تواجه العلاقات المصرية الإسرائيلية اختبارا جديدا، بعد رفض وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهن الموافقة على صفقة تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، التي وقعت في أغسطس الماضي بقيمة 35 مليار دولار، وهو قرار أثار تساؤلات عن خلفياته ودلالاته السياسية والاقتصادية.
وبحسب موقع "تايمز أوف إسرائيل"، فإن الرفض الإسرائيلي دفع وزير الطاقة الأميركي كريس رايت إلى إلغاء زيارته لتل أبيب، في مؤشر على توتر خفي داخل محور التعاون الثلاثي بين القاهرة وتل أبيب وواشنطن.
قرار برسائل سياسية
يقول أستاذ العلوم السياسية في القاهرة، الدكتور حامد فارس، بأن القرار يشكل "انعكاسا لتوترات متراكمة بين البلدين"، موضحا أن " العلاقات المصرية الإسرائيلية تشهد انتقالا من مستوى التوتر الدبلوماسي إلى الاقتصادي".
وأضاف فارس في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" أن "إسرائيل هي الخاسر الأكبر من تعطيل الصفقة، لأنها لن تستطيع تصريف غازها إلا عبر مصر، في ظل غياب بنية تحتية لديها لإسالة الغاز"، مشيرا إلى أن بناء محطة جديدة "سيكلفها ما لا يقل عن 10 مليارات دولار، وهو رقم يتجاوز العائد من حقل ليفياثان".
ويرى أن القرار الإسرائيلي "ليس اقتصاديا بحتا، بل يحمل في طياته رسائل سياسية مرتبطة بموقف مصر من ملف غزة، ورفضها القاطع لأي حديث عن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء”.
وقال إن "تل أبيب تمارس ضغوطا اقتصادية لمحاولة ليّ ذراع القاهرة"، لكنه شدد على أن "مصر لن ترضخ لهذه الضغوط، ولن تقبل المساس بسيادتها أو بدورها في القضية الفلسطينية".
ويضيف فارس أن “ إسرائيل تواجه أيضا ضغوطا من واشنطن وشركات أميركية داخل حقل ليفياثان، وتسعى لاستعادة ما أنفقته على تطويره".
وأشار إلى أن "إلغاء زيارة وزير الطاقة الأميركي لإسرائيل يعكس استياء واشنطن من التعطيل الإسرائيلي للصفقة".
قرار اقتصادي
في المقابل، يقدم الخبير في الشؤون الإسرائيلية نائل الزعبي قراءة مغايرة، إذ أكد لـ"سكاي نيوز عربية" أن القرار "مهني واقتصادي بحت"، موضحا أنه "لا علاقة له بالخلافات السياسية أو بملف غزة".
وقال الزعبي: "نحن نقدس الاتفاقيات مع مصر ونراها شريكا استراتيجيا محوريا في الشرق الأوسط، والقرار نابع من حسابات آنية تتعلق بالربح والخسارة".
بدائل مصر
أما بشأن قدرة القاهرة على تعويض الغاز الإسرائيلي، فيؤكد فارس أن "مصر تمتلك بدائل متعددة، من بينها اتفاق الغاز مع قبرص الذي سيدخل حيز التنفيذ عام 2027، إضافة إلى خمس وحدات تغييز عائمة، أربع منها داخل مصر وواحدة في الأردن". كما أشار إلى أن "مصر تعمل على زيادة إنتاجها المحلي، وأعلنت مؤخرا عن اكتشاف بئر جديد في حقل ظهر، ما يعزز أمنها الطاقي".
ويضيف أن "القاهرة لن تتأثر اقتصاديا بإلغاء الصفقة، بل إسرائيل هي من ستخسر فرص تصدير غازها وتدخل في أزمة مع المستثمرين الأميركيين".
من جانبه، شدد الزعبي على أن "إسرائيل لا تسعى لتوتير العلاقات مع مصر، بل تراها شريكا حيويا في استقرار المنطقة". نافيا أن يكون القرار جزءًا من سياسة عدائية.
وقال إن "الحديث عن استخدام الغاز كورقة ضغط سياسي هو مبالغة، فإسرائيل لا تعتبر مصر خصما، بل وسيطا إقليميا مهم".
ورغم تباين المواقف بين القاهرة وتل أبيب حول خلفيات القرار، يتفق المحللان على أن أزمة الغاز الجديدة تشكل اختبارا دقيقا للعلاقات بين البلدين، في ظل تشابك ملفات الطاقة والسياسة والأمن، وتنامي دور مصر كلاعب محوري في معادلة شرق المتوسط.
 المصدر:
        
             سكاي نيوز
    
    
        المصدر:
        
             سكاي نيوز