في جولة الصحافة لهذا اليوم، نستعرض: ملامح عودة التنافس بين القوى الكبرى في الشرق الأوسط على نحو يذكّر بالحرب الباردة، والتداعيات السياسية في إسرائيل مع اعتبار السابع من أكتوبر/تشرين الأول نقطة مفصلية في مستقبل نتنياهو، والتحولات الديمغرافية التي تعيد توجيه الأسواق نحو كبار السن.
ونبدأ الجولة، من مقال في فورين بوليسي الأمريكية، حيث يطرح ستيفن كوك تساؤلاً عمّا إذا كان الشرق الأوسط يشهد عودة إلى مشهد الحرب الباردة، ويستند في ذلك إلى ما يصفه بتحولات في الموقف الصيني، مشيراً إلى التقارير التي تحدثت عن مساعدة بكين، طهران على إعادة بناء قدراتها العسكرية بعد المواجهة مع إسرائيل في يونيو/حزيران الماضي.
ويعلّل حديثه، بأن السياسة الصينية في الشرق الأوسط ارتبطت طويلاً بالمصالح الاقتصادية وحدها، وهو ما أكده له أحد المحاورين الصينيين خلال زيارة أجراها إلى هونغ كونغ العام الماضي بقوله: "لا ننظر إلى المنطقة كما تنظر إليها واشنطن، كل ما نريده هو أن نبيع ونشتري".
ويرى كوك أن مثل هذه المقاربة لم تعد كافية لتفسير السلوك الصيني في الآونة الأخيرة.
ويشير الكاتب إلى أن المشهد الراهن يعيد إلى الأذهان أجواء الثمانينيات، حين كبّدت الولايات المتحدة وإسرائيل، طهران خسائر عسكرية فادحة، بينما تحركت الصين سريعاً لإعادة بناء ما تهدّم حمايةً لاستثماراتها واعتمادها الكبير على النفط الإيراني.
ويعتبر الكاتب أن هذه الديناميكية بين قوة مهيمنة وأخرى صاعدة تستحضر نمط التنافس الأمريكي- السوفيتي في مناطق النفوذ.
ويضرب كوك مثالاً على ذلك بالبحر الأحمر، حيث واجهت بكين وواشنطن تهديد الحوثيين للملاحة البحرية بطرق متباينة، فبينما أبرمت الصين تفاهماً يحمي سفنها من الهجمات، لجأت الولايات المتحدة إلى الضربات العسكرية، وهو ما انعكس بنتائج محدودة وتبعات سياسية أضرت بصورتها الدولية.
أما بالنسبة لبكين، فيصفها الكاتب بأنها "ضربة موفقة" مكّنتها من حماية مصالحها دون تكلفة عسكرية، ومن مراقبة أداء القوات الأمريكية عن قرب من قاعدتها في جيبوتي.
ويوضح أن بكين استغلت الدعم الأمريكي لإسرائيل عقب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لتكسب موقعاً أفضل، ليس في الشرق الأوسط فحسب بل في "الجنوب العالمي".
ويشير إلى أن الانتقادات الصينية الحادة لإسرائيل لم تكن بدافع التعاطف مع الفلسطينيين بقدر ما هدفت إلى تحميل واشنطن مسؤولية معاناتهم، وهو ما أسهم- برأيه - في الإضرار أكثر بصورة الولايات المتحدة على الساحة الدولية.
ويبين ستيفن كوك أن الموقف الصيني تجاه إيران يختلف عن مقاربتها في ملفات أخرى، إذ تحتاج بكين إلى طهران بتأمين نحو 13 في المئة من احتياجاتها النفطية، وهو ما يفسر حرصها على استقرار النظام هناك.
وبرأي الكاتب، فإن تصوّر بعض المحللين أن تراجع إيران يمثل مكسباً للصين غير دقيق، فهو يعتبر أن إيران المنهكة أو غير المستقرة تعني خسارة لبكين، سواء بانقطاع إمدادات النفط أو بظهور قيادة سياسية أكثر قرباً من واشنطن.
ولذلك، فمن المنطقي- وفق الكاتب- أن تتحرك الحكومة الصينية بسرعة لإعادة بناء قدرات إيران في مجال الدفاع الجوي وكذلك مخزونها من الصواريخ الباليستية.
ويستعيد كوك التاريخ ليذكّر بأن الاتحاد السوفيتي تحرك سريعاً لإعادة تسليح الجيش المصري بعد هزيمته أمام إسرائيل عام 1967، معتبراً أن ما يجري اليوم يحمل تشابهاً كبيراً، رغم اختلاف الظروف والأطراف.
ومع ذلك، يرى ستيفن كوك أن المقارنة بالحرب الباردة تظل ناقصة؛ فإسرائيل ليست "دولة تابعة" للولايات المتحدة كما كانت بعض الأنظمة في أمريكا اللاتينية خلال الثمانينيات، وهي في الوقت نفسه تتمتع بعلاقات اقتصادية وثيقة مع الصين.
لكن كوك يرى بأنه من الصعب تجاهل عودة أجواء الثمانينيات، حين كانت المواجهات تُدار بمنطق "رابح مقابل خاسر" في ظل التنافس بين القوى الكبرى، وكان العالم أكثر خطورة بكثير.
وفي صحيفة الإندبندنت البريطانية تكتب ماري دجيفسكي عن العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة وتقول إنها بدأت وسط احتجاجات داخلية واسعة وانتقادات دولية حادة.
و"تبين أن مجلس الوزراء الأمني استغرق وقتاً طويلاً لإقرارها، فيما عبّر قادة عسكريون عن شكوكهم علناً، وتزايدت المظاهرات ضد استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، مع مخاوف من أن تؤدي العملية إلى إضعاف فرص الإفراج عن الرهائن الباقين في القطاع".
وتصف الكاتبة الحملة بأنها غير مألوفة بالنسبة لإسرائيل: مفرطة في استخدام القوة، عشوائية في التخطيط، ضعيفة في إدارة المساعدات الإنسانية، وقاسية في حجم الضحايا، رغم مواجهة خصم محدود القدرات، وفق وصفها.
وترى أن وجود الرهائن جعل الأهداف الإسرائيلية متناقضة بين القضاء على حماس وتأمين الإفراج عنهم، وهو ما عمّق الانقسام داخل المجتمع بين من يعطي الأولوية لهزيمة الحركة ومن يرى أن عودة الرهائن يجب أن تكون الهدف الأهم، بحسب الكاتبة دجيفسكي.
وتلفت دجيفسكي إلى أن هذه الانقسامات امتدت إلى المؤسسة العسكرية نفسها، حيث أعلن رئيس الأركان وآخرون تحفظاتهم، كما رفض بعض قدامى الجنود العودة للخدمة، وأبدى جنود احتياط نيتهم عدم الاستجابة للاستدعاء، وهو ما اعتبرته ظاهرة غير مسبوقة في إسرائيل.
وترى أن هذه التصدعات قد تشكّل تهديداً لمستقبل نتنياهو السياسي، لكنها تعتبر أن الحدث المفصلي الحقيقي هو هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول ذاته، بوصفه فشلاً أمنياً واستخباراتياً كبيراً جرى في ولايته.
وتشير الكاتبة إلى أن هذا اليوم سيظل النقطة التي دشّنت بداية نهاية مسيرة نتنياهو، بصرف النظر عن مآلات العملية الحالية في غزة.
إلى مجلة بلومبرغ ومقال للكاتبة أندريا فيلستد، حيث ترى أن على الشركات الاستهلاكية أن تعيد النظر في تركيزها المبالغ فيه على الأجيال الشابة، وأن توجه اهتماماً أكبر إلى كبار السن باعتبارهم سوقاً متنامية ذات قوة شرائية كبيرة.
وتشير إلى أن تراجع معدلات المواليد في الدول المتقدمة وارتفاع متوسط الأعمار، يوسّع شكل الطلب في الأسواق، ليشمل الغذاء والملابس ومستحضرات العناية الشخصية، مضيفةً بأن الفئة الأكبر سناً تملك قدرة شرائية تفوق الأجيال الأصغر لكن مع ذلك فإن اهتمام الشركات الاستهلاكية ما يزال منصباً بالدرجة الأولى على الشباب.
وتبين أن بعض الشركات بدأت بالفعل في الاستجابة لهذا التحول، حيث تقول إن "مصنّعي الحفاضات، مثلاً، وسّعوا استثماراتهم في مستحضرات مخصّصة لمشكلات التبول اللإرادي، حيث ينمو الطلب عليها بوتيرة أسرع من حفاضات الأطفال".
وفي مجال الغذاء، تقول الكاتبة إن شركات كبرى طورت منتجات تستهدف البالغين وكبار السن، مثل مشروبات غنية بالبروتين أو أغذية مصممة لمن يعانون ضعفاً إدراكياً بسيطاً، كما ظهرت في الولايات المتحدة خدمات لتوصيل وجبات مخصصة للأشخاص فوق سن الخمسين، مع الأخذ بعين الاعتبار أمراض شائعة مثل السكري أو مشكلات الهضم.
وتوضح الكاتبة أن هذا التوجه لا يقتصر على الغذاء، بل يمتد إلى الألعاب، مبينة أنه مع تراجع أعداد الأطفال، أصبح نحو خُمس سوق الألعاب في أوروبا وأمريكا مخصصاً للبالغين.
أما في عالم الأزياء، فتشير فيلستد إلى أن احتياجات كبار السن ما زالت بعيدة عن اهتمام الشركات، رغم إنفاقهم الكبير على السفر وتناول الطعام خارج المنزل.
وتوضح أن هناك سوقاً واعدة لملابس تجمع بين الراحة والعملية من جهة، والأناقة والجاذبية من جهة أخرى.
وتذكر أن تعديلات بسيطة مثل؛ أطوال مختلفة للبناطيل والفساتين، وأكمام أوسع، أو أزرار تُستبدل بلاصق مشبّك يسهل استخدامه، يمكن أن تحقق نجاحاً كبيراً لدى هذه الفئة.
وتبين الكاتبة أن الاتجاه الأوسع الذي يطلق عليه خبراء "العيش من أجل طول العمر" سيصبح المحرك الأهم في السنوات المقبلة، فشركات الصحة والجمال بدأت بالفعل بالتركيز على الكولاجين والمكملات التي تؤخر تراجع الخلايا مع التقدم في العمر.
وبرأيها، فإن الجمع بين مخاطبة الأجيال الشابة والتهيؤ لاحتياجاتهم المستقبلية عندما يكبرون هو ما سيمنح الشركات قدرة أكبر على الصمود في مواجهة التغييرات السكانية.