بعد أسبوعين من الهجوم على السياح في منتجع باهالغام السياحي في الشطر الهندي من إقليم كشمير، نفّذت القوات الهندية هجوماً على مواقع في باكستان والشطر الباكستاني من كشمير، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء.
وأعلنت وزارة الدفاع الهندية أن الضربات، التي أطلقت عليها "عملية سيندور"، جاءت في إطار "الالتزام" بمحاسبة المسؤولين عن الهجوم المسلح، الذي أودى بحياة 25 هندياً ومواطن نيبالي، في 22 أبريل/نيسان.
ونفت باكستان تورطها في هذا الهجوم، ووصفت الضربات الهندية بأنها "غير مبررة"، وقال رئيس الوزراء شهباز شريف، فور تلقيه أنباء الهجوم يوم الأربعاء، إن "هذا العمل العدواني الشنيع لن يمر دون عقاب".
وبالفعل ردَّ الجيش الباكستاني سريعاً وأعلن إسقاط خمس طائرات هندية مقاتلة وطائرة بدون طيار. ولم تردّ الهند على هذه الادعاءات بعد.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الباكستاني، الفريق أحمد شريف شودري، عن مقتل 26 شخصاً على الأقل وإصابة 46 آخرين. في حين أعلنت الهند مقتل سبعة مدنيين على الأقل جراء قصفٍ باكستاني في الشطر الهندي من كشمير.
صرحت نيودلهي في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، بأن قواتها استهدفت تسعة مواقع مختلفة في الجزء الباكستاني من كشمير وكذلك داخل الأراضي الباكستانية.
وأضافت أن هذه المواقع كانت "بنية تحتية إرهابية"، أي أنها كانت مركز "التخطيط والتوجيه" للهجوم المسلح في الشطر الهندي من كشمير.
وأكدت الهند أنها لم تضرب أي منشآت عسكرية باكستانية، وأضافت أن "ضرباتها كانت مركزة ومدروسة وغير تصعيدية بطبيعتها".
من جانبها قالت باكستان إن الهند استهدفت ثلاث مناطق مختلفة: مظفر آباد وكوتلي في كشمير الخاضعة لإدارة باكستان، وبهاوالبور في إقليم البنجاب الباكستاني.
وصرّح وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف، لقناة جيو تي في الباكستانية، بأن الضربات الهندية أصابت مناطق مدنية، مؤكداً أن ادعاء الهند "باستهداف معسكرات إرهابية" غير صحيح.
تأتي هذه الضربات بعد أسابيع من تصاعد التوتر بين الجارتين النوويتين على خلفية إطلاق النار في منتجع باهالغام السياحي.
وأدى هجوم 22 أبريل/نيسان الذي شنته مجموعة مسلحة إلى مقتل 26 شخصاً، وقال الناجون إن المسلحين كانوا يستهدفون الرجال الهندوس.
كان هذا أسوأ هجوم على المدنيين في المنطقة منذ عقدين، وأثار غضباً كبيراً في الهند.
وصرّح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بأن بلاده سوف تلاحق المشتبه بهم "حتى أقاصي الأرض"، وأن من خططوا ونفّذوا الهجوم "سيُعاقبون بما لا يحتملونه".
مع ذلك، لم توجه الهند اتهاماً محدداً لأي جماعة أو تنظيم بتنفيذ الهجوم، ولا يزال من غير الواضح من المسؤول عنه.
لكن الشرطة الهندية زعمت أن هناك مواطنين اثنين من باكستان بين منفذي الهجوم، في حين تتهِم نيودلهي إسلام آباد بدعم المسلحين، وهي الاتهامات التى دائماً تنفيها باكستان.
ونفت إسلام آباد أي علاقة لها بهجمات 22 أبريل/نيسان.
لكن التصعيد تواصل بعد الهجوم. وعلى مدار أسبوعين تبادل الجانبان التصعيد وطرد الدبلوماسيين، وتعليق التأشيرات، وإغلاق المعابر الحدودية.
وتزايدت التوقعات بالتصعيد العسكري وضربة عابرة للحدود، كما حدث بعد هجمات بولواما التي أسفرت عن مقتل 40 فرداً من القوات شبه العسكرية الهندية في عام 2019.
تطالب كل من الهند وباكستان بالسيادة الكاملة على إقليم كشمير، وكل بلد يدير جزءاً من الإقليم منذ تقسيمه بعد الاستقلال عن بريطانيا عام 1947.
خاضت الدولتان حربين بسبب هذه المنطقة.
وفي الآونة الأخيرة، تسببت هجمات المسلحين في دفع البلدين إلى حافة الصدام، حيث يشهد الجزء الخاضع للإدارة الهندية تمرداً مسلحاً ضد الحكم الهندي منذ عام 1989، ويستهدف المتمردون قوات الأمن والمدنيين على حدٍ سواء.
وفي عام 2019 ردّت الهند على هذه الهجمات بإلغاء المادة 370 التي منحت كشمير وضعاً شبه مستقل، وكان الهجوم الأخير هو الأكبر منذ إلغاء الهند هذه المادة.
خرجت احتجاجات عارمة ضد القرار الهندي، ومع هذا، شهدت المنطقة أيضاً "تراجعاً" في التشدد، وزيادة هائلة في عدد السياح الذين يزورونها.
وعن أبرز الاشتباكات العابرة للحدود بين البلدين، نفّذت الهند في 2016، "ضربات دقيقة" عبر خط السيطرة، الحدود الفعلية بين الهند وباكستان، مستهدفة "قواعد للمسلحين"، بعد مقتل 19 جندياً هندياً في أوري.
وفي عام 2019، أدى تفجير بولواما، الذي أودى بحياة 40 من أفراد القوات شبه العسكرية الهندية، إلى شن الهند غارات جوية في عمق بالاكوت، وكان أول عمل من نوعه داخل باكستان منذ عام 1971، مما تسبب في غارات انتقامية باكستانية ومعارك جوية بين الطرفين.
لم تشهد الاشتباكات السابقة تصاعداً خطيراً بينهما، لكن العالم بأسره لا يزال في حالة استنفار تحسباً لوقوع أي تصعيد غير متوقع. وقد بذلت دول مختلفة حول العالم محاولات دبلوماسية لوقف تصعيد الوضع الحالي.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بالفعل إلى "أقصى درجات ضبط النفس"، بينما عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن أمله في أن "ينتهي القتال بسرعة كبيرة".