عمّان، الأردن (CNN) -- جاء إعلان البيت الأبيض توقيع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أمراً تنفيذياً يقضي ببدء عملية تصنيف "بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين " بما فيها جماعة الإخوان في الأردن، " كمنظمات إرهابية ” بموجب قانون الهجرة والجنسية الأمريكي، خطوة اعتبرها مراقبون مؤجلة لكنها تحمل تباينات في مدى انعكاسها على الأردن سياسياً في مراحلها اللاحقة .
وكان الأردن قد سبق هذا المسار حين أعلن في إبريل/ نيسان الماضي جماعة الإخوان المسلمين بالأردن "جماعة محظورة"، وأحال أصولها وأملاكها إلى القضاء، بينما أغلقت العديد من المقرات المشتركة مع حزب جبهة العمل الإسلامي المرخص منذ العام 1992، وتمت ملاحقة أعضاء مشتركين في الجماعة والحزب.
واستند ترامب في أمره التنفيذي بحسب ما نشر البيت الأبيض، إلى الصلاحيات الممنوحة لوزير الخارجية بموجب قانون الهجرة والجنسية لتصنيف أي منظمة أجنبية، كمنظمة إرهابية " FTO "، إذا ثبت تورطها في الإرهاب أو تهديد الأمن القومي الأمريكي. كما أتاح الأمر نفسه إمكانية تصنيف الفروع المعنية ككيانات إرهابية عالمية مصنَّفة خصوصاً SDGT ، استناداً إلى الأمر التنفيذي 13224 الصادر بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، الذي يجيز تجميد الأصول وفرض عقوبات مالية مباشرة على الأفراد والكيانات المصنّفة .
ويستهدف الأمر التنفيذي، فروع جماعة الإخوان المسلمين في مصر ولبنان والأردن، استناداً إلى ما اعتبرته الإدارة الأمريكية “تورطاً في تقديم دعم لحركة حماس"، بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل.
ويرى الوزير الأردني الأسبق والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، محمد أبو رمان، بأن الخطوة متوقعة مستبعدا أن يكون لها "تداعيات كبيرة سياسياً واقتصادياً" على الأردن، حتى في حال إعلان التصنيف رسمياً ومروره بمراحله القانونية المختلفة، مرجعاً ذلك إلى "قرار الدولة الأردنية حظر الجماعة في المملكة ".
وقال أبو رمان لموقع CNN بالعربية: "استدعاء الأمر التنفيذي لثلاثة فروع رئيسية في الأردن ومصر ولبنان يحمل معطيات مختلفة، الأردن سبق وأن حظر الجماعة رسمياً واعتبرها منحلة قانونياً، بينما صنّفت مصر الإخوان "إرهابية" منذ 2013، فيما في لبنان هناك "إشكالية في التعامل مع الجماعة الإسلامية وقوات الفجر مع تداخل القضية على خلفية وجود حزب الله على قوائم الإرهاب".
لكن أبورمان، يؤكد أن يتبع التصنيف حال صدوره، "تداعيات إقليمية ودولية أوسع"، معتبراً أنها ستكون “ضربة قاصمة للإخوان ونفوذهم التاريخي، لا سيما أن الجماعة فقدت دعمها المادي واللوجستي بعد الربيع العربي في المنطقة".
وأضاف أبو رمان بالقول: "الجماعة تواجه اليوم مسعى دولياً لتجريم أنشطتها وملاحقة شبكاتها في أوروبا وأمريكا، وهي دول كانت إلى وقت قريب تمثل فضاءً واسعاً لنشاطها، هذا التصنيف إن صدر وغالبا سيصدر، سيضع الجماعة تحت “المجهر” دولياً، وهو بمنزلة منعطف تاريخي جديد لها.
وورد في حيثيات الأمر التنفيذي، بأن "الجناح العسكري للجماعة الإسلامية في لبنان شارك إلى جانب حماس وحزب الله والفصائل الفلسطينية في إطلاق هجمات صاروخية داخل إسرائيل.. وأن قيادياً بارزاً في الفرع المصري دعا في اليوم نفسه إلى شن هجمات عنيفة ضد شركاء الولايات المتحدة ومصالحها.. وأن قادة في جماعة الإخوان المسلمين الأردنيين قدموا دعماً مادياً للجناح العسكري لحماس".
إلى ذلك، يربط أبو رمان هذا التوجه الدولي، بما وصفه بأنه ترسيخ لنظرية "صدام الحضارات وتعزيز فكرة الإسلاموفوبيا"، ويرى أن ذلك سينعكس على “التيار الإسلامي العريض في العالم” وسيؤجج “مشاعر غضب لدى أوساط الشباب” ويعزز لديهم فكرة “القيم الغربية الزائفة المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان التي ظهرت إثر الحرب على غزة"، على حد تعبيره.
ويتوقع، أبو رمان، بأن انعكاسات القرار على “إخوان الأردن” ستنسحب على الداخل الأمريكي نفسه إذا فُعّلت العقوبات أيضا، قائلا إن "حزب جبهة العمل الإسلامي قد فصل نفسه عن الجماعة". مضيفا أنه إذا "شملت القوائم أسماء أفراد وفرضت عقوبات عليهم، فسيصبح التعامل معهم أمريكيا مماثلاً للتعامل مع تنظيمات مثل القاعدة أو داعش، ولا أعتقد أن الأمر سيشمل الدعوة إلى عمليات اعتقال".
ولم تصدر حتى الآن ردود فعل رسمية أردنية على الأمر التنفيذي، فيما لم تتمكن CNN بالعربية من الحصول على تعليق حكومي.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين قد حصلت على أول ترخيص لها في الأردن عام 1946 قبل أن يُسحب هذا الترخيص في 2016، ومن ثم اعتبار الجماعة منحلة حكما في قرار قضائي صدر العام 2020، حتى إعلان حظرها رسمياً هذا العام .
أما الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية، فيرى من جهته بأن القرار "لم يكن مفاجئاً بل هو تتويج لمسار طويل في السياسة الأمريكية تجاه الجماعة منذ الحرب الباردة مروراً بأحداث 11 سبتمبر والربيع العربي وحتى هجوم السابع من أكتوبر 2023".
وقال أبو هنية لموقع CNN بالعربية إن "الولايات المتحدة مرّت بثلاث مراحل في نظرتها إلى الجماعة، حيث اعتبرت الإخوان المسلمين "جدار وقاية ضد التطرف" حتى أحداث سبتمبر، ثم بعد الربيع العربي ظهرت نظريات لإدماجهم، وفي مرحلة لاحقة أصبح يُنظر إليهم كحزام ناقل للتطرف لكن ليس إرهابيين، إلى أن وصلت المرحلة الحالية التي ستنصنّف فيها الجماعة كمتطرفة وإرهابية"، واصفا ذلك بأنه "تطور كبير".
ويرى أبو هنية، بأن إسرائيل لعبت دوراً محورياً في "دفع الإدارة الأمريكية نحو البدء هذا التصنيف، استناداً إلى اعتبار الإسلام السياسي عدواً أساسياً في المنطقة، بعد الحرب على غزة".
وبشأن تخصيص التصنيف بفروع الأردن ومصر ولبنان، قال إن ذلك كان واضحاً لأن الجماعة تمتد في نحو سبعين دولة والأمر استهدف اليوم "دول الطوق" المحيطة بإسرائيل، فيما اعتبر أن "الإشكالية ستبرز عند تفصيلات القرار والتطبيق، لأن الجماعة تجمع بين نشاط سياسي واجتماعي وخيري في الأردن تحديدا".
ونوه أبو هنية إلى أن عدم ذكر سوريا في الأمر التنفيذي، مردّه "إلى اشتراط الرئيس الأمريكي على الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع ألّا يمنح الإخوان أي ترخيص”، وأن التركيز ينصب على دول الطوق المحيطة بإسرائيل والموصوفة من واشنطن بأنها داعمة لحماس"، وفقا له .
ولا يخفي أبو هنية بحسب رأيه، أن "المعضلة في الأردن قد تبرز لاحتمال تصنيف حزب جبهة العمل الإسلامي كمنظمة إرهابية"، أو إدراج بعض الأفراد ضمن قوائم العقوبات لاحقاً، وهو مسار وصفه بـ"المعقّد".
ومن المتوقع أن تستغرق عملية التصنيف أكثر من شهرين، تبدأ بإعداد تقرير مشترك بين وزارتي الخارجية والخزانة بالتشاور مع المدعي العام ورئيس الاستخبارات الوطنية خلال نحو ثلاثين يوماً، تليها مهلة تصل إلى خمسة وأربعين يوماً لاتخاذ القرار النهائي، ثم إشعار الكونغرس قبل أسبوع من النشر الرسمي.
ويحق للكيان المصنف لاحقاً الطعن قضائياً. كما يُلجأ إلى الأمر التنفيذي 13224 عند تحديد أن فردًا أو كيانًا أجنبيًا يشكل تهديدًا للأمن القومي والسياسة الخارجية والاقتصاد الأميركي، حيث يسمح بتجميد أصوله وحظر التعامل معه.
المصدر:
سي ان ان