آخر الأخبار

محللون أتراك: إسرائيل تستهدف الوساطة وتضرب القانون الدولي

شارك





أنقرة- أقدمت إسرائيل، اليوم الثلاثاء، على محاولة اغتيال استهدفت قياديين من حركة حماس داخل العاصمة القطرية، وهي التي تتوسط في مفاوضات وقف الحرب على قطاع غزة .

ولم تمر الحادثة مرور الكرام في تركيا ، إذ قوبلت باستنكار واسع على المستويين الرسمي والشعبي، باعتبارها خرقا صارخا للقانون الدولي، وضربة مباشرة لدور الوساطة القطرية، الأمر الذي فتح الباب أمام نقاشات داخل الأوساط السياسية والإعلامية التركية حول مغزى هذا التصعيد وتبعاته الإقليمية.

قوبل الهجوم الإسرائيلي على قطر بإدانة تركية شديدة اللهجة، إذ أصدرت وزارة الخارجية بيانا أكدت فيه رفضها القاطع لهذه العملية، وقالت إنها استهداف مباشر لقيادات حركة حماس خلال محادثات تهدف إلى وقف إطلاق النار.

وأوضح البيان التركي أن ما جرى "يكشف بجلاء أن إسرائيل لا تسعى إلى السلام، بل إلى إطالة أمد الحرب".

ورأت الخارجية التركية أن إدراج قطر -الدولة الوسيطة في مفاوضات التهدئة- ضمن دائرة الاستهداف الإسرائيلي يبرهن على تبني إسرائيل سياسة توسعية قائمة على "الإرهاب كأداة دولة" مؤكدة وقوف أنقرة إلى جانب قطر في مواجهة هذا الاعتداء الذي يمس سيادتها وأمنها.

كما دعت تركيا المجتمع الدولي إلى التحرّك الفوري للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها المستمرة في فلسطين والمنطقة.

وفي تغريدة لرئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية برهان الدين دوران على منصة "إكس" شدد على أن المجتمع الدولي لم يعد بوسعه التزام الصمت تجاه السياسات العدوانية لإسرائيل، وأن الوقت قد حان للوقوف إلى جانب القانون والعدالة.

أما رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش ، فاعتبر استهداف قيادة حماس في الدوحة "هجوما دنيئا وانتهاكا صارخا للقانون الدولي ولسيادة دولة قطر الشقيقة".

مصدر الصورة الأكاديمي محمد يوجا: إسرائيل جعلت من خرق القانون الدولي قاعدة ثابتة (الجزيرة)

فوضى دولية

يرى محمد يوجا الأكاديمي في جامعة بورصة أن إسرائيل جعلت من خرق القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية قاعدة ثابتة في سلوكها، معتبرا أن تنفيذ عمليات عسكرية عبر الحدود دون أية قيود ينذر بمرحلة جديدة من الفوضى في العلاقات الدولية.

إعلان

وأوضح -في حديثه للجزيرة نت- أن استهداف قادة حماس في دول وسيطة أو محايدة يهدف إلى إيجاد انطباع بأنهم غير آمنين في أي مكان، الأمر الذي يترك تداعيات خطيرة على المستويين القانوني والدبلوماسي.

وأشار يوجا إلى أن تنفيذ عملية عسكرية -داخل أراضي دولة محايدة تضطلع بدور الوساطة- يعد انتهاكا صارخا لمبدأ السيادة ووحدة الأراضي والذي يشكل أساس القانون الدولي.

وأضاف أن ما حدث في الدوحة لا يُختزل في كونه مجرد تكتيك عسكري، بل يمثل سابقة قد تستخدم لاحقا لتبرير عمليات مشابهة من قبل دول أخرى، مما يفتح الباب أمام فوضى أوسع في العلاقات الدولية.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، حذّر يوجا من أن هذه الهجمات تقوّض ثقة الأطراف في آليات الوساطة، وتضعف فرص أي مبادرات لوقف إطلاق النار في غزة سواء كانت أميركية أو دولية. وبيّن أن استهداف دولة تقوم بدور الوسيط "يدفع دولا أخرى إلى التردد في الاضطلاع بمثل هذا الدور".

مرحلة جديدة

من جانبه، يرى المحلل السياسي علي أسمر أن ما تشهده المنطقة اليوم يؤكد بوضوح أن العالم دخل مرحلة جديدة يمكن وصفها بـ"مرحلة اللا قواعد".

وأوضح أن التصريحات الأخيرة للسفير الأميركي في أنقرة والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم براك -حين قال "لم نعد الضامن لأمن العالم، وعلى الجميع أن يقف على قدميه بنفسه"- لم تحظ آنذاك بالاهتمام الكافي، غير أن التطورات الراهنة تكشف عن دلالاتها العميقة.

وأضاف أسمر -في حديثه للجزيرة نت- أن الولايات المتحدة أظهرت انحيازها الواضح لإسرائيل، الأمر الذي يفرض على دول المنطقة إعادة صياغة أولوياتها الأمنية بعيدا عن المظلة الأميركية التي أثبتت الأحداث محدوديتها وانحيازها.

ومن هنا -برأيه- تبرز الحاجة الملحة إلى إنشاء تحالف عسكري إقليمي على غرار " الناتو " يضم الدول العربية وتركيا والدول الإسلامية المؤثرة، بحيث لا يكون مجرد مظلة عسكرية، بل يكون إطارا إستراتيجيا لتنسيق السياسات الدفاعية، وتعزيز الردع الجماعي، وتقليل الاعتماد على السلاح والغطاء الأميركي.

وأكد أن "المعادلة الجديدة واضحة: لا مجال بعد اليوم للاعتماد على الولايات المتحدة، فالطريق الأمثل لضمان الأمن الجماعي هو الاستثمار في القدرات الذاتية وتأسيس تحالفات إقليمية قادرة على ردع التهديدات وصون المصالح المشتركة".

مصدر الصورة علي جوكشه: الهجوم الإسرائيلي قد يدفع دول المنطقة إلى إعادة النظر في أدوار الوساطة بحرب غزة (الجزيرة)

ازدواجية معايير

في السياق، أكد الأكاديمي والمحلل السياسي التركي علي فؤاد جوكشه أن ما جرى في الدوحة يكشف مجددا ازدواجية المعايير لدى كل من إسرائيل والولايات المتحدة، وقال إنهما "لا يطبقان القانون الدولي إلا بما يخدم مصالحهما، في وقت "يتجاهلان حقوق الشعوب المظلومة".

وأوضح جوكشه -في حديثه للجزيرة نت- أن هذا النهج حوّل القانون الدولي إلى "قانون الأقوياء" مما قد يدفع دول المنطقة إلى إعادة النظر في دورها كوسطاء في ملف غزة والتراجع عن انخراطها الدبلوماسي.

ورأى أن هذه اللحظة تستدعي من دول الخليج أن تعيد صياغة إستراتيجياتها بعيدا عن الرهان على الولايات المتحدة وإسرائيل، بعدما أثبتت التجربة أنهما ليستا حليفتين موثوقتين.

رسالة تحذير

من جانبه، أكد المحلل السياسي محمود علوش أن العدوان الإسرائيلي على قطر يحمل أكثر من دلالة، فهو من جهة يندرج ضمن سياسة إسرائيل الممنهجة لاستهداف قيادات حركة حماس في الخارج منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، في محاولة لإثبات قدرتها على ملاحقتهم أينما وجدوا، بمعزل عن سيادة الدول المضيفة.

إعلان

وقال المحلل السياسي إن ما جرى في الدوحة يجب أن يُقرأ كرسالة تحذير لدول أخرى تستضيف حماس، وعلى رأسها تركيا.

ومن جهة ثانية، أوضح علوش -في حديثه للجزيرة نت- أن هذا الاستهداف صُمم لإفشال المسار التفاوضي الذي كان قد بلغ مرحلة حساسة بعد المقترح الذي قدمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب .

ورأى أن ضرب قطر -باعتبارها الراعي الرئيسي للمفاوضات بين إسرائيل وحماس- يعكس رغبة إسرائيلية واضحة في تعطيل أي تقدم نحو التهدئة.

وأضاف أن العملية كشفت غياب أي رادع أمام إسرائيل "سواء كان سياسيا أو عسكريا أو أخلاقيا، منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر " معتبرا أنه من الصعب تصور أن المسار التفاوضي سيواصل مساره كما كان قبل هذا العدوان.

وأشار علوش إلى أن دولة قطر قد تعيد النظر في خياراتها المتعلقة برعاية هذا المسار "خاصة أن استضافة حماس على أراضيها جاءت بالأساس لتسهيل قنوات التواصل مع إسرائيل".

غير أن استهداف الدوحة يؤكد -برأي علوش- أن المشكلة ليست في حماس ولا في كفاءة الوساطة القطرية، بل في إسرائيل التي "لا تبدو راغبة في إنهاء الحرب، بل في إطالتها إلى أجل غير محدد".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا