وفيما بينها نلاحظ خيوطا ممتدة، تتكون كذلك من المجرات:
ويبدو أن علماء الفيزياء والفلك من جامعة أوكسفورد البريطانية قد عمّقوا هذا المشهد تماما، حيث كشفت أرصاد حديثة أجروها أن هذه الخيوط بين تجمعات المجرات تدور بشكل يشبه منصة لعبة "أكواب الشاي الدوّارة" في الملاهي، فكل كوب يدور وحده، والمنصة بأكملها تدور أيضا، أو ربما بشكل يشبه الإعصار الذي يدور حول نقطة مركزية ويتخذ شكل خيط أو قمع.
سجل العلماء وجود سلسلة شديدة النحافة (نسبيا) تضم 14 مجرة غنية بالهيدروجين مصطفّة في خط طوله نحو 5.5 ملايين سنة ضوئية وعرضه نحو 117 ألف سنة ضوئية.
وبحسب الدراسة ، التي نشرها الفريق في دورية "مونثلي نوتيس" الصادرة عن الجمعية الفلكية الملكية، فإن هذه السلسلة ليست وحدها، فهي جزء من خيط كوني أكبر يضم أكثر من 280 مجرة ويبلغ طوله قرابة 50 مليون سنة ضوئية، على بُعد يقارب 140 مليون سنة ضوئية منّا.
السنة الضوئية الواحدة تساوي نحو 10 تريليونات كيلومتر، مما يعني أن هذا الخيط الكوني يبلغ طوله نجو 500 مليون تريليون كيلومتر.
للمقارنة، فإن محيط أرضنا، يعني ذلك أن تقرر الدوران في رحلة عبر الكوكب كله بالطائرة، يبلغ نحو 40 ألف كيلومتر فقط، يتطلب ذلك الدوران بطائرة نفاثة نحو 45 ساعة طيران.
قد تسأل: كيف عرف العلماء أن هذا التكوين العظيم يدور؟ والفكرة هنا ليست أن أحدا شاهد دورانا بعينيه، بل أن العلماء قاسوا حركة المجرات والغاز المنتشر بينها، فوجدوا أن المجرات على جانبي عمود الخيط تتحرك في اتجاهين متعاكسين، وهي إشارة نمطية على دوران بنية حول محورها.
وباستخدام نماذج ديناميكيات الخيوط، استنتجوا سرعة دوران تقارب 110 كيلومترات في الثانية.
البيانات جاءت من دمج أرصاد من تلسكوب "ميركات" الراديوي في جنوب أفريقيا لالتقاط بصمة الهيدروجين الذي يعد وقودا لصناعة النجوم، مع أرصاد ضوئية من "مسح سلون الرقمي للسماء" و"أداة الطاقة المظلمة الطيفية"، لتحديد المجرات وبنيتها وسرعاتها بدقة أفضل.
إذا تأكد هذا الكشف مع البحث عن أمثلة أكثر لخيوط مشابهة في مسوحات أوسع، فإن ذلك سيدفع العلماء لإعادة النظر في العديد من نماذجهم النظرية التي تشرح بنية الشبكة الكونية، الأمر الذي سيؤثر على فهمنا لطبيعة المجرات والمادة المظلمة.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة