آخر الأخبار

القرى العربية تواجه الهدم والتهجير في صحراء النقب

شارك

القدس المحتلة – تتواصل سياسة الهدم والتشريد الإسرائيلية بحق الفلسطينيين وتكشف عن منهجية واحدة تستهدف وجودهم في مدن فلسطين التاريخية وقراها على حد سواء.

من القدس و الضفة الغربية والأغوار، وصولا إلى النقب جنوبا، تتجلى ممارسات حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو ، المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة ، من خلال الاقتلاع وهدم البيوت ومصادرة الأراضي، في إطار مخططات تهويد واستيطان واسعة النطاق.

وقامت آليات وجرافات سلطات الاحتلال، اليوم الأربعاء، بالتعاون مع ما يُعرَف بـ"دائرة أراضي إسرائيل" وبحماية قوات الشرطة، بهدم 40 منزلا لعائلات في قرية "السر" مسلوبة الاعتراف والمهددة بالاقتلاع في صحراء النقب ، والتي يقطنها نحو 1500 نسمة من بدو فلسطينيي الـ48 .

مصدر الصورة حكومة الاحتلال تصر على الهدم رغم احتجاج سكان قرية السر (الجزيرة)

سياسة ممنهجة

وحاول الأهالي التصدي للعملية، فاندلعت مواجهات بالأيدي واحتجاجات انتهت باستخدام الشرطة قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والاعتداء بالضرب عليهم، في حين لجأ بعض الشبان إلى إضرام النار في المنازل المهددة بالهدم تعبيرا عن احتجاجهم، كما استعانت قوات الاحتلال بمروحية لتأمين الغطاء الجوي لعمليات الهدم.

ويؤكد السكان أن السلطات لم تقدم أي حلول بديلة، بل استمرت في عمليات الهدم وتدمير الأراضي الزراعية، بهدف منعهم من العودة إلى أراضيهم.

وكان الاحتلال قد هدم نحو 30 منزلا فلسطينيا الأسبوع الماضي، مع تهديد نحو 150 آخرين بالهدم مستقبلا، مما يجعل الكثير من السكان بلا مأوى ويجبرهم على العيش في ظروف مناخية قاسية في صحراء النقب.

مصدر الصورة شرطة الاحتلال تستخدم القنابل والغاز لتفريق السكان الفلسطينيين (مكتب النائب سمير بن سعيد)

تأتي هذه العملية ضمن حملة ممنهجة تستهدف القرى الفلسطينية مسلوبة الاعتراف في النقب وعددها 39 ويقطنها نحو 125 ألف نسمة، ويعيش سكانها في ظروف صعبة للغاية بسبب استمرار هدم المنازل، وتهدف إلى تهجير الأهالي والسيطرة على الأراضي التي تمتد على مساحة نحو 800 ألف دونم، والتي ترفض سلطات الاحتلال الاعتراف بملكية السكان لها رغم أنهم يقطنونها منذ ما قبل النكبة وقيام إسرائيل.

إعلان

وتشرف على تنفيذ عمليات الهدم ما تعرف بـ"سلطة توطين البدو"، التي تنفذ الهدم والتهجير القسري لهذه القرى، وتعمل على إخلاء السكان بالقوة ومنع الخدمات الأساسية عنهم، مقابل تسريع إقامة مستوطنات يهودية في المنطقة، وفق ما رصده منتدى السلطات المحلية والمجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها.

كما أوصى المجلس القُطري للتخطيط والبناء الحكومة الإسرائيلية بالمصادقة على إقامة 5 مستوطنات جديدة بين بئر السبع وديمونا تستوعب نحو 20 ألف مستوطن في مرحلتها الأولى، بتكلفة تصل إلى ملياري شيكل. وقالت صحيفة "هآرتس" إن هذه المخططات ذات أبعاد سياسية، وتهدف إلى عرقلة التوسع الطبيعي للقرى البدوية عبر إقامة مستوطنات فوق أراضيها أو بمحاذاتها.

مصدر الصورة ركام منازل الفلسطينيين المهدمة وأكواخ الصفيح في قرية السر (مكتب النائب سمير بن سعيد)

عمليات اقتلاع

يؤكد الأهالي أن إسرائيل لم تقدم أي بدائل سكنية، بل تواصل تدمير منازلهم وأراضيهم الزراعية لمنعهم من العودة إليها.
وتشير لجنة التوجيه العليا لعرب النقب إلى أن حكومة نتنياهو صعدت حملة الهدم بشكل غير مسبوق، حيث طالت منذ بدء ولايتها الأخيرة أكثر من 5000 منزل ومنشأة، بزيادة تتجاوز 400% عن السنوات السابقة.

ويقول عضو لجنة التوجيه جمعة الزبارقة إن المشهد في النقب ينسجم مع ما يجري في القدس والضفة والأغوار، حيث تتصاعد وتيرة الهدم منذ بداية العام، وتنفذ عمليات اقتلاع بحق الفلسطينيين بحجة البناء غير المرخص أو وجودهم في "مناطق إستراتيجية، بينما يفسح المجال أمام المشاريع الاستيطانية اليهودية للتوسع والتمدد".

ويضيف للجزيرة نت أن هذا يؤكد أن سياسة هدم المنازل وتشريد الأهالي ليست إجراءات منفردة، بل جزء من مخطط شامل لإعادة هندسة الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية لصالح المشروع الاستيطاني الإسرائيلي.

مصدر الصورة الاحتلال يهدف إلى هدم 39 قرية فلسطينية بالنقب يقطنها نحو 125 ألف نسمة (مكتب النائب سمير بن سعيد)

من جانبه، قال النائب عن القائمة المشتركة وليد الهواشلة، من سكان النقب، إن سياسات حكومة نتنياهو-بن غفير "إجرامية" بحق الأهالي، تهدف إلى تشريدهم وسلب أراضيهم. وأضاف أن عمليات الهدم ترافقها قوات شرطة كبيرة تستخدم القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع، وتتمادى بالاعتداء على السكان وقمعهم.

وأكد الهواشلة، للجزيرة نت، أن هذه هي الطريقة التي تتعامل بها الحكومة الإسرائيلية مع العرب، واصفا إياها بأنها "عنصرية ومتطرفة، تهدم البيوت وتشرد الناس وتسلب أراضيهم، تاركة السكان في العراء"، وهو مؤشر خطير يستهدف عشرات الآلاف من سكان القرى مسلوبة الاعتراف، الذين يصرون على البقاء فيها والعيش على أراضيهم بملكية خاصة.

وأوضح أنه رغم محاولات قيادات عرب النقب التواصل مع مختلف دوائر ومؤسسات سلطات الاحتلال للتفاوض وإيجاد "حلول منطقية"، فإنها رفضت تقديم أي بدائل لضمان حقوق السكان، وأصرت على الهدم والتهجير القسري.

ويعكس ما يحدث -وفق الهواشلة- أن الحصانة في عهد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير "أصبحت للجريمة والإجرام في المجتمع العربي، ففي الوقت الذي تُقتل فيه امرأة عربية أمام طفليها، تقوم الشرطة بالاعتداء على أهالي قرية السر، وهو ما يعكس سلم أولويات حكومة الاحتلال".

مصدر الصورة سمير بن سعيد: لا يمكن القبول بسياسة محاولة اقتلاع الناس من أرضهم (مكتب النائب سمير بن سعيد)

وجه الاحتلال الحقيقي

حضر النائب عن الحركة العربية للتغيير سمير بن سعيد منذ الفجر في قرية السر، وذلك عقب هدم نحو 40 منزلا تعود لعائلة العمرني، وتصدى معهم لقوات الهدم التي استخدمت العنف وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، ما أسفر عن وقوع إصابات استدعت نقل الجرحى إلى المستشفى، بالإضافة إلى اعتقالات في صفوف الشبان.

إعلان

وأكد بن سعيد دعمه الكامل للأهالي في مواجهة سياسات الظلم والاقتلاع، مشددا -في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه- على أن دعمهم واجب أخلاقي ووطني، داعيا المؤسسات الحقوقية والجماهيرية إلى توسيع دائرة التضامن والضغط الشعبي لوقف أوامر الهدم وإنهاء معاناة الأهالي.

وقال "لا يمكن القبول بسياسة ملاحقة الناس في بيوتهم ومحاولة اقتلاعهم من أرضهم. حق العائلات في السكن على أرضها إنساني بديهي وأحد أبسط مقومات العيش الكريم، وعلى إسرائيل أن تتوقف فورا عن هذه الممارسات، وتسعى للاعتراف بالقرى العربية وتطويرها بدل هدمها".

وفي بيان آخر، تلقت الجزيرة نت نسخة منه، قالت النائبة العربية في الكنيست الإسرائيلي عايدة توما سليمان إن "قوات الهدم والتشريد عادت إلى قرية السر معززة بآلات الدمار والوحدات الخاصة، حيث أقدمت على هدم عشرات المنازل، واعتدت على الأهالي بالضرب واستخدام قنابل الغاز والصوت".

وأضافت أن مشاهد عشرات العائلات التي أصبحت بلا مأوى، مع جرف الأراضي والمنازل، "تكشف الوجه الحقيقي البشع لهذه الحكومة، وتؤكد أن مخططات سلب الأرض والتهجير في النقب والجليل تشكل امتدادا لسياسات التطهير العرقي في الضفة وغزة، حيث تقوم على محاصرة الإنسان وتعميق نظام الأبارتايد (التمييز العنصري)".

وأكدت توما سليمان أن "الحكومة لن تستطيع مهما بلغت وحشيتها محو شعب بأكمله، وأن أهالي السر والنقب أصحاب الأرض وجذورهم أعمق من أن تقتلع".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا