آخر الأخبار

بيديْن مبتورتين.. فتاة يمنية تتحدى الإعاقة بالتفوّق الأكاديمي

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

تعزـ "لم أستسلم أبدا رغم أني فقدت يديّ.. كل ما حدث لي لم يكن نهاية حياتي، بل بداية جديدة لصنع مستقبل مشرق أراه قريبا". هكذا تصف هديل محمود، طالبة الإعلام في كلية الآداب بجامعة تعز جنوب غربي اليمن ، حجم التحدي الذي واجهته في حياتها.

ومع انطلاق عام دراسي جديد في جامعة تعز، يبدو على هديل محمود (20 عاما) البسمة والتفاؤل في مواصلة مسارها التعليمي رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها بسبب بتر يديها نتيجة إصابتها بقذيفة قبل 8 سنوات، كضحية من ضحايا الحرب اليمنية المستمرة منذ عقد.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 من تنظيف شوارع اليمن إلى الصيرفة الإسلامية.. هكذا نجح إبراهيم كعتر
* list 2 of 2 عمرو الجزار.. من مرض نادر إلى مزاملة محمد صلاح في المنتخب end of list

تشرح هديل حكايتها للجزيرة نت، وهي لا تزال تتذكر بدقة يوم إصابتها في الرابع من يوليو/تموز 2017 حينما سقطت عليها قذيفة وهي تلتقط بعض ثمار التين في منطقة الكدحة الريفية غربي محافظة تعز .

حينها اختلطت دماء هديل بثمار التين، وعمرها 12 عاما بعد أن تعرضت لإصابة حادة أدت إلى بتر كفيها، ولم تعرف ما حدث لها إلا في اليوم التالي عندما أفاقت من غيبوبتها في قسم العناية المركزة بأحد مستشفيات مدينة تعز الواقعة تحت سلطة الحكومة المعترف بها دوليا.

مصدر الصورة طالبة الإعلام هديل بترت يداها بقذيفة أصابتها قبل 8 سنوات (الجزيرة)

مواجهات عنيفة

ومن حسن حظها أنها نجت من الموت بأعجوبة رغم تعرضها لنزف حاد إثر إصابتها في المنطقة الريفية التي شهدت مواجهات عنيفة بين القوات الحكومة وجماعة أنصار الله ( الحوثيين )، وهي من بين المناطق التي تفتقر إلى مراكز صحية تنقذ المدنيين من تبعات مثل هذه الحوادث التي قد تكون قاتلة.

في يوليو/تموز 2017 اشتعلت المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين بمنطقة الكدحة، وخلفت قتلى وجرحى بصفوف الجانبين، فضلا عن سقوط ضحايا بين المدنيين، وفي مارس/آذار 2021 نجحت القوات الحكومية في استعادة السيطرة على هذه المنطقة التابعة لمديرية المعافر غربي تعز.

وبعد إفاقتها من الغيبوبة الناجمة عن الإصابة، شعرت هديل بمرارة كبيرة لفقدانها يديها في حدث غير متوقع، وكانت عادة تسأل نفسها وأقاربها: كيف سأكون بعد الآن؟.. كيف سأتناول الطعام؟.. كيف سأكتب وكيف سأمسك القلم وكيف ستكون حياتي؟

إعلان

وكانت أسرتها خصوصا أمها وأخوالها سندا كبيرا لها في التخفيف من هول هذه الصدمة الكبيرة وساعدوها على التكيف مع وضعها الصحي ومحاولة التغلب على كل العقبات التي تعترض طريقها باتخاذ وسائل مهمة للتغيير الإيجابي في حياتها ابتداء من مواصلة التعليم.

مصدر الصورة هديل تكتب بعضديها متحدية إعاقتها (الجزيرة)

وجع وبسمة

ورغم تفاؤلها الكبير حاليا وتجاوزها المستوى الأول في قسم الإعلام بتقدير ممتاز 92%، وانتقالها اليوم إلى المستوى الثاني، إلا أنها تقر بأنها مرت بأيام قاسية جراء إصابتها بالإعاقة الجسدية.

وعودة إلى سنوات ماضية، كانت هديل تنزعج من بعض المواقف خصوصا حينما يسألها الأطفال: أين يداك يا هديل؟ من يطعمك ومن يسقيك الماء؟ والأكثر إيلاما حينما تلقت كلاما قاسيا من أحدهم قال لها "الموت أهون لك من العيش بدون طرفين".

تضيف هديل "واجهت كلاما قاسيا أحيانا ومواقف قد تبدو صعبة في السنوات الأولى من إصابتي، لكني بعون الله لن أستسلم أبدا وربي معي في كل الأوقات".

وبعد سنوات من الإصابة، شهدت حياة هديل نقطة تحول كبيرة حينما حصلت في 2023 على تقدير 95.5% في شهادة الثانوية العامة، وهو معدل كبير في اليمن لا يحصل عليه إلا بعض الأذكياء والمجتهدين.

تقول هديل واصفة لحظة حصولها على نتيجة الثانوية العامة "كان شعورا رائعا لا يوصف.. فرحة غامرة لم يسبق لها مثيل.. إنها فرحة العمر ونقطة تحول في حياتي".

وبعد هذا التفوق انتقلت هديل العام الماضي 2024 إلى الدراسة في تخصص الإعلام حيث ترغب أن تصبح إعلامية بارزة تسلط الضوء على القضايا الحيوية التي تهم وضع الفتيات اليمنيات خصوصا اللواتي بحاجة ماسة للمساعدة، مثل ذوات الإعاقة أو فتيات الريف اللائي يواجهن صعوبات كبيرة في مواصلة التعليم الجامعي".

وفي مجمل حديث الجزيرة نت، مع هديل كان يبدو عليها الرضا الكبير والتفاعل اللافت والبسمة المستمرة. وفي دليل لافت على أنه لا مستحيل لمن يمتلك إرادة مسكة هديل قلما وورقة بعضديها وكتبت بخط جميل وهي في كامل بسمتها "بسم الله الرحمن الرحيم".

وحرصت في ختام هذه المقابلة أن توجه رسالة عبر الجزيرة نت قائلة "رسالتي لكل من ترك التعليم نتيجة إعاقة أو الظروف التي يمر بها اليمن.. يمكنك أن تتخطى إعاقتك أو ظروفك بأفكارك وطموحك وتفكيرك بالمستقبل".

واختتمت هديل بالقول "الإعاقة هي إعاقة العقل وليس إعاقة الجسد، بالعزيمة والإصرار نصنع المستحيل".

مصدر الصورة هديل: الإعاقة هي إعاقة العقل وليست إعاقة الجسد (الجزيرة)

إصرار لافت

معلقا على هذه القصة الملهمة، يقول أستاذ مادة أساسيات الكتابة الإعلامية في قسم الإعلام بجامعة تعز تيسير السامعي، إن طالبته هديل تمثل واحدة من أبرز قصص النجاح التي شهدها القسم خلال السنوات الماضية، فهي لم تستسلم لإعاقتها بل استطاعت أن تتجاوزها بإرادة صلبة وروح لا تعرف اليأس.

وأوضح للجزيرة نت، أن هديل حولت ما كان يمكن أن يكون عائقا أمامها إلى قوة دافعة جعلتها أكثر إصرارا على التميز، مضيفا أن ما يميز هديل ليس فقط تفوقها الأكاديمي، بل شخصيتها المؤثرة داخل الكلية، إذ تتمتع بروح حماس وشغف واضحين، ولها حضور قوي بين زملائها وزميلاتها من خلال قدرتها على الإقناع والتأثير.

إعلان

وشدد على أن هديل طالبة طموحة ومتفائلة، جمعت بين التفوق العلمي والروح الإيجابية، وهو ما جعلها تحظى باحترام وتقدير الكادر الأكاديمي، لتصبح نموذجا ملهما لغيرها من الطلاب والطالبات.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا