آخر الأخبار

الجزيرة نت تنقل مشاهد الدمار والمعاناة في شمال غزة

شارك

غزة- في أقصى أطراف مخيم جباليا ، وعلى مسافة لا تتجاوز عشرات الأمتار من الخط الأصفر، تعيش نجاة أبو سيف في ما تبقى من بيتها. وتقول للجزيرة نت "عُدت بعد وقف إطلاق النار مباشرة من الجنوب، لا أستطيع العيش خارج جباليا حتى لو كانت مدمّرة".

لكنها تشير إلى أن الحياة في المخيم بالغة الخطورة والصعوبة في آن معا، فالطائرات الإسرائيلية المسيّرة ( كواد كابتر )، لا تفارق السماء، تحلق طوال الوقت، وفجأة تنقلب الأمور. والمشكلة الثانية التي تقضّ مضجعها هي المياه، حيث تتفادى سيارات النقل الوصول للمنطقة خشية استهدافها من قبل قوات الاحتلال.

وتكمل أبو يوسف "أنا كبيرة في السن ولا أستطيع حمل الجالونات، لكن أضطر للذهاب إلى الفاخورة التي تبعد كيلومترا عن هنا، نحمل المياه على أيدينا سبع مرات في اليوم، هذا جهاد وتعب". ورغم هذا كله، تؤكد بحزم "لن ننزح مرة أخرى، لا أستطيع العيش خارج المخيم".

مصدر الصورة نجاة أبو سيف تعيش أوضاعا صعبة في منزلها المدمر وتجلب الماء من مناطق بعيدة (الجزيرة)

دمار كلي

لم يكن الطريق إلى مخيم جباليا سهلا، فالدخول إلى محافظة شمال قطاع غزة يشبه السير في مدينة من ركام، البيوت مهدمة، الشوارع مغلقة، وأصوات الرصاص تتردد في الخلفية من حين إلى آخر. ومنذ بدء سريان وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عاد القليل من السكان للعيش في المحافظة، وسط ظروف معيشية صعبة وخطرة للغاية.

ويشكو الفلسطينيون الموجودون في المنطقة من مشاكل عديدة، أولها غياب الأمن وإطلاق النار المستمر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية المتمركزة على الجانب الآخر من الخط الأصفر.

والخط الأصفر هو حدّ عسكري فرضه اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم برعاية أميركية، ويقضم نحو 53% من مساحة قطاع غزة ، ويمتد على طول المناطق القريبة من الحدود الجنوبية والشرقية والشمالية. وتطلق قوات الاحتلال النار على الفلسطينيين الموجودين قربه، متسببة باستشهاد وإصابة الكثير من المدنيين.

مصدر الصورة الاحتلال دمر المنازل والبنية التحتية وآبار المياه والصرف الصحي والشوارع في شمال غزة (الجزيرة)

في هذا الصدد، يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة للجزيرة نت إن الاحتلال قتل منذ 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي (موعد بدء سريان وقف إطلاق النار) 240 فلسطينيا وجرح 607 آخرين.

إعلان

بدوره، يعيش إبراهيم العر في مخيم جباليا وحيدا في منزله المدمر جزئيا منذ عودته من الجنوب. ويقول "عدت فور إعلان وقف النار، لكني أعيش وحدي، زوجتي وأطفالي لا زالوا في منطقة النزوح بالجنوب لأن الوضع خطير جدا".

يتحدث وعيناه تتابعان حركة الطائرات الصغيرة فوقه، "لا أستطيع أن أُحضرهم الآن، لا يوجد ماء ولا أسواق، إذا أردت شراء شيء بسيط، عليّ أن أقطع سبعة كيلومترات إلى مدينة غزة ".

وتتشابه قصة إبراهيم الهباش مع العر، حيث عاد إلى منزله وحده بعد وقف إطلاق النار، بينما بقيت أسرته في الجنوب. ويوضح للجزيرة نت "رجعت بمفردي دون زوجتي وأولادي السبعة والسبب الرئيسي هو غياب الماء". ويشرح أن سيارات المياه التي تحاول الوصول لا تبقى كثيرا، متابعا "السائق يخاف من الاحتلال، يقف 10 دقائق فقط ثم يغادر بسرعة، ولا يتمكن الناس من تعبئة ما يكفي من الماء".

مصدر الصورة هذه السيارة هي الأولى منذ 4 أيام التي تصل شمال غزة بسبب خوف السائقين من استهدافات الاحتلال (الجزيرة)

الحرب لم تنته

في بلدة بيت لاهيا المجاورة، لا يختلف المشهد كثيرا عن جباليا، الدمار يغطي المكان، والهدوء الموعود بوقف إطلاق النار غائب تماما.

تحدثت الجزيرة نت مع تماضر طنبورة، التي قالت بصوت حازم "لا نشعر نهائيا أن الحرب انتهت، كل يوم نصحو على انفجار قذائف، وإطلاق نار من آليات الاحتلال أو طائراته أو الرافعات العالية المزودة ببنادق، والتي تكشف مناطقنا بالكامل، أين هو وقف إطلاق النار؟".

وتضيف "عدنا لأننا لا نستطيع أن نكون خارج أراضينا، هذا غير منطقي، نعتز ونتمسك بها حتى لو كانت منازلنا مدمرة وأراضينا مقلوبة بالجرافات". وتقول إن نصف مساحة بيت لاهيا يقع خارج الخط الأصفر، وإن أعداد العائدين قليلة بسبب الخطر المستمر واستهداف الاحتلال.

مصدر الصورة الحادي يهدم سطح منزله ليبحث عن ملابس لأطفاله مع اقتراب فصل الشتاء (الجزيرة)

أما المياه فتصفها بأنها "أزمة الحياة"، متابعة "صعب الحصول على ماء صالح للشرب، نعتمد على آبار مالحة جزئيا، بعض الناس عادوا فقط لأنهم وجدوا ماء مالحا قريبا منهم". كما تشير إلى أزمة المواصلات الصعبة، محذرة من أن من يُصاب بطلق ناري، لا يجد سيارة إسعاف لنقله للمستشفى.

في بلدة النزلة التي تعاني أيضا من اعتداءات الاحتلال، وجدنا الشاب فريد الحادي منهمكا في ضرب سطح منزله المدمر بمطرقة كبيرة. قال وهو يلهث من التعب "أهدم السطح كي أصل إلى الداخل لعلي أجد ملابس للأولاد أو بعض الأغراض، نزحنا دون أن نحمل شيئا معنا".

ويضيف "نحتاج للملابس، الشتاء قادم ولا أعمل، المشكلة الأساسية هي الفقر الشديد، لا يوجد عمل ولا مصدر دخل". يتوقف قليلا عن الضرب بالمطرقة، ثم يكمل "لا أملك مالا لأنفق على أسرتي، أحاول الحصول على بعض الأغراض من المنزل لأبيعها أو أستخدمها، حتى الأثاث أكسره لأستخدمه حطبا لطهي الطعام".

مصدر الصورة مسؤول ببلدية جباليا وصف منطقة شمال القطاع بأنها منكوبة (الجزيرة)

منطقة منكوبة

وفي ختام جولتنا، التقينا سعدي الدبور، مدير العلاقات والإعلام في بلدية جباليا، الذي وصف منطقة شمال القطاع بأنها منكوبة.

وقال "المشاكل هنا كبيرة وهائلة، فالمنطقة مدمرة كليا، مساحة نفوذ بلدية جباليا تبلغ نحو 18 كيلومترا مربعا، وتشمل أربع مناطق رئيسية: بلدة جباليا، ومخيم جباليا، ومنطقة النزلة، والمنطقة الغربية، والثلاث الأولى دُمّرت بالكامل، أما المنطقة الغربية فدُمرت بنسبة تصل إلى 70%".

إعلان

وتتكون محافظة شمال القطاع من 3 مناطق، وهي جباليا وبيت لاهيا و بيت حانون .

ويضيف الدبور أن البنية التحتية لم تسلم هي الأخرى، فقد تم تدمير جميع آبار المياه وشبكات الصرف الصحي والشوارع، إضافة إلى آليات ومعدات البلدية، مما جعل جباليا منطقة منكوبة بكل المقاييس.

وقال إن عددا قليلا من السكان عاد بعد وقف إطلاق النار بسبب الأوضاع الكارثية، وخصوصا غياب الأمن واعتداءات قوات الاحتلال، وغياب المياه وهدم الآبار والمنازل.

ويختم "المياه شحيحة، والنفايات تتكدس مسببة مكرهة بيئية، ولا شوارع صالحة للحركة، فلا سيارات ولا إمكانية لنصب الخيام، إنها منطقة مدمرة بالكامل، وأهلها يعيشون بين الخطر والعطش".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا