نتناول في عناوين الصحف التي نعرضها لكم اليوم، مقالات رأي تناقش التبعات المتوقعة للتدخل الأمريكي في الصراع الأخير بين إيران وإسرائيل، على العلاقة مع كوريا الشمالية، وشكل العالم الذي يحكمه جيل من القادة "كبار السن"، لن يعيشوا ليروا نتائج سياساتهم، وما تمثله دمية "لابوبو" من ازدهار "غريب" للمنتجات الصينية في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي.
نبدأ من صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية التي كتب فيها ويليام هينغان مقالاً بعنوان: "أمريكا لا تستطيع أن تفعل بكوريا الشمالية ما فعلته بإيران".
ويعتبر هينغان أنَّ الضربات الأمريكية على إيران -رغم عدم امتلاكها سلاحاً نوويا بعد-، تؤكد لزعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، ما كان يعتقده منذ زمن، بأنَّ امتلاك الأسلحة النووية أمر حاسم لبقائه وبقاء بلاده.
ويتساءل الكاتب فيما لو كانت الولايات المتحدة ستقوم بمثل هذه العملية الوقائية الجريئة ضد إيران لو كانت تملك القدرة على الرد بقنبلة نووية.
وتشير التقديرات وفقاً للمقال إلى أنَّ هذه الدولة الصغيرة المعزولة أنتجت نحو 50 رأساً نووياً، إلى جانب مواد انشطارية تكفي لإنتاج ما يصل إلى 40 رأساً إضافياً.
فيما تستطيع ترسانتها من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، على الأرجح، استهداف كل مدينة أمريكية رئيسية، فيما تُعد آلاف الصواريخ الأخرى ضمن مدى القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وفقا لهنيغان.
لقد عبّر كيم مراراً أنه لا ينوي التخلي عن برنامجه النووي، إذ يرى فيه وسيلة أساسية لضمان بقاء حكم عائلته.
ويضيف الكاتب أنه على العكس مما حدث مع إيران، فترامب لا يهدد بشنّ حرب لنزع سلاح كوريا الشمالية النووي. في الواقع، وبعد مرور خمسة أشهر على ولايته الثانية، لا يبدو أنه يُولي الكثير من الاهتمام لهذا الملف، حتى في الوقت الذي يزداد فيه الزعيم الكوري كيم جونغ أون، قوة بفضل أسلحة نووية جديدة وصواريخ وتحالفات.
وإذا كانت الولايات المتحدة قد عجزت عن توجيه ضرر لا يمكن إصلاحه لبرنامج إيران النووي من خلال الضربات الجوية -كما تشير بعض المعلومات الاستخباراتية الأولية- فمن الصعب تخيّل نوع الحملة المستدامة التي ستكون مطلوبة للنجاح في كوريا الشمالية، وفقا للصحيفة.
والآن، بعد أن خمدت موجة النشاط العسكري الهادفة إلى تحييد الطموحات النووية لإيران، يلوح في الأفق مجدداً التحدي المستعصي الذي يمثله برنامج كوريا الشمالية. و"لا توجد مؤشرات واضحة على أن مهمة مماثلة قيد الدراسة، ولا ينبغي أن تكون كذلك... فلنفكر بدلاً من ذلك في مسار أكثر جدوى للمضي قدماً".
ورغم أن واشنطن لا تعترف رسمياً بكوريا الشمالية كدولة نووية، فإن الجيش الأميركي يخطط ويجري تدريبات انطلاقاً من واقع أنها تملك بالفعل ترسانة نووية، وترامب نفسه صرّح في ثلاث مناسبات على الأقل بأن كوريا الشمالية قوة نووية.
إن الاعتراف بهذا الواقع كحقيقة دبلوماسية هو قرار صعب بلا شك، لكنه ضروري لتحقيق اختراق من شأنه تقليل التوترات، وتجنّب حرب غير مرغوب فيها، ومنع مئات الأسلحة الإضافية من الدخول إلى ترسانة كوريا الشمالية المتنامية باستمرار، وفقا للكاتب.
"في الوقت الذي يحتاج فيه العالم بشدة إلى الشيوخ الحكماء، يقع مصيره في أيدي رجال طاعنين في السن لا يرحمون، من طينة الآباء المستبدين"، يقول عنوان مقال الكاتب ديفيد فان ريبروك، في صحيفة الغارديان .
يسترسل المقال معتبراً أن هناك "جيلاً من القادة يعمل على تفكيك النظام العالمي، وأن هذا الجيل لن يعيش ليرى الحطام الذي يتركه خلفه".
يقول الكاتب إنه يحاول الحديث عن مسألة حساسة عبر خوضه في عمر من يتولون زمام الأمور في العالم، لكن "دون الوقوع في فخ التمييز العمري".
ويعتبر الكاتب أنه لم يحدث من قبل في التاريخ الحديث أن كان مصير العالم بيد أشخاص بهذا العمر المتقدم؛ فلاديمير بوتين وشي جين بينغ يبلغان من العمر 72 عاماً، ناريندرا مودي 74 عاماً، بنيامين نتنياهو 75 عاماً، دونالد ترامب 79 عاماً، وعلي خامنئي 86 عاماً.
كما يرى ديفيد فان ريبروك أن "التقدّم الطبي أتاح للناس أعماراً أطول وحياة أكثر نشاطاً، لكننا نشهد في الوقت ذاته نمطاً مقلقاً من الزعماء السياسيين الذين يشتدّ تمسّكهم بالسلطة كلما تقدموا في السن، وغالباً على حساب الأجيال الشابة من حولهم".
ويذكر مثال القمة السنوية، التي اضطر فيها قادة الناتو، ومن بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسن (كلاهما 47 عاماً)، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (48 عاماً)، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز (53 عاماً)، للرضوخ لمطلب ترامب بزيادة الإنفاق العسكري دون مبرر عسكري واضح أو نقاش عقلاني جاد، فضلاً عن غياب النقاش الديمقراطي الحقيقي داخل بلدانهم، حتى وصل الأمر بالأمين العام للناتو، مارك روته (58 عاماً)، إلى مناداة ترامب بـ "بابا"، فهذا ليس دبلوماسية، بل استسلام، وفقاً للكاتب.
ويضيف: "فولوديمير زيلينسكي، البالغ من العمر 47 عاماً، يقاوم طموحات بوتين الإمبريالية، وهو في السبعين من عمره. شي جينبينغ، السبعيني، يطمع في تايوان التي تقودها رئيسة تصغره بسبع سنوات. نتنياهو، الذي يبلغ ثلاثة أرباع القرن، يشرف على تدمير غزة، حيث نصف الغزيين تقريباً دون سن الثامنة عشرة، وفي إيران، يحكم رجل في السادسة والثمانين شعباً يبلغ متوسط أعمار أفراده 32 عاماً. أما بول بيا، رئيس الكاميرون البالغ 92 عاماً، فهو في السلطة منذ 1982 في بلد يبلغ متوسط العمر فيه 18 سنة، ومتوسط العمر المتوقع لا يتجاوز 62 سنة".
ويخلص المقال إلى أن " المقارنة ليست مؤامرة حول الشيخوخة... بل كان هناك إطار أخلاقي مشترك هش، لكن صادق يقوم على قناعة بأن على البشرية ألّا تكرر فظائع النصف الأول من القرن العشرين، وأن الحوار والدبلوماسية أفضل من العنف، أمّا اليوم، فقد تبخّرت تلك القناعة".
ويعتبر الكاتب أنَّ "هؤلاء الرجال هم أبناء عالم ما بعد الحرب، ومع اقترابهم من نهاية حياتهم، يبدو أنهم مصممون على هدمه، يكاد الأمر أن يكون انتقاماً".
لا ينكر المقال الدور الإيجابي لقادة كبار في السن مثل نيلسون مانديلا الذي أسس بعد ترك منصبه "مجلس الحكماء"، وهي شبكة من قادة العالم السابقين تعمل على تعزيز السلام والعدالة وحقوق الإنسان.
ويختم بالقول "المشكلة ليست في الشيخوخة، بل في الطريقة التي اختار البعض أن يستخدم بها هذه المرحلة من العمر، العالم لا يحتاج إلى المزيد من الزعماء الأقوياء المُتشبثين بالسلطة. إنه يحتاج إلى شيوخ مستعدين للتنحي والتوجيه... نحن لا نحتاج إلى هيمنة، بل إلى حكمة، وهذا في النهاية، هو ما يفرّق بين الحاكم والقائد".
دمى لابوبو نادرة. حتى في المتجر الرئيسي العملاق لصانعها، بوب مارت، في شنغهاي، يُطلب من حشود من العملاء الانتظار أسبوعاً أو أكثر، تقول صحيفة الإيكونومست البريطانية في مقال نشرته الأسبوع الماضي حمل عنوان "لا يقتصر الأمر على دمى لابوبو فقط، بل تشهد العلامات التجارية الصينية ازدهاراً كبيراً".
تصف الدمية بـ "المخلوقات القزمة"، وتشير إلى بيعها في "صناديق عمياء" تُبقي المشترين في حيرة بشأن أي واحدة قد يحصلون عليها، مقابل 20 دولاراً فقط.
إلا أن نوعاً نادراً منها بيع مقابل 150 ألف دولار في مزاد بتاريخ 10 يونيو/حزيران.
"ليس الأطفال الصينيون وحدهم من يحاولون الحصول عليها: إذ أعلن مشاهير، بمن فيهم ديفيد بيكهام، لاعب كرة القدم السابق، وريهانا، نجمة البوب، عن تقديرهما لها... أدى جنون لابوبو إلى ارتفاع أسهم بوب مارت بنسبة 180% منذ بداية العام. إنها واحدة من مجموعة متنامية من العلامات التجارية الاستهلاكية الصينية التي تزداد شعبيتها بشكل كبير"، تضيف الصحيفة.
لكن يشير مقال الصحيفة إلى أن دمى لابوبو تؤشر على ازدهار في العلامات التجارية في الصين، في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي وضعف إنفاق الأسر، ما تعتبره "وقتاً غريباً لازدهار المنتجات الاستهلاكية الصينية".
ومع ذلك، فإن هذا الضغط على المستهلكين الصينيين هو "أحد العوامل التي تدفع العلامات التجارية المحلية إلى الأمام. فمع تزايد حساسية المستهلكين تجاه الأسعار، تزدهر العلامات التجارية المحلية التي تجمع بين الأسعار المنخفضة والجودة المقبولة".
ويعلل المقال ما يجري بعوامل عدة من بينها: تزايد حساسية المستهلكين تجاه الأسعار، ما يؤدي لازدهار العلامات التجارية المحلية التي تجمع بين الأسعار المنخفضة والجودة المقبولة، إضافة لتراجع شغف المستهلكين الصينيين بالسلع الأجنبية لمجرد أنها أجنبية، كما أنَّ هناك تحولاً في عادات الإنفاق في الصين؛ إذ أصبح المتسوقون اليوم أكثر اطلاعاً على المنتجات مقارنةً بالماضي، ويعود الفضل في ذلك أساساً إلى وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يشعر الكثيرون بأنهم تعرضوا للاحتيال من قبل الشركات الأجنبية التي كانت قادرة على البيع بأسعار مبالغ فيها لمجرد أنها ليست صينية، وفقا للمقال.
يضرب المقال أمثلة على ذلك منها "سلاسل محلية للقهوة مثل كوتي أو لوكين التي لا تقل جودة عن ستاربكس، وهي شركة أمريكية... لكنها غالباً ما تكون أقل تكلفة بنصف السعر".
ويلفت المقال إلى أن العلامات التجارية الصينية آخذة بالازدهار خارج الصين أيضاً، فـ "بوب مارت تمتلك الآن متاجر في أكثر من 20 دولة، منها 37 متجراً على الأقل في أمريكا. وتنتشر ميكسيو في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا، وتخطط تشاجي لافتتاح أكثر من 1,300 متجر خارج الصين بحلول نهاية عام 2027، بزيادة عن عدد متاجرها الذي لم يكن يُذكر قبل أربع سنوات".
ووفقا للصحيفة فإنَّه "على مدى عقود، كانت اتجاهات البيع بالتجزئة تأتي إلى الصين من الخارج، لكن يبدو أن تلك الأيام قد شارفت على نهايتها".