وزير الداخلية الإسباني: سنقوم بخطوة استباقية عبر تقديم شكوى أمام الجنائية الدولية في أحداث أسطول الصمود#عامان_على_حرب_غزة pic.twitter.com/laWIcwtFtV
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 6, 2025
أنقرة- بإرهاق باد على الوجوه وأصابع ترفع شارات النصر، وصل عشرات النشطاء الدوليين إلى مطار إسطنبول -السبت الماضي- بعد أيام من الاحتجاز في إسرائيل، إثر مشاركتهم في أسطول الصمود العالمي الذي اعترضته جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء إبحاره نحو غزة لكسر الحصار عنها.
وفي مقابلات خاصة مع الجزيرة نت، يروي ناشطان كويتيان تفاصيل الساعات التي تحولوا فيها من متضامنين إلى شهود على الممارسات الإسرائيلية في عرض البحر وفي مراكز الاحتجاز.
وفيما يلي نص الحوار معهما:
يقول الطبيب الكويتي محمد جمال إن مشاركته في أسطول الصمود جاءت امتدادا لتجربته الإنسانية في غزة عام 2024، حين عاين من داخل المستشفيات انهيار المنظومة الطبية وسط مشاهد الإبادة و التجويع .
ويضيف أنه شارك "لكسر الصمت العالمي تجاه المجازر" وإيصال رسالة بأن "معاناة الفلسطينيين ليست أرقاما بل أرواح تباد أمام العالم"، مؤكدا أن هدفه كان "زرع الأمل ومقاومة تحويل الإنسان الفلسطيني إلى رقم في نشرات الأخبار".
أما رجل الأعمال الكويتي عبد الله مبارك المطوع، فيرى أن مشاركته نابعة من "تربية أصيلة تشرَّبها أبناء الكويت على أيدي قادتهم رسَّخت قيم نصرة المظلوم"، معتبرا أن القضية الفلسطينية "جزء من وجدان كل كويتي".
ويقول إن مشاهد القتل والتجويع في غزة دفعته للتحرك الفعلي، مضيفا أنه وجد في الأسطول "فرصة قدَّرها الله" ليكون جزءا من الجهود الإنسانية المتجهة إلى غزة.
يقول محمد جمال إن الرحلة إلى غزة كانت محفوفة بالمخاطر منذ بدايتها، إذ تعرض الأسطول لهجمات بالطائرات المُسيَّرة في المياه التونسية، في تهديد مبكر من جيش الاحتلال.
ويوضح أن "الدرونات ظلت تحوم فوقنا طوال الليل وتقصف محيط السفن في ظلام دامس، بينما كنا نترقب الهجوم في أي لحظة"، مشيرا إلى أن التهديدات تزايدت حين تلقوا تحذيرات من احتمال قصف مباشر، لكن "98% من المشاركين قرروا المضي رغم كل شيء".
ويصف جمال اللحظات الأخيرة قبل الاعتراض بأنها "كابوس فوق الأمواج"، حين أحاطت بهم أكثر من 20 سفينة حربية تقل مئات الجنود المدججين بالسلاح.
ويقول جمال "قفزوا إلى قاربنا الصغير وهم يصرخون ويوجهون أسلحتهم إلى صدورنا، وأبقونا لساعات تحت الشمس الحارقة بلا طعام ولا ماء"، مضيفا أن الجنود تعاملوا معهم "كأننا مجرمون لا متطوعون إنسانيون".
وفي السياق، يروي عبد الله المطوع أن "الهدوء الذي سبق العاصفة" خلال الرحلة لم يكن سوى تمهيد لهجوم وحشي لاحق، ويقول إن السفن الحربية الإسرائيلية "ظهرت فجأة من العتمة، تحاصر القارب من كل الجهات وتوجه الأضواء الكاشفة نحو وجوهنا"، قبل أن يقتحمه الجنود "بطريقة استعراضية هدفها بث الرعب".
