آخر الأخبار

أرامل غزة.. صراع البقاء وسط الدمار والفقدان

شارك

في قلب مدينة غزة ، وسط مخيم نزوح عشوائي يعج بالمعاناة، تجد الشابة الفلسطينية رفقة الدغل (23 عاما) نفسها في مواجهة يومية مع الواقع القاسي الذي فرضته الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

هذه الحرب، التي وصفتها تقارير دولية بأنها تتجاوز حدود النزاع التقليدي لتصل إلى مستويات الإبادة الجماعية ، دمرت منزل "رفقة" وخطفت زوجها، تاركة إياها تواجه البرد القارس والجوع مع طفلتها الرضيعة "ملك" داخل خيمة مهترئة مثبتة قرب مكب نفايات.

الخيمة، المصنوعة من أقمشة بالية وقطع نايلون متآكلة، تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية. الرياح الشديدة تهز أطرافها يوميا، محاولة اقتلاعها من الأرض، في حين تتسرب مياه الأمطار من الثقوب لتغرق الأرضية الترابية.

"رفقة" التي كانت تعيش حياة هادئة قبل الحرب، تجلس الآن منحنية فوق موقد بدائي يعتمد على عيدان خشب رطبة، تحاول إعداد مشروب دافئ لطفلتها التي تلتصق بظهرها خوفا من العواصف. تقول "لم أتخيل يوما أن أعيش في مثل هذه الظروف القاسية.. فقدت منزلي وزوجي، ولم تعد الحياة كما كانت".

قبل اندلاع الحرب على غزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت "رفقة" تعيش في منزل متواضع مع زوجها يوسف حسان (24 عاما)، الذي كان يعمل في مصنع للمعجنات والحلويات. حياتهما لم تكن مترفة، لكنها كانت كافية لتوفير السعادة والاستقرار.

عقدا قرانهما قبل أسبوع فقط من بدء الهجمات الإسرائيلية، يحلمان بحياة جديدة مليئة بالأمل. لكن الواقع كان قاسيا، سرعان ما اضطرا إلى النزوح القسري من منزلهما في بيت لاهيا ، متنقلين بين الأحياء والمدن كما فعل مئات الآلاف من الفلسطينيين.

ولادة ابنتهما ملك في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 كانت لحظة سعادة نادرة وسط الدمار، لكنها لم تدم طويلا حيث فقد يوسف عمله، مصدر الدخل الوحيد للعائلة، وسط مجاعة مميتة فرضتها السياسات الإسرائيلية التي حالت دون دخول المساعدات بانتظام.

إعلان

لم يستسلم يوسف، فتوجه في 5 أغسطس/آب إلى منطقة قرب حاجز "زيكيم" شمال غربي غزة للحصول على كيس دقيق من شاحنة مساعدات، حيث ازدحم مئات الفلسطينيين حولها، لكن قناصا إسرائيليا أطلق النار عليه، ليستشهد على الفور.

ومع اقتراب فصل الشتاء، يزداد التحدي، تحاول "رفقة" سد الثقوب في الخيمة التي تؤوي 9 أشخاص، محاربة الرياح والأمطار. المخيم نفسه، المحاذي لمكب النفايات، مليء بخيام مشابهة تخفي قصصا مؤلمة أخرى، حيث يعاني النازحون من البرد والجوع والأمراض.

مصدر الصورة خيام ممزقة وأسر وأطفال مهددون (الأناضول)

معاناة مزدوجة

في خيمة مجاورة، تعيش منال العرعير (52 عاما) معاناة مزدوجة حيث فقدت زوجها أيمن (50 عاما) في 23 ديسمبر/كانون الأول 2023، أثناء محاولته إنقاذ أقاربه في حي الشجاعية شرقي غزة، بعد قصف إسرائيلي دمر المنطقة.

أصيبت العرعير بشلل، تقول عن زوجها وسالف عهدهما "كان تاجر معادن، نعيش بسعادة في منزلنا بالشجاعية "، وفي 23 ديسمبر/كانون الأول 2023، خرج أيمن لإنقاذ أقاربه بعد قصف، لكنه استشهد بحزام ناري إسرائيلي.

دمرت الحرب منزلهم، تاركة منال وأبناءها الخمسة في خيمة مليئة بالحشرات قرب المكب، محرومين من كل شيء.

يقول زاهر الوحيدي، مدير مركز المعلومات الصحية بوزارة الصحة الفلسطينية، إن حرب الإبادة قتلت 70 ألفا و300 فلسطيني وأصابت 171 ألفا، بينهم 20 ألف طفل و10 آلاف امرأة و5 آلاف من كبار السن.

الحرب ذاتها أيَّمت 22 ألفا و750 امرأة، وأيتمت 57 ألف طفل (49 ألفا فقدوا آباءهم، و5 آلاف فقدوا أمهاتهم، و3 آلاف فقدوا الوالدين معا). مسحت 2,600 أسرة كاملة، وشهدت 5 آلاف أسرة مجازر نجا منها فرد واحد، وفقدت 6 آلاف أسرة أفرادا. "هذه الأرقام مفزعة، تعكس كارثة غير مسبوقة،" يؤكد الوحيدي.

حصدت الحرب أرواح أكثر من ألف طفل دون عام، ووُلد 450 طفلا خلالها وماتوا تحت القصف. دمرت البنية التحتية، مما أدى إلى مجاعة وأمراض في المخيمات.

رغم ذلك، تستمر أرامل مثل "رفقة" و"منال" في الصراع للبقاء، محافظات على أطفالهن، منتظرات سلاما يعيد الحياة إلى غزة المكلومة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا