في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
غزة- ما أن طرح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب ، مبادئ خطته للسلام وإنهاء الحرب على غزة ، حتى بدت المطالب الإسرائيلية تسيطر على تفاصيلها، دون الالتفات إلى أدنى ما يريده الفلسطينيون في قطاع غزة بعد عامين من الحرب.
وفي الوقت الذي أولى فيه ترامب اهتماما باستعادة الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة بغزة خلال 72 ساعة، فإنه ترك ما يقابل ذلك من الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين وانسحاب الجيش من القطاع للأهواء الإسرائيلية.
وبينما يتطلع الفلسطينيون لإقامة دولتهم بعد توالي الاعترافات الدولية بها، يريد ترامب أن يعيد الوصاية على قطاع غزة ويصادر سلاح المقاومة بهدف شيطنتها وطي ملف القضية الفلسطينية .
يجمع محللون سياسيون تحدثوا للجزيرة نت، على أن ترامب يريد من خطته تلك، منح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- كل ما أخفق في الحصول عليه منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر /تشرين الأول 2023.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي من غزة إياد القرا، إن القراءة الأولية لخطة ترامب تكشف سلبيتها، لأنها مُغلَّفة برؤية إسرائيلية بهدف تمرير ما يريده نتنياهو.
وأوضح القرا في حديث للجزيرة نت، أن ترامب منح ملف الجنود الأسرى الإسرائيليين أولوية كبيرة، ووضع سقفا زمنيا لإطلاق سراحهم خلال 72 ساعة من بدء تنفيذ الخطة، في حين تجاهل كيف يتم ذلك ولم يتطرق للضمانات التي تؤدي لوقف العدوان والتزام إسرائيل بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من سجونها.
وبحسب القرا، فإن خطة ترامب تجاهلت مقترحي مبعوثه ستيفن ويتكوف الأول والثاني حول ضمانات تطبيق أي اتفاق، وذهب لتحقيق المطالب الإسرائيلية كاملة بما فيها انتزاع إدارة قطاع غزة من الفلسطينيين عبر ما سماه مجلس السلام، والحديث عن قوات استقرار دولية.
وشدد على أن ترامب ترك مراحل الانسحاب الإسرائيلي من غزة غير واضحة وخاضعة لأهواء نتنياهو، في الوقت الذي تهضم فيه الخريطة المرفقة لتواجد الجيش مساحة ثلثي القطاع.
وقارن المطروح أميركيا في الخطة الخاصة بغزة، بالاتفاق الذي جرى مع لبنان والذي استغله الاحتلال لشنِّ عدوانه متى شاء، وهو ما يريد تكراره في غزة.
ولفت المحلل القرا إلى أن حديث ترامب عن نزع سلاح المقاومة، بعيد عن الواقع لأنه لا يوجد في قطاع غزة سلاح إستراتيجي، وإنما تعمل المقاومة بإمكانات محدودة وبأسلحة فردية في أسلوب أقرب لحرب العصابات.
وأضاف "ما فشلت فيه إسرائيل خلال عامين من الإبادة الجماعية في غزة، تريد تحقيقه عبر بنود الاتفاق، وأخطرها إبعاد رموز المقاومة خارج قطاع غزة كخطوة خطيرة وحسَّاسة يراد بموجبها شيطنة المقاومة وإنهاؤها كحالة وطنية مرتبطة بوجود الاحتلال".
ونوَّه إلى أن ترامب أبقى في التفاصيل قضية التهجير تحت عنوان "طوعي"، وترك الكثير من القضايا دون تفاصيل، رغم أن الجميع يعلم المراوغة الإسرائيلية في جميع محطات التفاوض.
وتوقع القرا أن تطالب حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) بتفاصيل أكثر بكل ما تم طرحه بما فيها جداول الانسحاب من قطاع غزة، والاتفاق على مواعيد تسليم الأسرى بناء على الوقائع الميدانية، وأن تطرح هدنة طويلة الأمد دون أي عمل مسلح.
وكشف ترامب -أمس الاثنين- خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو عن مقترحه الخاص بإنهاء الحرب، والذي يطالب بإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين بشكل فوري وخلال 72 ساعة، ونزع سلاح حماس وتدمير بنيتها العسكرية.
وبحسب ترامب فإن الأطراف ستتفق على جدول زمني لانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة على مراحل، في حين ستكون الدول العربية والإسلامية مسؤولة عن التعامل مع حماس، التي إن رفضت الاتفاق فإن نتنياهو سيحصل على الدعم الأميركي الكامل للقيام بما يجب.
وتدعو خطة ترامب لتأسيس هيئة دولية إشرافية جديدة على قطاع غزة باسم "مجلس السلام" تكون برئاسته.
وحول ذلك، يرى المحلل السياسي الفلسطيني، وسام عفيفة، أن خطة ترامب لا تعدو أن تكون مزيجا من اشتراطات نتنياهو ومشروع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير ، ووعوده الفضفاضة، فهي تُلزم حماس والمقاومة والشعب الفلسطيني بدفع الفاتورة مقدّما، بينما تُعفي الاحتلال من أي ثمن أو استحقاق.
وقال عفيفة للجزيرة نت: في مشهد كهذا يبدو العرض مجرد صفقة من طرف واحد، تُكتب شروطها في تل أبيب ويُعلنها ترامب للعالم، بلا التزام سوى من الضحية.
ويعتقد عفيفة أن انتظار التفاصيل وموقف أوضح من القادة العرب والوسطاء هو الاختبار الحقيقي لمصداقية أي حديث عن نهاية الحرب.
ويرجح أن يكون رد حماس إيجابيا بالعموم، "على قاعدة البناء على العرض وليس قبوله كما هو"، خصوصا أنه يفتقر لكثير من التفاصيل، وبات يخضع للتفسيرات الإسرائيلية.
وفي قراءة عسكرية لخطة ترامب، يعتبر المختص بالشأن الأمني، رامي أبو زبيدة، أنها تُحوِّل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى إدارة أمنية دولية لقطاع غزة وتهدد شرعية المقاومة.
وقال أبو زبيدة للجزيرة نت، إن الخطة تربط الانسحاب الإسرائيلي من القطاع بنزع السلاح، مما يضع المقاومة تلقائيا في خانة التشويه القانوني والسياسي والاجتثاث قبل أي تسوية ميدانية.
وتترك خطة ترامب، وفق المحلل الأمني، المجال مفتوحا أمام إسرائيل للعودة للعدوان تحت أي ذريعة، في حين قد يتحول إدخال تشكيلات دولية أو عربية للمشهد الأمني إلى امتداد للأمن الإسرائيلي عبر تنسيق استخباراتي وعملياتي، مما يُسهّل استهداف المقاومة وحاضنتها ويقوّض فاعليتها الميدانية ودورها.
يفاوضون أنفسهم!
يقرّ بعض الصهاينة أن ورقة الـ21 بندا (لصفقة غزة) قد صيغت بإشراف ذراع نتنياهو (ديرمر)، وهو التقى ليلا مع تلميذيْه (ويتكوف وكوشنر)، بانتظار لقاء المساء (بتوقيتنا) مع ترامب.
"حماس" لم تحصل على الورقة رسميا، وإن تابع قادتها النصّ المُتاح.
المعضلة أن ترامب يبحث عن… pic.twitter.com/ToOPD4vsBY
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) September 29, 2025
وحذَّر أبو زبيدة من أن تقييد حرية الحركة "يشوبها مخاطر استخباراتية وقانونية"، كما أن تصنيف المقاومة كنشاط "إرهابي" أو حرمانها من شرعية الدفاع يزيد من احتمالات اعتقال واستهداف قياداتها ومناصريها بدعم وغطاء قانوني دولي إقليمي.
وأضاف أن خطة ترامب بمثابة إطار لإرساء وصاية دولية إقليمية على قطاع غزة تُفقد المجتمع الفلسطيني والقوى المقاومة أدوات القرار والشرعية، وقد يحوّل القطاع إلى أرض تحت رقابة دائمة.
يذكر أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قال في تسجيل مصور قبل مغادرته الولايات المتحدة إنه "بدلا من أن تعزلنا حماس، قلبنا الأمور وعزلنا حماس، وكل العالم قبلوا بالخطة التي بلورناها مع ترامب".
ونوه نتنياهو إلى أنه وفق الخطة سيتم الإفراج عن كل الأسرى الإسرائيليين، بينما الجيش ما يزال يتواجد في معظم مناطق القطاع، مشددا على عدم قبوله بدولة فلسطينية، وهذا غير مذكور في الخطة.