آخر الأخبار

لماذا تبدو دير الزور بوابة آمنة لتطبيق اتفاق 10 آذار؟ وما مخاوف قسد؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

دير الزور- في خضم تكثيف اللقاءات بين الحكومة السورية وقيادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في دمشق، تتجه الأنظار إلى محافظة دير الزور ، التي تظهر أخيرا كمسرح محتمل لانطلاق تطبيق اتفاق "10 آذار" الموقّع قبل سبعة أشهر بين الرئيس السوري أحمد الشرع و مظلوم عبدي ، قائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

ومع تطور الاجتماعات بين ممثلي قسد والحكومة السورية في دمشق، وما رافقها من حضور أميركي وطرح لدمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري، يعود تطبيق "اتفاق 10 آذار" للواجهة بقوة.

وتحدثت مصادر إعلامية وسياسية في دمشق، عن خطوات عملية لبدء تنفيذ الاتفاق في محافظة دير الزور، (إحدى المحافظات التي تشكل مناطق سيطرة قسد في شمال وشرق سوريا) كبوابة ميدانية لتطبيقه عمليا بتنسيق عسكري وإداري واقتصادي بين الجانبين.

ورغم الجمود الطويل، يرى محللون وباحثون أن البدء من دير الزور ليس اختيارا عشوائيا، بل يعكس موازنة بين الجغرافيا والاقتصاد والسياسة، وسط إشارات لإعادة تحريك الملفات العالقة ضمن تفاهم أوسع بإشراف واشنطن عبر سفيرها توم برّاك.

وكان وفد من اللجان العسكرية والأمنية التابعة لقسد، ضم عضوي قيادتها العامة سيبان حمو وسوزدار حاجي، إلى جانب قيادات من مجلس دير الزور العسكري، وصل إلى دمشق، الاثنين، لمناقشة بنود تطبيق الاتفاق وآلية دمج قواتها في الجيش السوري.

وأعلنت السلطات السورية الثلاثاء التوصل إلى "وقف شامل لإطلاق النار" مع الأكراد شمال البلاد وشمال شرقها إثر لقاء جمع عبدي مع الشرع في دمشق، وذلك غداة اشتباكات بين قوات حكومية وأخرى كردية في مدينة حلب أسفرت عن مقتل شخصين، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

ويأتي إعلان وقف إطلاق النار بينما أخّرت خلافات كبيرة بين دمشق و الإدارة الذاتية تنفيذ اتفاق تم التوصل إليه في مارس/آذار الماضي، وتضمّن بنودا عدّة عن دمج المؤسسات المدنية والعسكرية للإدارة الذاتية الكردية في المؤسسات الوطنية.

لماذا دير الزور؟

يقول الباحث في "مركز عمران للدراسات الإستراتيجية" أسامة شيخ عيسى، إن طرح دير الزور كبداية لتطبيق الاتفاق "يأتي بسبب الاستعصاء الذي واجه المفاوضات في ملفات أخرى؛ فدمشق ترى أن دير الزور يمكن أن تكون نموذجا ميدانيا أوليا لدمج التشكيلات التابعة لقسد ضمن الجيش السوري المنتشر هناك".

إعلان

ويضيف للجزيرة نت، أن "دير الزور تتميز بخلفية عشائرية واحدة تقريبا، ما يجعلها أقل حساسية من مناطق، ك الرقة أو الحسكة التي تحمل ثقلا كرديا أكبر"، موضحا أن الحكومة تنظر إليها "كبداية آمنة، تتيح اختبار آليات الدمج عسكريا واقتصاديا".

وتكمن أهمية دير الزور، بحسب الباحث، في ثقلها الاقتصادي بفضل حقول النفط والغاز، إضافة إلى موقعها الجيوسياسي الذي "يمنحها قدرة على لعب دور ميداني وسياسي في آنٍ واحد، سواء تجاه واشنطن أم في إطار الحرب على تنظيم الدولة ".

مصدر الصورة مشاهد عامة من مدينة دير الزور مركز المحافظة التي يتوزع شطراها على سلطتين (الجزيرة)

خريطة السيطرة

تقع محافظة دير الزور شرق سوريا، على جانبي نهر الفرات الذي يشطرها إلى ضفتين لكل منهما إدارة وسيطرة مختلفة:


* الضفة الغربية: وتشمل مركز المدينة ومعظم الريف الغربي، تخضع لسيطرة الحكومة السورية.
* الضفة الشرقية: تمتد من الشحيل إلى الباغوز تقع تحت سيطرة قسد، مع وجود أميركي مباشر في قواعد حقلي "العمر" و"كونيكو".

وهذا التماس المباشر بين الطرفين يجعل من دير الزور منطقة اختبار لمدى جدّية الطرفين في الانتقال إلى الدمج الفعلي، كما يقول محللون تحدثوا للجزيرة نت.

سهولة في الدمج

يقول المحلل بسام سليمان، المقرب من دوائر القرار، إن "الضفة الغربية والمدينة تحت سلطة الدولة، والشرقية المتبقية فقط. هذا يختلف عن الرقة والحسكة اللتين تتطلبان تسليما كاملا".

ويضيف سليمان للجزيرة نت، أن محافظة دير الزور عربية بالكامل، ما يجعل عملية الدمج أسهل وأقل حساسية من الرقة والحسكة اللتين تتمتعان بتنوع قومي. كما أن للمحافظة وزنا اقتصاديا كبيرا بفضل النفط.

وتتمتع دير الزور- حسب سليمان- بموقعها الجيوسياسي الذي يربط طريق طهران-بيروت، "وهو ما يثير اهتمام الأميركيين الذين يرون أن دمشق أقدر على ضبط هذا الممر وقطع خطوط الإمداد إلى حزب الله ".

شراكة وليس تسليما

من جانبه، يقول ممثل الإدارة الذاتية في دول الخليج سيهانوك ديبو، إن المفاوضات الجارية "لا تخص منطقة بعينها، بل ملفات تشكّل جوهر اتفاق 10 آذار"، مؤكدا للجزيرة نت، أن "أي حديث عن تسليم مناطق هو غير مطروح على الإطلاق".

ويضيف "نحن لا نتحدث عن تسليم بل عن دمج ضمن الكل السوري، فالمطلوب دمج فعلي وتكاملي لقسد ولمؤسسات الإدارة الذاتية المدنية والاقتصادية والأمنية، وفق صيغ تفاوضية تضمن حقوق الجميع".

ويتابع "ندرك حساسية المرحلة، وسنُبدي مرونة وانفتاحا تجاه المقترحات البنّاءة وصولا إلى دولة سورية لا مركزية ديمقراطية ونظام غير طائفي، وفق القرار الدولي 2254".

مصدر الصورة قيادة قسد لا تزال متوجّسة من سيطرة للحكومة السورية تقصيها عن إدارة مرافق حيوية في دير الزور (الجزيرة)

هواجس قسد

تقول مصادر مطلعة للجزيرة نت، طلبت حجب هويتها، إن الجانب الأميركي نقل في وقت سابق رؤية دمشق لبدء تنفيذ الاتفاق من دير الزور، لكن "قسد" تعاملت مع الطرح بحذر ولم تُبدِ موافقة نهائية.

وتتعلق مخاوف "قسد"، كما توضح المصادر، بفقدان السيطرة على موارد النفط والغاز في حال استغلّت دمشق التفاهم الجزئي لترسيخ وجودها دون التزام شامل ببنود الاتفاق في بقية المناطق.

إعلان

ويشرح المحلل شيخ عيسى، إن "قسد تخشى من أن تتحول دير الزور إلى جبهة خلفية تستخدم ضدها إن فشل التفاهم، لذلك تصر على أن يشمل الدمج المحافظات الثلاث دفعة واحدة" أي دير الزور والرقّة والحسكة.

ويضيف أن القلق يمتد إلى البعد الأمني، إذ إن "سيطرة الحكومة على الضفة الشرقية ستجعل نقل العتاد والمقاتلين أسهل في أي مواجهة لاحقة، بينما سيصعب على قسد صدّ التقدم من جهة النهر".

كما تخشى "قسد"، وفق الباحث، أن يؤدي البدء من دير الزور إلى اهتزاز الجبهة الداخلية لديها؛ "فقد يُفهم ذلك تخليا عن مؤيديها هناك، ما يفتح الباب للعشائر في الرقة والحسكة لإعادة التموضع باتجاه دمشق".

وعبّر قائد "قسد" مظلوم عبدي عن ذلك صراحة في مقابلة متلفزة بثتها وسائل إعلام كردية رسمية، وقال "ملفات الرقة ودير الزور والحسكة ترتبط بشكل نظام الحكم في سوريا"، مؤكداً أن انسحاب "قسد" من الرقة ودير الزور غير قابل للنقاش".

مصدر الصورة دير الزور تتمتع بتجانس عشائري يجعلها بوابة آمنة لتنفيذ اتفاق 10 آذار وفق محللين (الجزيرة)

احتمالات التنفيذ

يشير الباحثون إلى أن الاتفاق دخل مرحلة الاختبار العملي، مع مؤشرات لتفاهم شفهي جديد، منها تشكيل قوات مشتركة لمكافحة "الإرهاب" بإشراف وزارة الدفاع وقيادة ميدانية من قسد.

ويتجه النقاش، وفق شيخ عيسى، نحو تشكيل 3 فيالق وفرق عسكرية في المحافظات الثلاث بقيادة ضباط من قسد، تحت إشراف وزارة الدفاع، بينما تبقى ملفات التعليم والإدارة بيد الإدارة الذاتية (قسد).

ورغم التفاؤل، يحذر ديبو من أن أي نجاح يتطلب إرادة سياسية حقيقية، وليس لجانا شكلية، بينما يؤكد شيخ عيسى أن "الظروف مواتية أكثر من أي وقت مضى، غير أن التحدي الأكبر هو الثقة. إذا نجحت فستكون مقدمة لإعادة تشكيل المشهد في البلاد، وإذا فشلت، سنعود إلى المربع الأول: لن تكون حربا كاملة ولا سلاما حقيقيا".

ويختتم المحلل بسام سليمان إن "اللقاء الأخير بين وفدي دمشق وقسد كان إيجابيا نظريا، لكن الحكم سيكون على نتائج اللجان خلال الأسابيع المقبلة".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا