آخر الأخبار

الأردن.. تحركات رسمية وقطاعية لرفع تحذيرات السفر عن المملكة

شارك
مصدر الصورة Credit: AHMAD GHARABLI/AFP via Getty Images

هديل غبّون

عمّان، الأردن ( CNN ) -- تبذل الحكومة الأردنية، بالتعاون مع مختلف القطاعات السياحية منذ أسابيع، جهودًا مكثفة لرفع تحذيرات متعلقة بالسفر إلى الأردن، صدرت وتصدر بين الحين والآخر عن بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، بالتزامن مع تصاعد التوترات السياسية في المنطقة، ما ترك آثارًا سلبية عميقة على التدفق السياحي الأجنبي للبلاد على مدار نحو عامين .

وناقشت الحكومة، عبر وزارة السياحة والآثار مع ممثلين عن القطاع السياحي، حزمة من التصورات لرفع هذه التحذيرات أو مراجعة تصنيفها، إذ أجرت اتصالات مع عدة بعثات أوروبية دبلوماسية في المملكة، وبالأخص تلك التي يمثل مواطنوها أبرز الزوار الوافدين إلى الأردن، من بينها فرنسا وألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية .

ومنذ السابع من أكتوبر 2023، أصدرت العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة تحذيرات سفر دورية لمواطنيها تجاه الأردن، غالبًا ما تقدم إرشادات لتوخّي الحذر في مناطق بعينها قد يكون بعضها حدوديًا، ومنها تحذير الولايات المتحدة الأمريكية الذي صنفت السفر للأردن بخطر من المستوى الثاني .

وبيد أن هذه التحذيرات غالبًا ما ترتبط بأوضاع الإقليم وأوضاع دول حدودية مع الأردن مثل سوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان، إلا أنها انعكست للسنة الثانية على التوالي على تدفق السياح الأجانب إلى المملكة .

وفي هذا السياق، قال رئيس لجنة السياحة في مجلس الأعيان الأردني، العين ميشيل نزال، إن تصنيف الأردن لدى بعض الدول الأجنبية ضمن المستوى الثاني من التحذيرات، يماثل تصنيفات دول أخرى في المنطقة مثل مصر وتركيا .

وأشار نزال في حديث لموقع CNN بالعربية، بأن الاجتماعات الأخيرة بين مع الحكومة وممثلين عن قطاعات سياحية، ركزت على جهود تخفيف مستوى هذه التحذيرات في الوقت الراهن عن الأردن، وأجريت اتصالات رسمية بين وزارتي السياحة الخارجية مع سفراء الدول الأجنبية والأوروبية بهذا الصدد .

وأضاف العين نزال، الذي استبعد أن يطرأ تغيير على هذه التحذيرات على المدى المنظور: "درسنا كل التحذيرات في المنطقة، لا أعتقد أنه سيطرأ تحسّن على مستوى التحذيرات بمستوى أقل من تركيا ومصر، لكن كلنا أمل بذلك وجرت اتصالات مع السفراء الأجانب جميعهم ضمن مساعي حثيثة في هذا الاتجاه ."

ونشرت وزارة السياحة والآثار الأردنية أرقامًا تتحدث عن ارتفاع الدخل السياحي للمملكة خلال النصف الأول من العام الجاري، وتسجيل ارتفاع في نسبة الزوار "الدوليين" للمملكة بنسبة 18%، بواقع زيارة 3.292 مليون زائر، مقابل 2.234 مليون زائر خلال الفترة ذاتها من 2024 .

لكن خبراء في القطاع السياحي اعتبروا أن القياس على عام 2024 بسبب الحرب على غزة، لا يعكس مؤشرات انتعاش حقيقية، لاعتبارات تتعلق بنشاط مواسم سابقة بشكل مضاعف .

ومن جهته، قال عضو لجنة السياحة في مجلس الأعيان، شرحبيل ماضي، إن بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية أصدرت تعليمات لمواطنيها بتوخي الحذر عند السفر إلى المنطقة، وبعضها ذهب إلى حد التحذير من السفر إلى الأردن .

وأضاف ماضي لموقع CNN بالعربية، بأن الاتصالات التي أجريت مع سفراء دول أجنبية تضمنت الدعوة إلى ضرورة تفعيل أدواتها الدبلوماسية لنقل صورة أدق عن الواقع الأمني في المملكة .

وأوضح ماضي، بأن هناك تصورات يجري العمل عليها أيضًا، من بينها استضافة صحفيين ومؤثرين من الدول المعنية التي أصدرت التحذيرات، وذلك لعرض الوضع الحقيقي على الأرض، وتشجيع السفارات الأجنبية على تحديث تقاريرها الأمنية بما يعكس الاستقرار الذي يشهده الأردن .

وأشار ماضي إلى أن المملكة خلال الصيف الحالي كانت وجهة "مقبولة" لدى عدد من الدول الأوروبية التي سبق أن أصدرت تحذيرات، لافتًا إلى أن رحلات الطيران منخفض التكلفة، والتي توقفت في أبريل/نيسان الماضي، بدأت بالعودة تدريجيًا مؤخرا، الأمر الذي سينعكس على حركة الزوار القادمين إلى المثلث الذهبي في العقبة والبتراء ووادي رم جنوب البلاد، والمواقع السياحية الأخرى .

وأكد العين ماضي، على أهمية تفعيل دور السفارات الأردنية في الخارج، وتعزيز التواصل مع وكلاء السياحة والسفر الدوليين، للتأكيد على أن ما يدور في المحيط الإقليمي لم يؤثر على استقرار الداخل الأردني، مشيرًا إلى توقعات بتحسن نشاط السياح الوافدين خلال موسم الخريف الذي يبدأ في الأسبوع الأخير من شهر أيلول الجاري .

وبحسب رصد بعض التحذيرات الصادرة عن عدد من الدول الغربية خلال العامين الأخيرين، منها ما صدر عن المملكة المتحدة في 10 يوليو 2025، من تحذير دعت فيه مواطنيها إلى تجنّب المناطق القريبة من الحدود السورية. وأوصت فرنسا في 22 يونيو 2025 مواطنيها بتوخي الحذر، مع التأكيد على استقرار الأوضاع في الأردن، بينما أصدرت ألمانيا في 31 يوليو 2025 تحذيرًا صنّفت الأردن ضمن المناطق التي يُنصح بتوخي الحذر عند زيارتها .

أما الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أصدرت في سبتمبر/أيلول 2024 تحذيرًا من المستوى الثاني (أي زيادة الحذر)، ولم تُجرِ عليه تعديلات خلال 2025 فيما يتعلق بالسفر إلى الأردن، وهو التحذير المنشور للآن على صفحات موقع وزارة الخارجية الأمريكية .

من ناحية أخرى، قال نائب رئيس جمعية الفنادق الأردنية، حسين هلالات، إن التحذيرات الصادرة عن بعض الدول أصبحت تُفسّر بأن الأردن لم يعد وجهة آمنة للسفر، مؤكدًا أن هناك مساعٍ حقيقية لإيجاد حلول لهذه القضية، بناءً على مطالبات العاملين في القطاع السياحي .

وأوضح هلالات في تصريحات لموقع CNN بالعربية، أن من أبرز تلك المطالب هو تسريع عودة رحلات الطيران منخفض التكلفة، والتي ستُستأنف في 26 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، إلى نحو 14–15 وجهة، ما سيسهم في تنشيط الحركة السياحية تدريجيًا، خاصة أن تلك الرحلات تستقطب ما لا يقل عن 35% من ركابها كسياح أجانب، بحسب تقديرات مختصين .

وتعد المناطق السياحية مثل وادي رم، مادبا، والبتراء، ضمن ما يُعرف بـ"المثلث الذهبي"، الأكثر ضررًا نتيجة التراجع الحاد في أعداد السياح الأجانب منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، بحسب هلالات، ما أدى إلى إغلاق نحو 35 فندقًا في تلك المناطق التي تعتمد بدرجة كبيرة على السوقين الأوروبية والأمريكية .

وأكد هلالات أن الفجوة في أعداد السياح الأجانب ما تزال كبيرة وملموسة، رغم أن السياحة العربية أسهمت جزئيًا في تعويض التراجع، مشيرًا إلى أن الحرب بين إسرائيل وإيران رفعت من مستوى هذه التحذيرات وفاقمت أزمة تدفق السياحة الأجنبية الوافدة، بالرغم من أن الأردن كان ممرا آمنا في المنطقة لكل المسافرين، حيث لم يتوقف الناقل الوطني عن تسيير الرحلات .

وكشف هلالات عن العمل على خطط لدى قطاعات السياحة والفنادق لتصميم برامج سياحية متكاملة (باكجات) تتضمن تذاكر السفر، والإقامة، والأنشطة السياحية، خاصة لاستقطاب السياح من الولايات المتحدة، كندا، فرنسا، بريطانيا، وإيطاليا، مؤكدًا أن هناك تصورات قيد الدراسة والتنفيذ بالتعاون مع الشركاء الدوليين .

واعتبر هلالات أن العام الجاري 2025 شهد تحسنا طفيفا، مشيرًا إلى أن مؤشرات التحسن مبكرة للموسم القادم في 2026 حيث يبدأ السياح الأجانب بتقديم حجوزاتهم قبل عدة أشهر ولم تُسجّل للآن حجوزات للموسم المقبل، وفقا له .

وبلغ معدل زيارة مدينة البتراء يوميًا خلال 2024 إلى 200 زائر فقط، بعد أن كان يصل إلى ما معدله 5 آلاف زائر في المواسم السابقة. واعتبر أن عام 2024 كان بمثابة "سنة صفرية" بالنسبة للبتراء كمؤشر سياحي، مؤكدًا أن القياس على أرقام ذلك العام غير منطقي .

وأوضح أن بعض الزوار الذين احتُسبوا ضمن إحصاءات السياحة، مثل الأردنيين المقيمين في الخارج، أو المسافرين العابرين من إسرائيل أو سوريا دون مبيت، لا يمثلون "سياحة فعلية"، بحسبه .

ويعمل في القطاع السياحي الأردني، بحسب هلالات، نحو 60 ألف شخص، ويضم القطاع 640 فندقًا و32 ألف غرفة فندقية تعمل تحت مظلة جمعية الفنادق، إلى جانب أكثر من 1200 دليل سياحي يعانون من تدهور النشاط السياحي بحسبه، ومئات من العاملين في مكاتب السياحة، والنقل السياحي، والمطاعم، ومتاجر التحف التقليدية، والتي تعرضت لخسائر كبيرة بسبب التراجع في السياحة الأجنبية، خاصة خارج العاصمة .

وأكد هلالات أن هناك آمالًا كبيرة معلقة على موسم 2026، وأن الخطط الحكومية والاستعدادات الجارية تهدف إلى استعادة جاذبية المملكة على المدى المتوسط والبعيد، خاصة للسياح القادمين من أوروبا وأمريكا.

سي ان ان المصدر: سي ان ان
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا