تحليل بقلم بريت ماكغورك محلل الشؤون الدولية في شبكة CNN ، وسبق أن شغل مناصب عليا في مجلس الأمن القومي الأمريكي في عهد الرؤساء جورج دبليو بوش، وباراك أوباما، ودونالد ترامب، وجو بايدن .
(CNN) -- خلال الـ24 ساعة الماضية، تابع العالم مشاهد استثنائية لإطلاق سراح رهائن من قطاع غزة ولمّ شملهم مع عائلاتهم، كما ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كلمة أمام البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، قائلاً إن "اليوم يمثل فجرا تاريخيا لشرق أوسط جديد" قبل أن يجتمع قادة العالم في مصر لمناقشة المراحل اللاحقة من خطته المكونة من 20 بندا لتحقيق سلام طويل الأمد وإعادة تأهيل غزة .
مع تطور كل هذا، سأركز على 3 أسئلة جوهرية :
ماذا تفعل حركة "حماس"؟
في صفقة الرهائن الأخيرة، التي ساعدتُ في التفاوض عليها، استغلت "حماس" وقف إطلاق النار للخروج من الأنفاق واستعادة السيطرة على غزة، وهذا يعني قتل الغزيين الذين قاوموا "حماس"، واستخدام تبادل الرهائن كدعاية بشعة.
وهدد هذا أي أمل في تمديد وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في وقت سابق من هذا العام إلى هدنة طويلة الأمد.
وهذه المرة، يبدو أن "حماس" تفعل الشيء نفسه، حيث تقوم بمداهمات سريعة للفلسطينيين في الشوارع .
لكن هذه المرة مختلفة أيضًا.
حيث يسمح الاتفاق الجديد للقوات الإسرائيلية بالبقاء في أكثر من نصف قطاع غزة، وهو أمر لم تكن الحركة لتقبله قط قبل هذا العام، كما يُجيز الاتفاق لقوات عسكرية أجنبية دخول تلك المناطق لضمان عدم عودة "حماس" إليها، ويحظى الاتفاق الجديد أيضًا بدعم جميع الدول العربية والإسلامية تقريبًا، ويدعو "حماس" إلى نزع سلاحها .
ومن المرجح أن تُوجّه حركة "حماس" الآن بنادقها نحو الفلسطينيين الأبرياء، لكن هامش المناورة لديها محدود .
وإذا أُريد إعادة تأهيل وإعادة إعمار غزة بأكملها، فيجب عليها قبول الاتفاق بالكامل والتخلي عن ادعائها الزائف بالسلطة في القطاع .
هل يجري تطوير هياكل سياسية وأمنية مؤقتة؟
تشمل العناصر الرئيسية لهذا الاتفاق، بالإضافة إلى إطلاق سراح الرهائن، إنشاء قوة أمنية مؤقتة وهيكل سياسي لغزة.
وإذا أُقيمت هذه الهياكل، فسيكون لخطة العشرين بندا فرصة للنجاح أما إذا لم تُقام، فقد تُعيد "حماس" سلطتها بالقوة مع مرور الوقت، وهي نتيجة تُبدد أي أمل في سلام طويل الأمد أو إعادة تأهيل قطاع غزة .
وهذا يعني التركيز خلال الأسابيع المقبلة على مدى استعداد الدول للمساهمة بقوات في قوة أمنية مؤقتة، وما إذا كان من الممكن إنشاء كيان حاكم مؤقت دون التدهور إلى شهور من الخلافات.
ومن المؤشرات الجيدة أن الجيش الأمريكي، تحت القيادة المركزية (سنتكوم)، يُنشئ بالفعل مواقعه خارج غزة للمساعدة في مراقبة الوضع وتمكين هذه القوة في نهاية المطاف.
ولا ينبغي للقوات الأمريكية دخول غزة، لكنها ستكون ضرورية لتأمين مساهمات القوات الأجنبية وضمان نجاح هذه القوة .
وفيما يتعلق بالكيان السياسي، يعود الأمر في النهاية إلى الفلسطينيين لتحديد من سيشارك، ولكن بدون قيادة أمريكية، و قد تتدهور العملية إلى شهور من الخلافات، مما سيصب في مصلحة "حماس" .
هل يجري تطوير خطة إعادة إعمار قابلة للتطبيق؟
ستستغرق إعادة إعمار غزة عقدًا أو أكثر ومئات المليارات من الدولارات.
وقبل 10 سنوات، ساهمت الولايات المتحدة في تنظيم تحالف عالمي وموارد هائلة لإعادة إعمار الموصل، في شمال العراق، التي كادت أن تُدمر خلال أكثر من عام من القتال لهزيمة تنظيم "داعش" .
والوضع في غزة أكثر تعقيدًا، إذ يمتد 300 ميل من الأنفاق المحفورة في طوابق متعددة تحت القطاع بأكمله، وهو جهد بناء قامت به "حماس" على مدى عقدين دون أن يتدخل أحد لإيقافه .
وأي أمل في إعادة إعمار قطاع غزة يتطلب جهدًا منسقًا عالميًا بقيادة الولايات المتحدة بمشاركة فلسطينيين غير تابعين لـ"حماس"، وموارد هائلة من شركاء أمريكا وحلفائها الإقليميين.
وينبغي أن يكون هذا محور تركيز قمة القاهرة المقبلة، وسأراقب الالتزامات المحددة بالموارد، بالإضافة إلى مؤشرات على جهد منظم لتخطيط إعادة الإعمار وتنفيذه .
وبالطبع، إذا أصرت "حماس" على البقاء مسيطرة على المناطق الواقعة فوق الحدود الإسرائيلية بموجب اتفاق ترامب، فستكون حركة "حماس" هي التي تعرقل إعادة إعمار تلك المناطق.
وفي غياب تخلي "حماس" عن السيطرة الأمنية، لن تكون هناك دول كثيرة مستعدة لدخول غزة أو تخصيص موارد لإعادة إعمارها .