ويضيف "وجَّهوا البنادق إلى رؤوسنا، وسلطوا الليزر على أعيننا، وأغرقونا بالماء سخرية واستهزاء، كأنهم يتسلون بإذلالنا"، مشيرا إلى أن المشاركين تخلَّصوا من هواتفهم قبل لحظات من الاقتحام "خشية استخدامها أداة ابتزاز"، مؤكدا أنهم "تمسَّكوا بالهدوء حتى وهم في قبضة جنود لا يعرفون معنى الإنسانية".
يقول الناشط محمد جمال إن ما واجهوه بعد اقتيادهم إلى ميناء أشدود كان "صفحة جديدة من الإهانة والتجريد من الإنسانية"، حيث تعاملت القوات الإسرائيلية معهم بعنف مفرط، وصادرت ممتلكاتهم الشخصية، وأبقتهم لساعات تحت الشمس دون طعام أو ماء، ويضيف "الجنود استخدموا القوة المفرطة حتى في أبسط الأوامر، وكان الهدف واضحا، وهو إذلالنا".
ويروي أنهم نقلوا في ظروف قاسية إلى سجن في صحراء النقب ، "حيث الزنازين مكتظة والماء من صنبور الحمام والطعام لا يُؤكل"، مؤكدا أن الإهانة كانت ممنهجة، والشتائم لا تتوقف ليلا أو نهارا.
أما عبد الله المطوع فيقول إن أقسى لحظة عاشها كانت عندما انتزع أحد الجنود علم الكويت من حقيبته وداسه على الأرض، رغم صراخه في وجهه "هذا علم الكويت، بلد الإنسانية!"، ويضيف أن تلك الإهانة كانت أشد وقعا عليه من الاعتقال نفسه.
ويتابع أن ظروف السجن كانت قاسية، إذ ناموا في زنازين الأسرى الفلسطينيين السابقة وقرأوا على جدرانها أسماء معتقلين من غزة، مشيرا إلى أنه أضرب عن الطعام احتجاجا على سوء المعاملة، ويختم قائلا "الاحتلال كشف عن وجهه الحقيقي، فالقسوة التي يمارسها ضد المتضامنين لا تقل عن عنفه ضد الفلسطينيين".
يقول الطبيب الكويتي محمد جمال إن أسطول الصمود نجح في كسر حاجز الصمت العالمي حول معاناة غزة، بعد أن أعاد وجود متطوعين مدنيين في عرض البحر تسليط الضوء على قضية حاول العالم تطبيعها بالنسيان.
ويرى أن احتجاز المشاركين كشف "طبيعة الاحتلال"، إذ أظهر خوفه من أبسط أشكال التضامن الإنساني، "ففي محاولته لإسكاتنا، منحنا صوتا أعلى".
وفي الاتجاه نفسه، يؤكد عبد الله المطوع أن الأسطول حمل رسائل متعددة:
ويضيف أن كسر الحصار "تجسَّد في الإبحار ذاته"، فالمعنى الحقيقي -كما يقول- هو أن العالم لم يعد يقبل بحصار غزة، وأن التضامن أصبح فعلا سياسيا وإنسانيا يبعث الأمل بالتغيير.
يقول محمد جمال إنه شعر بفخر كبير تجاه الموقف الشعبي والرسمي في بلاده عقب اعتقال النشطاء من بلده، مشيرا إلى أن "الكويتيين بأكملهم وقفوا معنا، من الشعب إلى القيادة"، ويؤكد أن الإعلام المحلي تفاعل على نطاق واسع، وأن مواقف الكويت الثابتة "تعكس التزامها التاريخي بنصرة القضايا العادلة والإنسانية".
أما عبد الله المطوع فيوضح أن صدى الرحلة وصل إلى الداخل الكويتي بقوة، إذ تحركت الكويت كلها بالدعاء والتأييد، معتبرا أن ما حدث "تعبير عن ثقافة وطنية راسخة في حب الخير ونصرة الضعفاء".
ويختم بالقول إن "هذه التجربة ذكَّرت العالم بدور الكويت كصوت أخلاقي في المنطقة، حيث تقاس قوتها بثبات مبادئها لا بحجمها العسكري".