آخر الأخبار

ما حجم وتاريخ المساعدات الأمريكية للأردن؟

شارك
مصدر الصورة

"نقدم الكثير من المال للأردن"، جملة كررها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للضغط على الأردن لاستقبال فلسطينيين من قطاع غزة، تنفيذا لخطته التي تهدف للسيطرة على القطاع الفلسطيني.

وأشار ترامب إلى أنه قد يفكر في حجب المساعدات عن الأردن، لكنه قال إنه "لا يستخدم الدعم للتهديد".

وأضاف: "نقدم الكثير من المال للأردن، ولمصر بالمناسبة، نقدم الكثير لكليهما. لكن ليس علي أن أهدد بذلك".

وعندما سُئل عما إذا كان سيوقف المساعدات عن الأردن ومصر إذا رفض البلدان ذلك، قال ترامب "نعم، ربما، لمَ لا... إذا لم يوافقا فمن الممكن أن أقطع المساعدات".


* "نقوم بالكثير من أجلهما"...ترامب يصر على استقبال مصر والأردن للغزيين
* مصر والأردن تؤكدان على "وحدة الموقف" حول قطاع غزة

وأثار هذا التهديد قلقاً في الأوساط الأردنية، وجدلاً حول كيفية التعامل مع الأمر، ومدى تأثيره في حال تطبيقه.

وبلغ إجمالي المساعدات الأمريكية للأردن حتى السنة المالية 2020 قرابة 26.4 مليار دولار.

وتمثل المساعدات الأمريكية للأردن أكثر من 40 في المئة من إجمالي المساعدات الرسمية التي تتلقاها المملكة سنوياً.

الولايات المتحدة هي المانح الأكبر للأردن
وزارة الخارجية الأمريكية

"ضرورة أخلاقية"

أوقفت واشنطن مساعداتها الخارجية لمدة 90 يوماً من أجل تقييم "فعالية البرامج واتساقها مع السياسة الخارجية الأمريكية".

وصرح ترامب أن الولايات المتحدة لن توزع الأموال بشكل أعمى دون عائد لشعبها.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لبي بي سي، إن مراجعة وإعادة تنظيم المساعدات الخارجية "ضرورة أخلاقية".

وأوضح المتحدث وجود إعفاءات من قرار التجميد، تشمل التمويل العسكري الأجنبي لإسرائيل ومصر والمساعدات الغذائية الطارئة.

مصدر الصورة

ولم تكتف الإدارة الأمريكية بذلك، بل حلّت بشكل شبه كامل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي تمثل "القوة الناعمة" الأمريكية بالخارج، وألحقتها بوزارة الخارجية.

وتدير الوكالة ميزانية مقدارها 42.8 مليار دولار، أي 42 في المئة من المساعدات الإنسانية الموزعة في كل أنحاء العالم.


* ما هي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "USAID"؟
* إغلاق USAID… هل يستطيع ترامب وقف عملها؟
الولايات المتحدة هي المانح الأكبر على مستوى العالم


*

في 2023 قدمت مساعدات قيمتها 72 مليار دولار

المصدر: رويترز

وبشأن إمكانية قطع المساعدات عن الأردن أو تقليصها بعد مهلة الأشهر الثلاثة، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية لبي بي سي، إن جميع المساعدات الأجنبية تخضع لعملية مراجعة شاملة في الوقت الحالي لضمان توافقها مع الأمر التنفيذي للرئيس.

ويعد الأردن من أكبر أربعة مستفيدين في العالم من المساعدات الخارجية الأمريكية.

ويشير وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني السابق وسام الربضي لبي بي سي إلى أن التجميد المؤقت للمشروعات الأردنية الممولة من الوكالة، قد يؤدي لتداعيات اقتصادية واجتماعية ملموسة، واستمراره سيؤدي لفقدان وظائف لدى الطبقة الوسطى، وبالتالي زيادة البطالة.

واقترح الربضي البحث عن مصادر تمويل بديلة واستراتيجيات اقتصادية جديدة لدعم العمال والشركات المتأثرة.

اعتماد تاريخي على المساعدات الخارجية

المختص بالاقتصاد السياسي زيان زوانه تحدث لبي بي سي، عن اعتماد الأردن تاريخياً في بناء اقتصاده على المساعدات الخارجية ومنها المساعدات الأمريكية.

وقال الربضي، إن هذه المساعدات تلعب دوراً أساسياً في دعم الاقتصاد الأردني، وتساهم في تمويل مشاريع البنية التحتية والتعليم والصحة والمياه، وتساعد في استقرار المالية العامة من خلال دعم الميزانية، وتساهم في خلق فرص عمل، وتعزيز دور القطاع الخاص، ودعم الإصلاحات المؤسسية.

ويستبعد زوانه انقطاع هذه المساعدات نظراً لطبيعة التحالف الأردني الأمريكي في جوانب اقتصادية وسياسية وعسكرية واستخباراتية، منذ خمسينيات القرن الماضي.

وقف المساعدات وزيادة الدين العام

مصدر الصورة

وفي حال وقف المساعدات الأمريكية، توقع الربضي ارتفاع عجز الموازنة العامة وإجمالي الدين العام بسبب الاضطرار للاقتراض لتعويض نقص التمويل.

ويضيف: "قد تتأثر أيضاً التصنيفات الائتمانية للأردن، مما قد يرفع تكلفة الاقتراض وقيمة خدمة الدين السنوية".

وقال المحلل الاقتصادي جواد عباسي لبي بي سي إن الرقم الإجمالي لهذه المساعدات "ليس هائلاً ولا يستحيل تعويضه عبر إجراءات تقشفية وزيادة المساعدات من الدول المانحة الأخرى".

وتتكبد الخزينة الأردنية ديناً يُقدر بـ 62.94 مليار دولار، وتتوقع الحكومة عجزاً مالياً في موازنتها للعام الحالي قيمته 3.19 مليار دولار.

وبشأن الحديث عن إمكانية انهيار الاقتصاد الأردني إن انقطعت المساعدات الأمريكية، قال زوانه إن من يقولون ذلك "غير مطلعين على جوانب الاقتصاد الأردني والسياسات الأردنية المالية والاجتماعية".

وأضاف زوانه أن الأردن قادر على الصمود في وجه أزمات أشد وأقسى.

ويشير عباسي إلى أن هيكل الموازنة في الأردن يعتمد على مصادر أخرى بشكل كبير كالضرائب والرسوم التي يدفعها الشعب الأردني والشركات.

Getty
الإيرادات الضريبية المتوقعة

نسبتها 69.6 في المئة من مجموع الإيرادات المتوقعة في الأردن


*

القيمة أكثر من 10 مليارات دولار

المصدر: الموازنة الأردنية العامة 2025

"ربّ ضارة نافعة"

يرى زوانه وجود فرصة لتغيير السياسات الاقتصادية الأردنية في حال توقف أو انخفاض مساعدات الولايات المتحدة، ويقول: "ربّ ضارة نافعة. وسيكون هذا حافزاً قوياً للاتجاه نحو الاعتماد على الذات".

يقول الربضي: "هذه الأزمة تمثل فرصة للإصلاح وتعزيز الاستقلالية الاقتصادية عبر تحسين كفاءة الإنفاق العام، ودفع الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز دور القطاع الخاص".

ودعا الوزير السابق لتعزيز التعاون مع الدول العربية، وخاصة الخليجية، والصناديق العربية للحصول على دعم مالي واستثماري، وتوسيع التعاون مع الشركاء الدوليين لضمان استمرار التمويل للمشروعات الحيوية.

أربع مذكرات تفاهم

وقّع الأردن خلال السنوات الماضية، أربع مذكرات تفاهم استراتيجية "غير ملزمة" مع الجانب الأمريكي، نظمت مدة الدعم وقيمة المساعدات المالية وأوجه صرفها.

ففي 2008، وُقعت المذكرة الأولى لمدة خمس سنوات، لتوفير مستويات متزايدة من المساعدات للأردن، وصرف 360 مليون دولار سنوياً لحكومة الأردن على مدى خمس سنوات، و300 مليون دولار سنوياً كتمويل عسكري.

وفي 2014، اتفق الرئيس باراك أوباما والعاهل الأردني عبد الله الثاني على تقديم مساعدات سنوية للأردن بقيمة مليار دولار لمدة ثلاث سنوات.

وفي 2018، وُقعت مذكرة التفاهم الثالثة خلال فترة حكم ترامب الأولى، ومدتها خمس سنوات تضمنت تقديم 1.275 مليار دولار سنوياً كمساعدات خارجية، أي قرابة 6.375 مليار دولار.

وفي 2022، وقّع الأردن والولايات المتحدة مذكرة التفاهم الرابعة، وتلتزم واشنطن لسبع سنوات (2023-2029) بتزويد عمّان بـ 1.45 مليار دولار في شكل مساعدات اقتصادية وعسكرية سنوية (10.15 مليار دولار على مدى سبع سنوات).

الالتزام الأمريكي الأكبر

تعد مذكرة التفاهم الرابعة أعلى بنسبة 13.7 في المئة سنوياً من المذكرة الثالثة، وهي صاحبة الالتزام الأطول زمنياً.

وتنقسم مذكرة التفاهم الأخيرة إلى أربع مجموعات، وهي 610 ملايين دولار من أموال الدعم الاقتصادي لدعم الموازنة الأردنية، و400 مليون دولار لدعم القوات المسلحة الأردنية لشراء معدات أمريكية، و350 مليون دولار من صندوق الدعم الاقتصادي لبرامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، و75 مليون دولار من صندوق الدعم الاقتصادي لدعم الإصلاحات الاقتصادية والقطاع العام في الأردن.

يرى عباسي أن وقف المساعدات الأمريكية العسكرية سيضر الشركات الأمريكية، وبالنسبة للأردن فقيمة الدعم العسكري المقدمة له يمكن تعويضها من علاقات الأردن مع دول مانحة أخرى.

ورأت الحكومة الأردنية أن مدة المذكرة الجديدة، تعد عاملاً مهماً داعماً للاستقرار والتنبؤ المالي للمملكة.

وتجاوز الكونغرس بانتظام المستويات المتفق عليها في مذكرة التفاهم، فخصص ما بين 1.5 مليار دولار و1.65 مليار دولار من إجمالي المساعدات السنوية للأردن منذ 2018.

وكانت الولايات المتحدة تتجه لتقديم قرابة 2.1 مليار دولار كمساعدات سنوية للأردن في عام 2025، وهي أكثر من القيمة الملتزم بها أمريكياً.

EPA
المساعدات السنوية للأردن تضاعفت قيمتها 3 مرات خلال الـ15 سنة الماضية
خدمة أبحاث الكونغرس

المساعدات العسكرية

يُعد التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والأردن عنصراً أساسياً في العلاقات الثنائية.

وتتجه المساعدات العسكرية الأمريكية في المقام الأول نحو تمكين الجيش الأردني من شراء وصيانة أنظمة أسلحة أمريكية.

وأوضح درو ديسيلفر، كاتب في مركز بيو للأبحاث في الولايات المتحدة، لبي بي سي أن الحكومة الأمريكية تفرق بين المساعدات الخارجية (التي تهدف بشكل أساسي إلى الأغراض الإنسانية أو التنموية الاقتصادية) والمساعدة العسكرية (مبيعات الأسلحة ونقلها، وتمويل مشتريات الأسلحة).

وحتى الشهر الماضي، كانت معظم المساعدات الخارجية تمر عبر وكالة (USAID)، في حين أن إدارة معظم المساعدات العسكرية من خلال وزارة الخارجية الأمريكية، وفق ديسيلفر.

ومنذ 2015، قدمت وزارة الخارجية الأمريكية للأردن 2.155 مليار دولار من التمويل العسكري، مما يجعل الأردن ثالث أكبر متلق عالمي لأموال التمويل العسكري الأجنبي خلال تلك الفترة الزمنية.

وقدمت وزارة الدفاع الأمريكية 327 مليون دولار للقوات المسلحة الأردنية منذ 2018.

ودعمت الولايات المتحدة برنامج أمن الحدود الأردني، وهو نظام متكامل لمراقبة 350 ميلاً من الحدود البرية للأردن منذ 2009، بتكلفة تزيد عن 234 مليون دولار.

ليست المرة الأولى

هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها واشنطن المساعدات كأداة ضغط على الأردن.

ففي 1991، وافق الكونغرس على وقف 27 مليون دولار من المساعدات العسكرية للمملكة رداً على "تعاطف الأردن مع العراق أثناء حرب الخليج".

وأعطى الكونغرس الفرصة للرئيس جورج بوش لإلغاء المنع إذا رأى أن المساعدات تصب في المصلحة الوطنية الأمريكية، وأكد الكونغرس أن الأردن يساعد في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط ويمتثل للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على العراق وأوقف كل المساعدات للعراق، واعترف بحق إسرائيل في الوجود، ووافق على إجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.

وفي 2020، دعت 18 مجموعة من المنظمات اليهودية الأمريكية للضغط على الأردن لتسليم الأردنية أحلام التميمي المطلوبة للقضاء الأمريكي، وحثوا واشنطن على "استخدام كل الضغوط"، بما في ذلك التخفيضات المحتملة للمساعدات المالية الأمريكية، للضغط على الأردن لتطبيق اتفاقية التسليم.

وفي العام ذاته، قالت وكالة أسوشيتد برس إن إدارة ترامب تدرس حجب المساعدات عن الأردن، في محاولة لحمل عمّان على تسليم التميمي.

وأكدت إدارة ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى أنها تدرس "كل الخيارات للضغط على الأردن لتسليم التميمي".

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا