آخر الأخبار

مصلّون للجزيرة نت: الانتهاكات في الأقصى بعد الحرب أخذت منحى غير مسبوق

شارك





لا يمكن القول إن ساحات المسجد الأقصى لم تكن مستباحة قبل اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، غير أن ما حدث بعد هذا التاريخ من انتهاكات تجاوز كل الخطوط الحُمر.

ولا بدّ من الالتفات إلى أن الاعتداءات على أولى القبلتين تنفذ على يد أذرع الاحتلال وأجهزته وعلى رأسها الشرطة الإسرائيلية، أو على يد جماعات الهيكل المتطرفة وأنصارها والمدعومين من حكومة الاحتلال أيضا.

وكان إجبار أئمة وخطباء الأقصى على عدم ذكر غزّة في دعائهم وخطبهم، من أبرز الانتهاكات التي سُجّلت الأشهر الأخيرة، ورأى المصلون في ذلك تدخلا سافرا في حرية العبادة داخل مسجدهم، بيد أن الاحتلال مضى في تطبيق سياسة تسليم أمر إبعاد عن الأقصى بحق كل من "يُخالف" أوامره.

ومن أبرز الانتهاكات التي رُصدت أيضا وجود عناصر من شرطة الاحتلال في أوقات الصلاة عند البوائك المحيطة بمصلى قبة الصخرة المشرفة، وبالتحديد عند البائكة الجنوبية، وبات هذا الانتهاك أمرا واقعا خلال الحرب، إضافة إلى نصب كاميرات جديدة وحواجز شرطة عند مداخل الأروقة المؤدية إلى المسجد.

مصدر الصورة الشرطة الإسرائيلية تواصل تمركزها بشكل دائم عند أبواب المسجد الأقصى (الجزيرة)

الاعتراض ممنوع

الجزيرة نت استطلعت آراء عدد من المصلين عن مشاهداتهم في ساحات المسجد الأقصى وعلى أبوابه منذ اندلاع الحرب، أحدهم المدوّن عمر عاصي الذي وصل إلى المسجد قادما من قرية كفر برا في الداخل الفلسطيني ، الذي قال إن بعض الانتهاكات كانت ملاحظة قبل الحرب، لكنها تأججت واتضح أثرها بشكل لافت بعد اندلاعها.

ومن هذه الملاحظات أن المصلين لا يجادلون عناصر الشرطة المتمركزة عند الأبواب إذا مُنعوا من دخول الأقصى، ولم يكن هذا معتادا قبل الحرب، إذ كانت تدور جدالات وحالة من التحدي، غير أن ذلك شبه اختفى بسبب العربدة على الأبواب وسياسة بن غفير المتمثلة في "صفر تسامح"، وفقا لعاصي.

إعلان

ولا يقتصر الأمر على المنع من دخول المسجد، بل إن كثيرا من الشبان -وفقا للمدوّن الفلسطيني- تعرضوا للاستدعاء والتهديد، لأنهم نشروا على موقع فيسبوك صورا للصلاة من المسجد الأقصى، وهي منشورات "لا تمس بالسياسة ولا الأمن".

لاحظ عاصي أيضا أن نسبة كبيرة من المؤثرين الذين كانوا يكتبون عن القدس والأقصى ويشاركون على منصاتهم مقاطع فيديو من داخل المسجد والبلدة القديمة اختفوا تقريبا، وفي تعقيبه على ذلك قال: "صحيح هناك ملاحقة، لكننا بتنا وكأننا نُخلي مسؤوليتنا عندما نكرر الحديث عن الملاحقة".

سلوك مختلف

وأضاف "عندما كان 100 مستوطن يقتحمون الأقصى عام 2009، كانت تثور ثائرة المصلين واليوم يقتحمه الآلاف ولا نسمع صوتا، وهذا ملحوظ حتى قبل اندلاع الحرب".

وتحدث عاصي عن سلوك الشرطة الذي اختلف تجاه المستوطنين بعد الحرب، قائلا "لم نكن نشاهد من يحتضن من يؤدون الصلوات التلمودية في الأقصى ولا من يتضامن معهم من الشرطة، أما الآن فنرى ذلك بشكل جلي".

وتطرق إلى سلوك الشرطة تجاه المصلين خلال فترة وجود المستوطنين بالساحات، قائلا "كنتُ وأسرتي نسير قرب باب المطهرة ونجرُّ عربة طفلي في المكان، واعترض شرطي على ذلك، لأن العربة تصدرُ إزعاجا، ولأن المستوطنين يجب أن يمروا من المكان دون وجودنا".

وفي ذلك اليوم أيضا، لاحظ عاصي مدى استمتاع المستوطنين بشرب الماء من سبيل قايتباي قبل خروجهم، وهو الانتهاك الذي لم يكن يُسجل قبل الحرب.

الأقصى ليس للصلاة فقط

المصلية المقدسية هنادي قواسمي قالت إن تعامل المسلمين مع المسجد الأقصى بعد اندلاع الحرب بات وكأنه مجرد مكان لأداء الصلاة فقط، معتبرة ذلك مؤشرا خطيرا على مستوى الممارسة والوعي، حتى وإن كان المصلون لا يقصدون ذلك.

وأضافت -في حديثها للجزيرة نت- "يمكن أن نأخذ شهر رمضان كمثال على ذلك؛ آلاف مؤلفة تؤدي الصلوات وتغادر دون أن تعترض على كل سياسات إقصائها ومحاصرتها وقمعها، وأبسط مظهر لذلك الجنود الذين كانوا يتجولون بين صفوف النساء في صلوات التراويح، كان حدث مثل هذا يمكن أن يؤدي إلى مناوشات أو حتى بعض الصراخ والجدال".

أما اليوم فهناك شخصيات ومسؤولون يدعون المصلين "للهدوء" بشكل دوري، "وسمعناهم في رمضان يرددون: جئنا هنا للعبادة. طبعا لا شك أننا جئنا للعبادة، لكن تلك الجملة يراد منها إسكات أي صوت يعترض على القمع بحجة حماية الأطفال والنساء، وبالتالي المساهمة في تمرير سياسات التهويد بكل أريحية وبكل صمت من قبل المجتمع الفلسطيني" أردفت المقدسية قواسمي.

وتساءلت: "إذا كان هذا هو الوضع في أهم موسم للمسلمين في الأقصى وفي الوقت الذي تتكثف فيه أعدادهم، فما بالك بالوضع في أعياد اليهود؟"، مضيفة "لا شك أن سياسة الترهيب والاعتقال والإبعاد من قبل إسرائيل والخضوع والعجز الذي قابلنا به تلك السياسة، سيؤديان إلى موسم اقتحامات شرس وفجور في إظهار الطقوس وإقامة الصلوات اليهودية".



إبعاد وترهيب

وقد يكون حال المبعدين عن الأقصى بأوامر إبعاد تعسفية أصعب من غيرهم، إذ تكثفت الهجمة عليهم في بداية الحرب، واعتُقل عدد منهم وتم ترهيبهم على نحو اضطر ببعضهم لتجنب الوجود في الأروقة المؤدية إلى المسجد.

إعلان

نظام أبو رموز أحد المبعدين الذين لا يزالون يصرون على التوجه يوميا إلى البلدة القديمة للصلاة في أقرب نقطة للصلاة جماعة مع إمام المسجد الأقصى، رغم القمع المتكرر. وبحكم هذا الوجود، لاحظ أبو رموز مدى العنف الذي يستخدمه الاحتلال ضد المصلين القادمين من مدن وبلدات الداخل الفلسطيني خلال الحرب، وتعمُد منعهم من الدخول وطردهم خارج سور البلدة القديمة التاريخي.

"نلاحظ نصب السواتر الحديدية التي يقف خلفها الجنود في مواقع عدة بالبلدة القديمة خلال الأعياد اليهودية لإعاقة وصول المصلين، وبدأنا نلاحظ أن المستوطنين بعد اندلاع الحرب لا يكتفون باقتحام المسجد، بل يصرون بعد الخروج منه على التنقل بين أبوابه من الخارج لأداء صلواتهم، خاصة عند كل من باب السلسلة والقطانين والملك فيصل والأسباط" أضاف أبو رموز.

وتطرق هذا المبعد عن المسجد الأقصى إلى إرجاع النساء والرجال بشكل عشوائي ومنعهم من الدخول لأداء صلاة الجمعة، وطرد كل من يحاول منهم الصلاة في "طريق المجاهدين" بالبلدة القديمة، وختم حديثه للجزيرة نت بالقول إن الشرطة لم تعد تلتفت لضرورة وجود أمر إبعاد مكتوب، لأنها تُبعد المصلين شفهيا، وفقا لمزاج أفرادها.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا