آخر الأخبار

رئيس الاستخبارات الأفغانية: نرفض مزاعم وجود مقاتلين أجانب في البلاد

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

كابل- مع مرور 4 سنوات على الانسحاب الأميركي من أفغانستان، تسعى حكومة حركة طالبان إلى تمكين الحالة الأمنية في البلاد، ودعم الاستقرار فيها والمساهمة في تعزيز أمن المنطقة.

ويبرز جهاز الاستخبارات كواحد من الأجهزة الهامة التي تعتمد عليها الدولة من أجل تقديم صورة جديدة لأفغانستان بأنها بلد آمن محبّ للسلام، لا يشكل تهديدا لأحد.

وفي هذا الإطار، أجرت "الجزيرة نت" حوارا خاصا مع رئيس جهاز الاستخبارات الأفغاني -المولوي عبد الحق وثيق- الذي تولى منصبه عقب الانسحاب الأميركي عام 2021، تحدث فيه عن أبرز إنجازات الجهاز وعن رؤية حركة طالبان لدور أفغانستان في استقرار المنطقة والعالم.

جدير بالذكر أن عبد الحق وثيق -المولود عام 1971 في مديرية خوجياني في ولاية غزني بأفغانستان- شغل منصب نائب المخابرات بحكومة طالبان الأولى، وبعد سقوط حكومة الحركة، اعتقله عملاء القوات الأجنبية عام 2001 في ولاية غزني.

رُحّل إلى سجن غوانتانامو في بداية عام 2002، وبقي محتجزا هناك حتى نُقل إلى قطر في يونيو/حزيران 2014 مع 4، وهم المعروفون بـ"رجال طالبان الـ5″ في صفقة تبادل المعتقلين.

وفي ما يأتي نص الحوار:

مصدر الصورة جنود أميركيون يغادرون أفغانستان إثر استكمال واشنطن سحب قواتها (الفرنسية)
*

بعد مرور 4 سنوات على انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، ما أبرز إنجازات جهازكم في العام الماضي؟

خلال العام الماضي أنجز الجهاز عددا من المهام تمثلت في مكافحة فعّالة ضد الساعين بالفساد والمفسدين، وتمكنا من القضاء على الخلايا النائمة والوسائل التي أنشأتها دوائر العدو الاستخبارية بهدف إثارة الخلافات بين القوميات والشرائح المختلفة، ونفذنا عمليات لمنع أعمال تخريبية ضد القطاع الاقتصادي.

وبعد وصولنا إلى السلطة وضعنا حدا للاغتيالات الغامضة، كما قضينا إلى حد كبير على أنشطة المافيا، وانخفض مؤشرها إلى ما يقارب الصفر.

إعلان

هذه الإنجازات تحققت بفضل التعاون الجيد بين الشعب والحكومة، والمخابرات مدعومة شعبيا، ويجب أن أقول، إنه في تاريخ الاستخبارات بأفغانستان لم يتمكّن أي جهاز استخباري من كسب مكانة في أوساط الشعب كما هو حال استخبارات الإمارة الإسلامية في أفغانستان.


*

بعض الدول تدّعي أن مقاتلين أجانب خصوصا من سوريا، يُنقلون إلى أفغانستان، كيف تردون على هذه الادعاءات؟

في الآونة الأخيرة قامت بعض المنظمات الدولية والدول والأفراد وجهات أخرى، بإعداد تقارير غير صحيحة ولا أساس لها عن أفغانستان.

ونرى أن هذه التقارير تعدها دوائر استخبارية وشبكات معلوماتية وهمية بهدف إثارة الشكوك والريبة، وخلق حالة من عدم الثقة تجاه التفاعل السياسي والأمني المتزايد للإمارة الإسلامية على الساحة الدولية، ومن أهداف هذه التقارير أيضا التهرب من المسؤوليات الأمنية المشتركة في المنطقة والعالم.

وتُعد هذه التقارير في بعض الدول بتوجيه من دوائر مخربة خاصة، دون الاعتماد على وثائق دقيقة أو تحقيقات ميدانية، بل وفقا لاحتياجات أو أمزجة سياسية واجتماعية معينة، مما يتسبب بانعدام الثقة وحدوث فجوات على المستويين الإقليمي والدولي.

نرفض هذه الادعاءات رفضا كاملا استنادا إلى الوثائق والتحقيقات والمشاهدات الواقعية، لا وجود في أفغانستان لأي مراكز أو أنشطة لتلك الجماعات، وقد ناقشنا هذا الموضوع مع أطراف مختلفة وقُدمت التوضيحات اللازمة وأُقنعوا.

وعلى العكس، فإن أفغانستان نفسها ضحية للأعمال التخريبية التي تقوم بها جماعات تمتلك مراكز إقامة وتدريب خارج البلاد في دول الجوار والمنطقة، حيث يشترون الأسلحة من الأسواق السوداء، ثم يرسلون المهاجمين لزعزعة أمن أفغانستان والمنطقة، وإذا واصلت المنطقة والعالم تجاهل تلك المراكز خارج أفغانستان أو التغاضي عنها والتعامل معها بازدواجية، فقد ندفع جميعا ثمنا باهظا لهذا الإهمال في المستقبل القريب.

وينبغي للأمم المتحدة أن تحقق في هذه الادعاءات بحيادية، وألا تسمح لأحد باستغلال منبرها في حملات دعائية أو بروباغندا، ونحن نؤكد استعدادنا الكامل للتعاون في أي تحقيقات تتعلق بمثل هذه الاتهامات.

وأود أن أقول بوضوح للمنطقة والعالم "إن أفغانستان بلد محب للسلام وليست تهديدا لأحد، والإمارة الإسلامية نظام ملتزم قولا وفعلا، وعلى المنطقة والعالم أن يطمئن".

كما ينبغي أن تُؤخذ ملاحظات أفغانستان الأمنية ومخاوفها بعين الاعتبار، كذلك يجب ألا تُغفل جهود أفغانستان في سبيل الأمن الإقليمي والدولي، إنه من الضروري إيجاد آليات مشتركة للأمن على المستويين الإقليمي والدولي، وأفغانستان ملتزمة في هذا المجال بجميع مسؤولياتها وفقا لأحكام الشريعة.


*

يقال إن الجانب الأميركي يُبدي ارتياحا لدور الإمارة في مكافحة الإرهاب، إلى أي مدى وصلت هذه الجهود؟

الإمارة الإسلامية في أفغانستان -تعتبر دفع أي تهديد محتمل قد ينشأ من داخل أفغانستان أو يرتبط بها ويمنع وقوعه- مسؤولية دينية وشرعية، موقف الإمارة هو أن اتخاذ الإجراءات لحفظ أمن البلاد وأرضها وضمان الحياة المطمئنة للشعب لا يُعد مجرد ضرورة سياسية، بل هو أيضا واجب قائم على أحكام الشريعة الإسلامية.

إعلان

في هذا المجال، لا تنظر الإمارة الإسلامية إلى طبيعة الطرف المقابل أو طبيعة العلاقات معه أو تاريخه، وإنما تعمل وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية والمصالح الوطنية وأمن الشعب، وترتكز هذه الإجراءات على مبدأ "الولاء والبراء" الشرعي، وحماية مصالح الأمة، والقواعد الثابتة للسياسة الإسلامية.

وعليه، فإن الإمارة الإسلامية تتخذ في تنفيذ إجراءاتها خطوات قائمة على أصول الشريعة الإسلامية، والحفاظ على السيادة الوطنية، وتحقيق مصلحة الشعب، وضمان استقرار المنطقة، وهذا الموقف سيبقى ثابتا وغير قابل للتغيير في المستقبل أيضا.

كما أن الإمارة الإسلامية لا تمتلك أي شراكة أو اتفاق رسمي مع أي طرف في إطار مكافحتها هذه التهديدات.


*

في رأيكم، ما أبرز الفوارق بين إدارتكم والنظام الجمهوري السابق في مجال الأمن والاستخبارات؟

النظام السابق كان نتاج الاحتلال الأجنبي، وبنيته السياسية وقيمه، كانت متعارضة مع عقيدة وقيم الشعب الأفغاني، فقد كان بمثابة غطاء للمحتلين، يدافع عنهم ويحمي مصالحهم، ما أدى إلى وصول مستوى الفساد وتكوين جزر السلطة، وتحمل الشعب الأفغاني ظلمه لدرجة لن تتصور، كما أن إطار عمل تلك الإدارة كان يُحدده الأجانب، بينما مجال عمل النظام الحالي يُحدد في ضوء الشريعة الإسلامية والمصالح الوطنية.

لم تكن لديهم خطوط حمر، بينما لدى الإمارة الإسلامية خطوط حمر واضحة لأن الشريعة تمنع إلحاق الضرر بالآخرين.

كانوا يعتبرون القيام بعمليات في الخارج والمساس بسمعة المجاهدين في الداخل من ضمن أعمالهم، بينما الإمارة الإسلامية لا تحمل أجندة خارجية، بل تبحث عن أمنها داخل حدودها.

أما الفرق الأبرز بين جميع الحقب السابقة ونظام الإمارة الإسلامية، وخصوصا رئاسة الاستخبارات العامة، فهو أن هذه المرة -ولأول مرة في تاريخ أفغانستان- أُعدّ قانون شامل وكامل لتنظيم شؤون الاستخبارات، وجميع مواده مستندة إلى الشريعة الإسلامية والفقه الحنيف.

اليوم تُمارَس كل أنشطة الاستخبارات في إطار هذا القانون، مكافحة الساعين إلى الفساد، الفكري والعقائدي، واكتشاف وإفشال أي محاولات سرية ضد الأمن القومي هي من المهام الأساسية لجهاز الاستخبارات، وجميعها تُنفَّذ في ضوء توجيهات الشريعة الإسلامية.

تم تطهير جهاز الاستخبارات التابع للإمارة الإسلامية من جميع العناصر غير المرغوبة، واستُبدلوا بكوادر مخلصة مهنية ومدربة من أبناء المجتمع الإسلامي، لم يعد هناك اعتقالات عشوائية ولا تعذيب ولا تخويف للناس، وإذا استدعت الضرورة الوظيفية اتخاذ أي إجراء، فإنه يُنفذ وفقا لأحكام الشريعة والقانون.

كما أن من يدّعي انتهاك حقوقه يمكنه رفع قضيته إلى المحاكم الشرعية، وهو بحد ذاته دليل على الإصلاح والشفافية والالتزام بالقانون لدى الإمارة الإسلامية.

والحمد لله، فإن جهاز الاستخبارات اليوم خال من أي نفوذ خارجي، إنه جهاز قانوني ومصلح، يعمل ليلا ونهارا من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية وترسيخ أركان النظام الشرعي وحماية الأمن القومي للوطن العزيز، كما أنه يحظى بوجاهة وقبول لدى الناس، ويُعتبر جهازا إصلاحيا بحق.

مصدر الصورة حرق أطنان من المخدرات في مدينة جلال آباد ضمن جهود الحكومة الأفغانية في مكافحتها (الأوروبية)
*

ما مدى نجاح إجراءاتكم ضد ما تسمونه "الساعين إلى الفساد"؟ وهل تنظيم الدولة يشكل تهديدا داخل أفغانستان؟

بشكل عام، لم تقتصر مكافحة الساعين إلى الفساد على جبهة واحدة، بل جرت ضدهم مواجهة حاسمة وعمليات مستمرة في الجوانب الأمنية، والإعلامية، والاقتصادية، حيث وُضعت جميع أنشطتهم تحت رقابة وسيطرة صارمة.

ومن أبرز العوامل المؤثرة في نجاح هذه المواجهة فتوى الجهاد التي أصدرها العلماء ضدهم، إذ جعلت جميع إجراءات الإمارة الإسلامية فعالة، ومنحت المجاهدين الجرأة لاتخاذ إجراءات حاسمة ضدهم.

إعلان

ونتيجة لذلك قُضي على معاقل هذه الفئة في أفغانستان، وأُسِر قادتها البارزون أو قُتِلوا أو فرّوا إلى دول الجوار، كما كُشف عن ارتباطاتهم ببعض الأجهزة الاستخبارية وفضحها، كذلك حُددت مصادرهم المالية والتسليحية التي كانت مرتبطة بتنظيم الدولة، التي أُنشئت بوساطة بعض الدوائر الاستخبارية، وعلى ضوء ذلك نُفّذت عمليات خاصة ضدها.

كما ذكرنا سابقا، فإن منابع تنظيم داعش في أفغانستان قد جفّت، ولم يعد له وجود حقيقي في البلاد، أي لا يسيطر على أي منطقة يمكن أن نُسميها تحت سيطرته.

لقد أدّت الإمارة الإسلامية مسؤوليتها في محاربة تنظيم الدولة ، ويبقى على الدول الأخرى أن تؤدي دورها أيضا، إذ إن مقاتلي التنظيم ينتمون إلى جنسيات مختلفة، وعندما يصلون إلى أفغانستان فإنهم يمرّون عبر دول أخرى، لذا فإن على هذه الدول أن تمنع وصولهم، ولو جرى ذلك، فنحن واثقون أن القضاء على هذه الفتنة لن يكون أمرا صعبا، فالهجمات التي ينفذها تنظيم الدولة حاليا في أفغانستان أو في دول المنطقة يُخطط لها في الخارج.

كما ينبغي القول، إن تنظيم الدولة يُستَخدم اليوم كأداة، فإلى جانب عناصره الأصلية، هناك ما يمكن تسميتهم بـ" مشاريع أجنبية " صنعت لتنفيذ أجندة الخارج التي أنشأتهم أجهزة استخبارات مختلفة لاستغلالهم في تحقيق أهداف متعددة في أفغانستان والمنطقة، والعالم.

لقد بذلنا في أفغانستان جهودا كبيرة في مواجهة تنظيم الدولة، لكن للأسف، يتم تضخيم شأن هذا التنظيم وتشجيعه بصورة غير مباشرة، كما تُبث دعايات مرتبطة بأفغانستان -سواء في ما يخص مزاعم وجود معسكرات مقاتلين أجانب أو معلومات لا أساس لها عن مراكز تدريب تنظيم الدولة- وهناك من يشجع العناصر الموجودة في الخارج على التوجه نحو أفغانستان.

كما أن بعض الدول قامت وتقوم بخطوات تُسهم في نمو تنظيم الدولة، مثل تضخيم قوته وعدم منعه من الانتقال من بلد إلى آخر وعدم قطع مصادره المالية.

مصدر الصورة قوات أمن أفغانية تستعرض في قاعدة باغرام الجوية في ولاية بروان (أسوشيتد برس)
*

في الخارج أعلنت بعض الجهات تشكيل جبهات مسلحة ضدكم، إلى أي درجة يقلقكم هذا الأمر؟

أفغانستان اليوم بلد آمن، وشعبه محبّ للسلام -بعد عقود طويلة من الحروب والفوضى- توفّر الآن فرصة تاريخية، حيث يوجد في البلاد نظام مركزي يفرض سلطته على كامل التراب الأفغاني ويحظى بدعم الشعب، النظام والشعب يدركان جيدا نوايا وأهداف أولئك الذين يسعون لزعزعة أمن أفغانستان، وقد خبر الأفغان ظلمهم ووحشيتهم على مدى 20 عاما، ولهذا فإن الشعب يقف اليوم جنبا إلى جنب مع نظامه ضدهم.

أما الجهات التي تحاول من جديد العبث بأمن أفغانستان، فعليها ألا تكرر هذه الإستراتيجية الفاشلة، وبما أن أمن المنطقة والعالم يرتبط مباشرة بأمن أفغانستان، فإنه لا ينبغي السماح لأي جهة بإضعاف الحكومة المركزية أو تهديد الاستقرار القائم.

إن أولئك الذين يعلنون القتال من الخارج لا يملكون أي منطق مبرر أو شرعي، ونحن لن نسمح لهم بإخلال أمن أفغانستان أو إعادة البلاد إلى حالتها السابقة.

كما يجب أن أشير إلى أن كل من يقف في صفوف المعارضة للنظام الحالي، أمامه فرصة عظيمة من العفو العام الذي أعلنته الإمارة الإسلامية، وعليهم أن يستفيدوا من هذا الباب الرحب وألا يحوّلوا أنفسهم إلى أدوات مأجورة بيد الآخرين في حروب بالوكالة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا