في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بيروت- بعد جدل واسع وترقّب في الشارع اللبناني، أضاء حزب الله، مساء اليوم الخميس، صخرة الروشة في بيروت بصورتي أمينه العام السابق حسن نصر الله وخلفه هاشم صفي الدين في الذكرى الأولى لاغتيالهما، وذلك بحضور فعاليات حزبية وأهلية وحشود من المواطنين، في مشهد حمل دلالات سياسية متباينة.
وعُرضت صور الشهيدين على الصخرة الشهيرة في خطوة رمزية اعتُبرت رسالة وفاء لمسيرتهما في مواجهة إسرائيل والدفاع عن لبنان، كما أُسقطت على الصخرة صور جمعت نصر الله برئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري ووالده الرئيس الراحل رفيق الحريري.
وتتربع صخرة "الروشة" على ساحل بيروت، شاهدة على تحولات المدينة عبر العصور، ولم تعد هذه الصخرة التاريخية مجرد معلم طبيعي، بل تحولت إلى رمز للصمود والهوية اللبنانية، بعد أن مرّت عليها حضارات متعاقبة وشهدت فترات من النزاعات والتوترات السياسية.
وتحضر الصخرة هنا كرمز وطني جامع، اختار الحزب أن يجعلها منصة لتحمل هذه الذكرى في قلب العاصمة، غير أن هذا الاختيار نفسه فتح بابا واسعا للنقاش، إذ اعتبره أنصار الحزب فعل وفاء، في حين رآه خصومهم محاولة استحواذ على فضاء عام يفترض أن يبقى مشتركا بين كل اللبنانيين.
وتأتي الفعالية ضمن سلسلة نشاطات أعلنها حزب الله بين 25 سبتمبر/أيلول الجاري و12 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، أبرزها احتفال مركزي يتحدث خلاله الأمين العام الحالي نعيم قاسم.
واللافت أن البرنامج يتجاوز نطاق الضاحية الجنوبية ليتمدّد إلى بيروت نفسها، في مسعى يُراد له -على ما يبدو- أن يكرّس الحضور الرمزي للحزب خارج بيئته المباشرة.
وكان رئيس الوزراء نواف سلام قد أصدر تعميما يضع ضوابط مشددة على استخدام الأملاك العامة والمعالم السياحية والأثرية في أي نشاط سياسي أو دعائي، ورغم أنه لم يذكر حزب الله صراحة، إلا أن توقيت المذكرة بدا وكأنه إشارة مباشرة إلى فعالية الروشة.
وسرعان ما تحولت المذكرة إلى مادة سجالية بين من طالب بتطبيق القانون بلا استثناء، ومن رأى فيها استهدافا سياسيا مبطنا لبيئة المقاومة، أما الحزب، فاختار الصمت ولم يصدر أي بيان حول إلغاء أو استمرار الفعالية.
وهكذا، تتجاوز إضاءة صخرة الروشة حدود فعل رمزي محلي، لتتحول إلى مواجهة سياسية حول من يملك حق استثمار المعالم الوطنية في بلد يعيش على تماس دائم بين رموز الوحدة ورموز الانقسام.
يرى المحلل السياسي خلدون شريف أن خطوة إضاءة صخرة الروشة "لم تكن موفقة"، لافتا إلى أن الانقسام في لبنان مسألة "مزمنة وطبيعية، وثمة دائما من يعتبر أي قتيل شهيدا، في حين لا يوافق آخرون على ذلك".
وأوضح شريف، في حديثه للجزيرة نت، أن القضية مرتبطة باغتيال الأمين العام الأسبق لحزب الله حسن نصر الله على يد إسرائيل ، معتبرا أن الجدل حول شخصيته "طبيعي بين من يراه رمزا جامعا ومن يعتبره مثيرا للانقسام".
لكن شريف شدّد في المقابل على أن "المصلحة الوطنية العليا تفرض تجنّب أي توترات طائفية أو مذهبية أو سياسية، والعمل على تعزيز الاستقرار الداخلي عبر آليات تنفيذ واضحة للبيان الوزاري وخطاب القسم".
وبشأن رمزية إضاءة الصخرة، قال شريف إنه لا يعرف الرسالة التي أراد الحزب إيصالها من هذه الخطوة، معتبرا أن "الجدل القائم لا يستحق كل هذه الضجة، سواء أُضيئت الصخرة أم لا".
من جهته، قال المحلل السياسي قاسم قصير: إن اختيار صخرة الروشة لإحياء المناسبة يحمل دلالات رمزية باعتبارها أحد أبرز معالم بيروت ولبنان، وكونها تمثل رمزا للصمود في وجه الأزمات والزلازل.
وأضاف قصير في حديثه للجزيرة نت أن "السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين يُنظر إليهما بوصفهما شهيدي لبنان وفلسطين في مواجهة إسرائيل".
وأشار إلى أن إقامة النشاط في بيروت يعكس حرص حزب الله على تأكيد حضوره السياسي والشعبي في العاصمة وسائر المناطق، لافتا إلى أن الروشة اختيرت تحديدا لما تجسده من رمزية مقاومة لبيروت ولبنان، ولأن العاصمة كانت منذ عام 1982 منطلق المقاومة الإسلامية والوطنية، كما شكّلت ساحة دعم أساسية للقضية الفلسطينية.