آخر الأخبار

إيران تعيد بناء القلب النابض.. هل تحضر لضربة استباقية؟

شارك
صور أقمار صناعية تظهر بدء إيران إعادة بناء مواقع الصواريخ

وسط تصاعد التوترات الإقليمية، تتخذ إيران خطوات متسارعة لتعزيز جاهزيتها العسكرية، بينما تمضي في مسار دبلوماسي متوازن يهدف إلى حماية مصالحها الوطنية والتعامل مع التهديدات الإسرائيلية والأميركية.

في الوقت نفسه، يعكس الاستعداد الإيراني الأخير لمواجهة أي سيناريو محتمل، بما في ذلك الصراع المباشر مع تل أبيب، مدى الجدية التي تتعامل بها طهران مع ما تعتبره تهديدا وجوديا.

تأتي هذه التحركات بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على المواقع الإيرانية خلال عملية "الأسد"، الذي كشف عن ثغرات في القدرات الدفاعية الإيرانية، خاصة بعد تدمير بطاريات إس 300 الروسية، مما دفع طهران إلى تسريع صفقات عسكرية مع روسيا و الصين لتعزيز قدراتها الصاروخية والدفاعية.

تعزيز القوة الجوية والدفاعية

كشف أحد البرلمانيين الإيرانيين عن دخول مقاتلات ميغ 29 الروسية الخدمة في إيران، مع توقع وصول سوخوي 35 تدريجيا على المدى الطويل، إلى جانب شراء أنظمة دفاع جوي روسية من طراز إس 400 وأخرى صينية من طراز HQ-9.

تأتي هذه الخطوة لتعويض الثغرات التي كشفها الهجوم الإسرائيلي، ولتعزيز القدرة على صد أي اعتداء محتمل على الأجواء الإيرانية.

كما تعمل إيران على إعادة بناء مواقع إنتاج الصواريخ التي استهدفتها إسرائيل خلال الأشهر الماضية، رغم التحديات التقنية المتعلقة بإنتاج الوقود الصلب للصواريخ الباليستية.

خبراء أشاروا إلى أن هذه الخطوة تمثل جزءا من استراتيجية إيران للحفاظ على قدرتها الردعية، خاصة مع استمرار الضغوط الإسرائيلية والأمريكية على برنامجها النووي والصاروخي.

الاستعداد الصاروخي كمحور رئيسي

تعتبر منظومة الصواريخ الإيرانية الخط الدفاعي الأبرز لطهران، بعد كشف الضعف في القدرة الجوية خلال "حرب الـ12 يومًا".

رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف أكد في تصريحات علنية أن حزب الله أكثر نشاطا وحيوية من أي وقت مضى، وأنه قادر على شن هجوم بعمق يصل إلى 200 كلم، لكنه شدد على أن إيران وحدها تتحمل مسؤولية الرد على الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة.

هنا يبرز تحليل محمد صالح صدقيان لـ"التاسعة" على سكاي نيوز عربية، الذي اعتبر أن تطوير القوة الصاروخية الإيرانية لم يعد خيارًا بل ضرورة، خصوصًا بعد مفاجآت العدوان الإسرائيلي في 13 يونيو الماضي.

وأوضح أن إيران تتعامل مع التحركات الإسرائيلية على أنها مرتبطة بالضوء الأخضر الأميركي المحتمل، وأنها تعمل على بناء جهوزيتها على مستوى الأجهزة العسكرية والسياسية والاقتصادية لمواجهة أي سيناريو، سواء مرتبطا بفرض عقوبات إضافية أو بتطورات محتملة في الاتفاق النووي.

تصريحات صدقيان تشير إلى أن إيران لن تعتمد على حلفائها مثل حزب الله للرد على الاعتداءات، وإنما تسعى إلى إدارة ردها بشكل مستقل، لتؤكد السيطرة الكاملة على مسار المواجهة.

هذا يعكس التوازن الاستراتيجي الإيراني بين الرد العسكري المباشر والحفاظ على تحالفاتها الإقليمية دون الإفراط في الاعتماد عليها.

المسار الدبلوماسي والسياسي

إلى جانب التحركات العسكرية، تواصل إيران مسارها الدبلوماسي المكثف، بقيادة وزير الخارجية عباس عراقجي، الذي أجرى سلسلة من الاجتماعات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ودول الترويكا الأوروبية، بالإضافة إلى لقاءات مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ومجلس محافظي الوكالة.

ويشير صدقيان إلى أن إيران تسعى من خلال هذه المسارات إلى حماية مصالحها، خصوصًا في ظل احتمال تفعيل آلية "سناب باك" لإعادة فرض عقوبات على طهران، ما سيكون له تأثير مباشر على الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

وتؤكد التحركات الدبلوماسية على أن إيران تعتمد على مسارين متوازيين: الأول عسكري وأمني لتعزيز الجهوزية الدفاعية، والثاني سياسي ودبلوماسي للحفاظ على المكاسب الدولية والتخفيف من الضغوط الغربية.

الرد الإيراني على الاعتداءات الإسرائيلية

شهدت الأشهر الماضية ثلاث ضربات رئيسية ردًا على الاعتداءات الإسرائيلية: استهداف السفارة الإيرانية في دمشق، اغتيال إسماعيل هنية في طهران، والهجمات على المواقع الإيرانية في "عملية الأسد".

يؤكد صدقيان أن إيران لم تطلب من حزب الله أو أي فصيل آخر الرد نيابة عنها، بل تولت نفسها مهمة الرد المباشر، وهو ما يبرز استقلالية القرار الإيراني وقدرتها على الرد بشكل متحكم ومدروس.

ويضيف أن هذا النهج يعكس استراتيجية إيران في التحكم بمسار المواجهة مع إسرائيل، بحيث لا تتحول إلى حرب مفتوحة أو مواجهة غير محسوبة، بل إدارة دقيقة للأزمات.

الجانب الأميركي وتطوير القدرات الهجومية

في موازاة التطورات الإيرانية، تقوم الولايات المتحدة بتعزيز قدراتها الهجومية، حيث تقدمت القوات الجوية بطلب لتطوير الجيل التالي من قنابل NGB-C المصممة لاختراق المخابئ المحصنة.

تشمل التطويرات تقليل الوزن، تحسين القدرة على اختراق أعماق الأرض والتجاويف تحت السطح، وإضافة أنظمة متقدمة لحساب عمق الهدف، ما يعكس استعداد واشنطن لأي سيناريو محتمل ضد إيران.

ويشير صدقيان إلى أن هذا التطور يعكس التوازن الاستراتيجي الذي تحاول الولايات المتحدة الحفاظ عليه في المنطقة، مع إرسال رسالة واضحة لإيران بأن أي تصعيد سيواجه بقدرات هجومية متقدمة، وهو ما يزيد من حساسية الوضع الأمني في الشرق الأوسط.

الأمن القومي الإيراني ومراجعة الاستراتيجية

يؤكد صدقيان أن إيران تقوم بمراجعة شاملة لاستراتيجيتها الأمنية والإقليمية، في ضوء التطورات الأخيرة في لبنان وسوريا وقطاع غزة.

ويشير إلى أن هذه المراجعة تتضمن تقييم نقاط القوة والضعف في قدرات الدفاع الجوي والصاروخي، وتحليل التهديدات الأمنية والسياسية، وإعادة ترتيب الأوراق بعد الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة.

ويرى صدقيان أن التحركات الإيرانية تشير إلى أن البلاد تسعى لتحقيق توازن دقيق بين الردع العسكري والدبلوماسية النشطة، بهدف الحفاظ على الأمن القومي، مع الاستعداد لأي مواجهة محتملة، دون الدخول في مواجهة مفتوحة قد تضر بمصالحها الإقليمية والدولية.

تشير تصريحات صدقيان إلى أن إيران لن تتخلى عن حلفائها مثل حزب الله، لكنها تتحكم في مسار المواجهة. وتوضح أن العلاقة الإيرانية مع حزب الله استراتيجية، سواء على المستوى العسكري أو السياسي، وأن طهران تعتمد على قوة حزب الله في تعزيز الردع الإقليمي، لكنها لا تمنحه حرية تنفيذ عمليات مستقلة دون التنسيق مع القيادة الإيرانية.

هذا النهج يعكس استراتيجيتها في الحفاظ على تأثيرها الإقليمي، مع التحكم الكامل في عمليات الرد على أي اعتداءات، وهو ما يبرز قدرة إيران على إدارة الصراعات بشكل مركزي وفعال.

السيناريوهات المستقبلية

مع اقتراب موعد انتهاء صلاحية الاتفاق النووي المبرم عام 2015، واحتمالية إعادة فرض العقوبات، تبدو إيران مصممة على تعزيز جهوزيتها العسكرية والاقتصادية والسياسية.

ويشير صدقيان إلى أن هناك احتمالًا لتصعيد محدود أو مواجهة مفتوحة، إلا أن طهران تعتمد على تقييم دقيق لكل خطوة لضمان عدم الانزلاق إلى حرب شاملة قد تؤثر على مصالحها الإقليمية والدولية.

كما يوضح أن المسار العسكري والدبلوماسي يسيران بالتوازي، بحيث يتيح لإيران المرونة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية، مع الحفاظ على الردع ضد إسرائيل وأي تهديد أمريكي محتمل، وضمان السيطرة الكاملة على مسار المواجهة.

تؤكد التحركات الإيرانية الأخيرة، سواء على الصعيد العسكري أو الدبلوماسي، أن طهران تعمل على تعزيز قوتها الصاروخية والقدرات الدفاعية، مع إدارة حذرة للأزمات والتهديدات الإقليمية. كما يظهر أن إيران اختارت مسارا مزدوجا يجمع بين الاستعداد العسكري، تعزيز الردع الاستراتيجي، والمناورات الدبلوماسية المكثفة، للحفاظ على مصالحها الوطنية وحماية حلفائها في محور المقاومة.

ويشير تحليل محمد صالح صدقيان إلى أن إيران تسعى لتحقيق توازن دقيق بين الرد العسكري المباشر والسياسة الدبلوماسية، مع التحكم الكامل في مسار المواجهة، ما يعكس قدرة طهران على إدارة أزماتها بحذر، والاحتفاظ بخياراتها الاستراتيجية لمواجهة أي تهديد محتمل من إسرائيل أو الغرب.

إن المشهد الإيراني الحالي يظهر أن الاستعداد العسكري لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحة، وأن الصواريخ والمقاتلات الحديثة ليست مجرد أدوات دفاعية، بل أدوات ردع استراتيجية تمثل قلب السياسة الإيرانية في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا