(CNN) -- بدأت أعمال بناء أول محطة هجينة واسعة النطاق للطاقة الشمسية والبطاريات في مصر، في الوقت الذي تتطلع فيه البلاد إلى الاستفادة من وفرة أشعة الشمس للمساعدة في حل أزمة الطاقة .
وستجمع محطة أوبليسك، الواقعة في نجع حمادي، 1.1 غيغاواط من إنتاج الطاقة الشمسية مع 200 ميغاواط/ ساعة من تخزين الطاقة في البطاريات، وتتولى شركة سكاتك، وهي شركة نرويجية للطاقة المتجددة تعمل بشكل رئيسي في الأسواق الناشئة، بناء هذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته 590 مليون دولار .
وتمتلك سكاتك بالفعل أربعة مشاريع أخرى للطاقة المتجددة في مصر، وتسعى الدولة الواقعة في شمال أفريقيا إلى زيادة حصتها من إنتاج الطاقة المتجددة من 13% في عام 2023 إلى 42% بحلول عام 2030.
ويُنتج الغاز حوالي ثلاثة أرباع كهرباء مصر، ولكن في السنوات الأخيرة، ومع انخفاض إنتاجها المحلي من الغاز، أصبحت مصر تعتمد على الواردات، وأدى ارتفاع أسعار الغاز إلى سلسلة من حالات انقطاع التيار الكهربائي .
وصرّح الرئيس التنفيذي لشركة سكاتك، تيرجي بيلسكوج لشبكة CNN بأن مشاريع الطاقة المتجددة أصبحت أكثر جاذبية للاقتصادات الناشئة، التي عادةً ما تكون الأكثر تضررًا من ارتفاع أسعار الوقود، مضيفا: "مع مصادر الطاقة المتجددة، لا نعتمد على استيراد الوقود، الأمر يتعلق أيضًا بالقدرة على التنبؤ".
وتقع 60% من أفضل الأراضي في العالم لتطوير الطاقة الشمسية في أفريقيا، وفقًا للمجلس العالمي للطاقة الشمسية، ولكن في عام 2023، لن تشكّل الطاقة الشمسية سوى 3% من طاقة القارة، وفي عام 2024، تم بناء 75% من جميع مشاريع الطاقة الشمسية الجديدة في جنوب إفريقيا أو مصر، ومع ذلك، فإن 18 دولة في جميع أنحاء إفريقيا لديها القدرة على تركيب مشاريع طاقة شمسية بأكثر من 100 ميغاوات في عام 2025، مقارنة بدولتين في عام 2024. وتهدف القارة إلى الوصول إلى 300 غيغاوات من الطاقة الشمسية بحلول عام 2030، وهو ما يفوق القدرة الحالية للولايات المتحدة .
ورغم أن مصر تبحث عن موارد غاز محلية جديدة، إلا أنها وضعت أهدافًا طموحة للطاقة المتجددة، واستضافت مؤتمر المناخ COP27 في عام 2022، لكن القوة الدافعة وراء هذه المشاريع المتجددة الجديدة اقتصادية، وليست بيئية، كما قال كريم الجندي، المدير التنفيذي لمعهد كاربون، وهو مركز أبحاث متخصص في الطاقة والمناخ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ومع الاعتماد المفرط على الغاز، وتراجع إنتاج حقل ظهر للغاز، تُكافح مصر للحفاظ على استمرارية الكهرباء .
وطرحت مصر مناقصة لاستيراد ما يقرب من مليوني طن من زيت الوقود في شهري مايو ويونيو لتلبية احتياجاتها من الكهرباء، نظرًا لارتفاع أسعار واردات الغاز، ويشهد فصل الصيف ارتفاعًا في الطلب، حيث تُشغّل مكيفات الهواء لمواجهة الحر الشديد - حيث قد تصل درجات الحرارة العظمى إلى 42 درجة مئوية (108 فهرنهايت) في الجنوب، وقد حثّ رئيس الوزراء مصطفى مدبولي المواطنين مؤخرًا على ترشيد استهلاكهم للطاقة لتجنب انقطاع التيار الكهربائي.
في حين أن حرارة الصيف في مصر تزيد من الطلب على الكهرباء، إلا أنها قد تُقدم حلاً أيضاً، إذ قال الجندي إن جنوب مصر، حيث يُطلق مشروع سكاتك الجديد، يقع "ضمن الحزام الشمسي السحري"، ووفقاً لأطلس الطاقة الشمسية العالمي، تتمتع مصر برابع أعلى إمكانات للطاقة الشمسية الكهروضوئية (الفولتية الضوئية) بين جميع الدول .
تاريخياً، واجه قطاع الطاقة الشمسية صعوبات بسبب انقطاعه - فالألواح الشمسية تعمل فقط خلال النهار، وكان تخزين البطاريات على نطاق واسع مكلفاً للغاية، ومع ذلك، فإن انخفاض أسعار البطاريات، إلى جانب انخفاض تكاليف التشغيل والتركيب للطاقة الشمسية، يعني أن المشاريع التي تجمع بين توليد الطاقة الشمسية وتخزين البطاريات، مثل مشروع أوبليسك، يمكن أن تتغلب على هذه المشكلة .
وبفضل حجمه وموقعه المتميز، قال الجندي إن مشروع أوبليسك "يمكن أن يُثبت قيمةً لبقية المنطقة، ولبقية العالم، حيث يمكن للطاقة الشمسية بالإضافة إلى البطاريات أن تُزيل هذا الضعف الأساسي".
وانخفضت تكلفة مشاريع تخزين البطاريات بنسبة 89% بين عامي 2010 و2023، مدفوعةً بتزايد الطاقة الإنتاجية، لا سيما في الصين. وأوضح الجندي أن هذا الانخفاض يعني أنه بحلول عام 2027، ستكون محطات الطاقة الشمسية بالإضافة إلى البطاريات "أرخص أشكال توليد الكهرباء"، وذكر تقرير صادر عن المجلس العالمي للطاقة الشمسية أن توافر تخزين الطاقة "محرك رئيسي لزيادة تركيبات الطاقة الشمسية عالميًا"، ومع ذلك، فبينما تصل سعة تخزين البطاريات العالمية إلى 363 غيغاواط/ ساعة في عام 2024، فإن أفريقيا تمتلك 1.6 غيغاواط/ ساعة فقط .
وأضاف الجندي أنه رغم انخفاض أسعار البطاريات وانخفاض تكلفة تشغيل الطاقة الشمسية، إلا أن هذه المحطات لا تزال بحاجة إلى استثمارات كبيرة لبنائها، وقد يكون من الصعب الحصول على المال اللازم، مضيفًا أن "علاوة المخاطرة" للاستثمار في العالم النامي تعني أن بناء هذه المشاريع في أفريقيا أكثر تكلفة، لم تجذب القارة سوى 3% من استثمارات الطاقة العالمية في عام 2024 .
سيحصل مشروع أوبيليسك على تمويل بقيمة 479.1 مليون دولار أمريكي من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والبنك الأفريقي للتنمية، والهيئة البريطانية للاستثمار الدولي، ومن المقرر أن يبدأ تشغيل أول 561 ميغاوات من الطاقة الشمسية وكامل سعة البطارية في النصف الأول من عام 2026، على أن يصل إلى طاقته الكاملة البالغة 1.1 غيغاوات بنهاية العام.