آخر الأخبار

هل تضع شكوى لبنان حدا لمساعي إسرائيل التوسعية داخل أراضيه؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

بيروت- في خطوة وصفت بأنها تصعيد جديد، تقدمت وزارة الخارجية اللبنانية بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل متهمة إياها بالشروع في بناء جدارين إسمنتيين عازلين داخل الأراضي اللبنانية المعترف بها دوليا.

وترى بيروت أن إجراء الاحتلال يندرج ضمن سلسلة طويلة من الخروقات الإسرائيلية ل لقرار 1701 وإعلان وقف الأعمال العدائية لعام 2024.

وتقول الخارجية إن الجدارين اللذين وثّقت قوات يونيفيل وجودهما، بُنيا على شكل حرف "تي" (T)، ما أدى إلى قضم مساحات إضافية من الأراضي اللبنانية، في خرق واضح للخط الأزرق الذي يفترض أن يمثّل خط انسحاب لا حدودا دولية، وأضافت أن هذا السلوك الإسرائيلي يمثّل محاولة فرض وقائع جديدة على الأرض بذريعة "مناطق عازلة" داخل الأراضي اللبنانية.



تفاصيل الشكوى

في تفاصيل الشكوى، طلب لبنان من مجلس الأمن والأمانة العامة ل لأمم المتحدة التحرك العاجل لردع تل أبيب وإلزامها بإزالة الجدارين، والانسحاب الفوري من جنوب الخط الأزرق، بما فيها خمسة مواقع حدودية لا تزال تحتلها، تمتد من رأس الناقورة غربا حتى منطقة تلة الحمامص قبالة بلدة الخيام شرقا.

كما جددت الحكومة اللبنانية تأكيد استعدادها للدخول في مفاوضات تُفضي إلى إزالة الاحتلال ووقف الاعتداءات، مشددة على التزامها الكامل بتنفيذ القرار 1701 دون اجتزاء أو انتقاء، وحصر السلاح بيدها وبسط سيادتها على كامل أراضيها.

في السياق، تشير المعطيات الميدانية إلى أن الجدار الجديد يمتد من بلدة يارون مرورا بمارون الراس وصولا إلى خراج بلدة عيترون، ما يعمق المخاوف اللبنانية من تغيير جغرافي ممنهج يطال مناطق حدودية حساسة.

إعلان

وهنا تعود أهمية الخط الأزرق الذي اعتمدته الأمم المتحدة عام 2000 لتوثيق انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان ، لكن بيروت ترفض اعتباره خطا حدوديا، مؤكدة أنه لا يلغي الحدود الدولية المرسّمة والمعترف بها أمميا، وتعترض الحكومة على ما لا يقل عن 13 نقطة فيه، وتشدد على وجود خط حدودي واحد يفصل بين لبنان و فلسطين المحتلة.

على الأرض، سجلت قوات يونيفيل أخيرا الخرق، مؤكدة في بيان أن الجدار الذي شيده الجيش الإسرائيلي جنوب غربي يارون تجاوز هذا الخط، ما جعل أكثر من 4000 متر مربع من الأراضي اللبنانية خارج متناول أصحابها، وتابعت إن أعمال بناء إضافية جنوب شرقي البلدة تجاوزت هي الأخرى الخط الفاصل، في تأكيد جديد أن إسرائيل تتخطى حدود انسحابها الموثقة.

معادلة مختلفة

من جانبه، يقول الخبير العسكري والإستراتيجي حسن جوني، إن تل أبيب أنشأت جدارين في محيط بلدة يارون، أحدهما جنوب شرقي البلدة والآخر جنوب غربها، في خطوة يراها تغييرا فعليا في واقع الحدود، فهما يقعان داخل الأراضي اللبنانية، ما يعني اقتطاع مساحات جديدة ومحاولة فرض معادلة ميدانية مختلفة.

ويوضح للجزيرة نت، أن اختيار هاتين النقطتين لم يأتِ صدفة، إذ تمنح طبيعة الجغرافيا هناك أفضلية ل لبنان من الناحية العسكرية، الأمر الذي يدفع إسرائيل إلى محاولة استثمار هذا العامل. ويتقاطع ذلك -في رأيه- مع استغلال تل أبيب ضعف الموقفين اللبناني والدولي بعد الحرب الأخيرة، وتفرّدها بالتحرك في المناطق الحدودية، خصوصا أنها لا تزال تحتل خمس نقاط داخل الأراضي اللبنانية، وتعتبر اللحظة الحالية مناسبة لإدخال تعديلات على الحدود قد تتحوّل لاحقا إلى أمر واقع.

وحسب جوني، فإن هذه الخطوة ليست تفصيلا ميدانيا محدودا، بل جزء من مسعى إسرائيلي لمعالجة ما تعتبره "ثغرات" تفرضها الجغرافيا على بعض النقاط الحدودية، وهي تراها نقاط ضعف في مواجهتها. وتسوّق تل أبيب بناء الجدارين على أنه "تحصين لمواقعها الدفاعية"، في حين أن تلك المواقع قائمة أصلا داخل الأراضي اللبنانية، ويُفترض بها الانسحاب منها لا تعزيزها.

ويشير الخبير العسكري إلى أن الجدارين يحملان أبعادا إستراتيجية تتجاوز الطابع التكتيكي، إذ تهدف إسرائيل إلى إعادة تشكيل الواقع الحدودي بما يخدم حساباتها الأمنية والجغرافية لا سيما في منطقة حساسة شهدت توترات واحتكاكات مباشرة متكررة خلال السنوات الماضية. وقد يكون ما حدث خطوة أولى، بحيث يتحوّل الجداران إلى نموذج يمكن تكراره في نقاط أخرى ضمن مشروع أشمل يسمح لها باستغلال الظرف الإقليمي الراهن.

سلوك عدواني

من جهته، يقول المحلل السياسي والكاتب خلدون شريف، إن السلوك الإسرائيلي ثابت في طبيعته "العدوانية"، فكل أرضٍ تحتلها ثم تعلن الانسحاب منها، تُبقي جزءا منها تحت قبضتها. ويوضح للجزيرة نت، أن "النية الإسرائيلية اليوم لا لبس فيها، وهي السعي إلى إنشاء منطقة عازلة خالية من الزرع والبناء والبشر، بقضمٍ متدرج لأراضي الجنوب على نحو يشبه ما يجري في الضفة الغربية و قطاع غزة ".

ويشير إلى أن خطوة تقديم شكوى جديدة كانت في محلها، مؤكدا ضرورة الاستمرار في هذا المسار "لحفظ حق لبنان أمام الرأي العام الدولي حتى وإن كان هذا الرأي يميل إلى الانحياز لإسرائيل".

إعلان

من جهته، أكد المحلل السياسي توفيق شومان أن سياسة القضم التدريجي للأراضي اللبنانية باتت من الثوابت في الإستراتيجية الإسرائيلية، إذ يشكل بناء الجدارين داخل الحدود اللبنانية المعترف بها دوليا نموذجا صارخا على محاولة فرض وقائع جديدة بقوة الأمر الواقع.

ويضيف أن رفض الاحتلال الانسحاب من مزارع شبعا ، واستمراره في التمدد داخل الجنوب اللبناني بعد وقف إطلاق النار العام الماضي، عزز ما يعرف بالنقاط الخمس التي تحولت إلى تسع، ويتزامن ذلك مع ما بدأته الحكومة الإسرائيلية أخيرا من ترويج لمراجعة اتفاقية الترسيم البحري التي أُبرمت بمفاوضات غير مباشرة عام 2022، وذلك عقب دعوة وزير الحرب يسرائيل كاتس في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ويلفت شومان إلى أن هذه المؤشرات تنطوي على أبعاد خطرة، جوهرها توسيع السيطرة على الأراضي اللبنانية بضغط عسكري وسياسي متدرج، ويستشهد بالزيارات التي يقوم بها مستوطنون إسرائيليون إلى مواقع أثرية جنوب لبنان بزعم أنها أماكن دينية توراتية، فضلا عن الإعلانات المتداولة داخل إسرائيل والتي تعرض أسعارا بالشيكل الإسرائيلي لشراء أراضٍ لبنانية، في ما يبدو أنه جزء من إستراتيجية قضم تعتمد أدوات متعددة وتتحرك بأشكال مختلفة، لكنها تلتقي عند هدف واحد هو التوسع.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا