هديل غبّون
عمّان، الأردن ( CNN )-- في زيارة وُصفت بالاستراتيجية، استقبل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الأربعاء، أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بعد يومين من انعقاد أعمال القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة .
وجرت مراسم استقبال رسمية في مطار ماركا ، سبقتها مرافقة مقاتلات تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني لطائرة الأمير لدى دخولها الأجواء الأردنية، إلى جانب الاستقبال الشعبي في شوارع العاصمة.
ورحب الملك عبدالله بالشيخ تميم، في منشور عبر حسابه بمنصة إكس، قائلاً: "حياك الله أخي سمو الشيخ تميم بين أهلك في الأردن، تجمعنا أخوة وحرص مشترك على توطيد العلاقات بين بلدينا وشعبينا الشقيقين، وسنواصل العمل سويًا من أجل خدمة القضايا العربية والإسلامية".
الزيارة، التي كانت مقررة قبل الهجوم الإسرائيلي على الدوحة ثم أُرجئت، تحمل دلالات سياسية واستراتيجية بارزة بحسب مراقبين، مع توقعات بفتح آفاق تعاون اقتصادي جديدة للأردن تعزز من الاستثمارات القطرية التي تقدر بحوالي 3 مليارات دولار أمريكي.
وأكد الزعيمان، خلال مباحثات ثنائية تبعتها مباحثات موسعة في قصر بسمان، حرصهما على توسيع التعاون في مختلف المجالات، لاسيما الاقتصادية والاستثمارية، وإدامة التنسيق الوثيق بما يحقق مصالح البلدين ويخدم القضايا العربية، وفقًا لبيان للديوان الملكي، تلقت CNN بالعربية نسخة منه.
وأعرب الزعيمان، وفق البيان، عن "ارتياحهما لما تشهده العلاقات الأخوية بين البلدين من تطور ونماء، مؤكدين أهمية تفعيل اللجنة العليا الأردنية - القطرية المشتركة".
وشكل الهجوم الإسرائيلي على الدوحة محورًا بارزًا في المباحثات، وجدّد العاهل الأردني إدانته له، مؤكدًا وقوف المملكة إلى جانب قطر، إضافة إلى "مواصلة التنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة لحماية سيادة الدول من أي انتهاك، والتأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية".
وفي السياق ذاته، أدان العاهل الأردني توسيع إسرائيل عمليتها البرية على غزة، التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم، مؤكدًا دعم الجهود القطرية - المصرية - الأمريكية لتنفيذ صفقة تبادل تُفضي إلى إنهاء الحرب في غزة.
كما تم التأكيد على دعم استقرار لبنان وسوريا، وشدد الزعيمان على أهمية التوصل إلى حلول سياسية للأزمات التي تواجه المنطقة لاستعادة أمنها واستقرارها.
وحظيت الزيارة بترحيب واسع في وسائل الإعلام الأردنية، مع استعراض تاريخي لبدايات العلاقات الأردنية - القطرية، بحسب ما نقلت قناة "المملكة" الرسمية، وذلك قبل استقلال قطر عام 1971.
من جهته، قال عمر العياصرة، العين في مجلس الأعيان الأردني، إن زيارات قادة دول الخليج للمملكة بدأت تحظى باهتمام كبير في الإعلام المحلي الأردني لأسباب سياسية واقتصادية معاً، لافتا أن أمير قطر حظي بترحيب مماثل خلال زيارته للمملكة قبل نحو خمس سنوات.
ومابعد العدوان الإسرائيلي على الدوحة، اكتسبت الزيارة أهمية "استراتيجية وزخمًا سياسيًا كبيرًا"، بحسب العياصرة، الذي قال لـ CNN بالعربية: "نتحدث عن توقيت الضربة الإسرائيلية، وعن الحرب على غزة وما بعد القمة العربية الإسلامية الطارئة".
وأضاف العياصرة: "بتقديري، بعد السابع من أكتوبر وضرب الدوحة، شهد الخطاب الأردني تقاربًا كبيرًا مع الخطاب القطري، حيث تقاطعت نقاط الملك عبدالله والأمير تميم في القمة مؤخرًا حول تغيير أدوات التعامل في الصراع مع إسرائيل وأن يكون الرد عمليًا وليس تقليديًا، وهذا تناغم واضح".
ورأى العياصرة أن "البناء على الزيارة لتشكيل قوى عربية مؤثرة على القرار الأمريكي حيال التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، لابد أن يؤخذ بعين الاعتبار"، وأضاف: "الزيارة استراتيجية لأنها جاءت بعد انتهاء انعقاد القمة الطارئة التي خرجت بالحد الأدنى من التوافقات العربية والإسلامية، وكان من الضروري أن يتبعها تدشين حوار استراتيجي بين العواصم العربية المؤثرة والمفيدة مثل القاهرة وعمّان والدوحة والرياض وأبو ظبي وعواصم دول الخليج، لتشكيل قوى سياسية رادعة في قادم الأيام تتحدث مجتمعة مع الولايات المتحدة الأمريكية كطرف مؤثر على إسرائيل لكبح جماح نتنياهو".
وأشار العياصرة إلى أن "الأردن يسعى إلى خلق خطاب موحد ضد إسرائيل، وأن الصراع لم يعد فلسطينيًا - إسرائيليًا فحسب، بل صراع على مستوى المنطقة". وأضاف: "من هنا أعتقد أن الدوحة متفاهمة على هذه الأدبيات وقد تساهم في الانطلاق نحو العواصم العربية في هذا المسعى".
وعن التوقعات برفع مستوى التنسيق في ملفات جديدة مثل الملف السوري، قال العياصرة إن التنسيق موجود، لكن هناك اختلافات بين رؤية الأردن وقطر تجاه دمشق"، وأضاف: "ملفنا في سوريا يتركز في الجنوب السوري، ونحن ذاهبون لمساعدة السوريين في المفاوضات مع إسرائيل للوصول إلى اتفاق أمني، لكن في الإطار العام قطر مهمة لأنها أيضًا مؤثرة على تركيا، خاصة في قصة التوازن في العلاقة مع إسرائيل".
ولم يتم الإعلان عن اتفاقيات اقتصادية جديدة خلال الزيارة، فيما رجح العياصرة إبرام تفاهمات وإطلاق مشاريع اقتصادية لاحقًا.
وبلغ حجم الاستثمارات القطرية في الأردن حوالي 1.6 مليار دولار في قطاعات السياحة والصحة والتعليم والبنوك، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة في سوق عمان المالي تجاوزت 1.5 مليار دولار في مشاريع استراتيجية، بينما بلغ حجم التبادل التجاري بين الأردن وقطر في 2024 قرابة 910 ملايين ريال قطري (249.5 مليون دولار).