غزة- كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الأسبوع الأخير غاراتها الجوية وعمليات نسف وتفجير المباني السكنية في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة ، مما أجبر معظم سكانه على النزوح قسرا باتجاه غرب المدينة.
ويتزامن هجوم الجيش الإسرائيلي مع حجم الدمار الهائل الذي خلفته عملياته العسكرية في حيي الشجاعية و التفاح شرق غزة بعد تراجع الآليات من وسطهما، مما يرجح أن الحكومة الإسرائيلية بدأت خطوات فعلية على الأرض لاحتلال ما تبقى من المدينة.
وبدأ التوغل البري الأخير للجيش الإسرائيلي في مدينة غزة في 3 أبريل/نيسان الماضي عندما أصدر أوامر بتهجير أهالي حي الشجاعية شرق المدينة، وأعلن عن عملية عسكرية هناك أدت إلى تدمير أجزاء واسعة من الحي ومنع سكانه العودة إليه.
ويقطن حي الشجاعية 110 آلاف شخص، وتبلغ مساحته نحو 14.3 كيلومترا مربعا، أي ما يشكل 20% من مساحة محافظة غزة الإجمالية التي تمتد على 70 كيلومترا مربعا ويسكن فيها أكثر من 803 آلاف نسمة، بحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ومطلع مايو/أيار الماضي، امتدت العمليات العسكرية الإسرائيلية البرية إلى حي التفاح المقدرة مساحته بنحو 2.8 كيلومتر مربع، أي ما يعادل 4% من مساحة مدينة غزة، ويسكنه 37 ألف فلسطيني.
وقبل أسبوع شرع الاحتلال في عمليات نسف واسعة بحي الزيتون البالغة مساحته 9.1 كيلومترات مربعة، مما يشكل 13% من مساحة المدينة، ويقطنه 78 ألف فلسطيني.
ومع فرض الجيش الإسرائيلي سيطرته بالقوة النارية على الأحياء الثلاثة يكون احتل ما نسبته 37% من محافظة غزة، أي ما يزيد على ثلث مساحتها، وأجبر أكثر من 225 ألفا من سكانها على النزوح قسرا.
ويعتقد المتحدث باسم بلدية غزة المهندس عاصم النبيه أن من الصعب حاليا حصر الأضرار التي لحقت بأحياء المدينة الشرقية التي توغل فيها جيش الاحتلال، لكنه أكد أنه دمر مساحات واسعة، سواء عبر الغارات الجوية المكثفة والقصف المدفعي والروبوتات المتفجرة.
وقال النبيه للجزيرة نت إن معظم المنازل والمنشآت الواقعة شرق شارع صلاح الدين تعرضت للتدمير، في محاولة إسرائيلية لجعل المدينة غير قابلة للعيش، مما يمنع عودة سكانها إليها ضمن مخطط الاحتلال بتهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة.
من جهته، يرى الباحث في الشأن الأمني رامي أبو زبيدة أن ما يجري على الأرض من عملية نسف وتدمير واسعة في حيي الزيتون والصبرة في غزة منذ أيام عدة وما سبقه من تدمير حيي الشجاعية والتفاح يشير إلى بدء عملية عسكرية صامتة لاحتلال المدينة دون إعلان رسمي.
ويشير أبو زبيدة في حديثه للجزيرة نت إلى أن قوات الاحتلال تمهد الأرض للزحف باتجاه وسط المدينة، وهو ما يبدو واضحا من حجم تفجير الروبوتات المتسارع في جنوب المدينة، ويقول "بعض قادة الاحتلال يريدون تكرار مشهد دمار بيت حانون داخل مدينة غزة".
ولا يستبعد أبو زبيدة أن يكون الحديث عن خلاف بين المستويين السياسي والعسكري بشأن احتلال مدينة غزة مجرد عملية تضليل تتزامن مع تجهيز مسرح العمليات على الأرض، مشددا على أن ما يجري هذه المرة يفتح الباب أمام حرب شوارع وعملية استنزاف طويلة الأمد ما لم يُكبح جماح إسرائيل.
ومع إعلان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر ( الكابينت ) التصديق على احتلال مدينة غزة قالت هيئة البث الإسرائيلية إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير سيصل غدا الأحد إلى قيادة المنطقة الجنوبية للتصديق على الخطط العملياتية.
بدوره، يضع مدير مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزة رامي خريس في حديثه للجزيرة نت 3 سيناريوهات لمستقبل الحرب على غزة، وتتمثل في:
ويرجح خريس سيناريو تقطيع أوصال القطاع ومحاصرة معاقل حماس بما يسمح للإسرائيليين بالضغط على المقاومة دون الدخول في احتلال شامل محفوف بالمخاطر، ويبقي الباب مفتوحا للدبلوماسية والضغط الدولي كأدوات تكميلية، وفي الوقت ذاته يتجنب المخاطر العسكرية المرتفعة للاحتلال الكامل، والتي تكمن في:
وشدد خريس على أن الاحتلال الكامل يفتح الباب لمقاومة شديدة وطويلة الأمد، وقد يؤدي إلى مزيد من التصعيد، وهو ما تحاول القيادة الإسرائيلية تفاديه عبر خيار حصار مستمر ومحاولة إضعاف المقاومة تدريجيا.