في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بيروت- مع اقتراب الموعد النهائي لانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم مع حزب الله، تتجه الأنظار بترقب إلى الحدود اللبنانية لرصد تطورات المشهد الميداني.
وفي تطور لافت، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الجمعة، تأجيل الانسحاب إلى ما بعد المهلة المحددة بـ60 يوما، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول التداعيات المحتملة لهذا القرار على الوضع الأمني في البلاد.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن جيش الاحتلال يعتزم البقاء في المنطقة الجنوبية مبررا ذلك بعدم التزام الجيش اللبناني بالإجراءات المتفق عليها، مؤكدة أن القوات الإسرائيلية ستظل في حالة تأهب لمواجهة أي خروقات محتملة من حزب الله.
في المقابل، شدد حزب الله، في بيان أصدره أمس الخميس، على ضرورة الالتزام التام ببنود وقف إطلاق النار رافضا أي تأجيل في موعد الانسحاب المقرر في 27 يناير/كانون الثاني الجاري. ودعا الدولة اللبنانية إلى اتخاذ موقف حازم لضمان التنفيذ الكامل للاتفاق.
من جهتها، كشفت مصادر أمنية للجزيرة نت أن الجيش الإسرائيلي انسحب حتى الآن من 9 بلدات في الجنوب اللبناني، لكنه لم يستكمل انسحابه من 33 بلدة أخرى، ومن غير المتوقع أن يتمكن من إنهاء انسحابه بالكامل خلال اليومين المقبلين، أي بحلول يوم الاثنين المقبل.
يُذكر أن الاتفاق ينص على انسحاب جيش الاحتلال بالكامل من جنوب لبنان، على أن يتولى الجيش اللبناني مسؤولية الانتشار وحفظ الأمن في المنطقة بالتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).
يرى المحلل السياسي جورج علم أن إسرائيل تصر على الحفاظ على وجودها العسكري في عدة نقاط إستراتيجية على طول الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، متذرعة بحجة الحفاظ على أمنها، ومؤكدة أنها لم تُنه مهمتها بعد.
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير علم إلى أن إسرائيل تبرر طلبها تمديد وجودها بأسباب أمنية، مؤكدة حاجتها لاستكمال تنفيذ القرار 1701 وفقا لبنوده، ويستند ذلك إلى قناعتها بوجود ما تعتبره "تواطؤًا بين الجيش اللبناني وحزب الله بهدف إخفاء الأنفاق ومخابئ الأسلحة التابعة للمقاومة".
ووفقا للمحلل جورج علم، تجري الدولة اللبنانية حاليا اتصالات مكثفة مع عواصم الدول الخماسية العربية والدولية بقيادة الولايات المتحدة، لتنفيذ ما تم التفاهم عليه في اتفاق وقف إطلاق النار، ويعتبر أن الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى تحقيق 3 أهداف رئيسية:
ويضيف علم أنه، إذا استمرت إسرائيل في تعنتها، فسيكون ذلك اختبارا أوليا صعبا لعهد الرئيس اللبناني جوزيف عون قبل انطلاقته وقبل تشكيل حكومته الأولى، وسيضع المسؤوليات أمام واشنطن وفرنسا وأعضاء المجموعة الخماسية العربية الدولية الداعمة للبنان.
من جانبه، يرى المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية علي حيدر أن الاتجاه الحالي في إسرائيل يشير بوضوح إلى نية الإبقاء على قواتها في بعض النقاط الجنوبية، متسائلا عن الدوافع الحقيقية وراء هذا التمديد.
ويقول إن بعض التقارير تشير إلى أن عملية الانسحاب قد تستغرق بضعة أسابيع، بينما تشير تقارير أخرى إلى أنها قد تمتد شهرا آخر. ويتساءل إن كانت هذه الإشارات تمهيدا لتمديد لاحق تحت الذرائع نفسها، أو "ربما هنالك جوانب أخرى لم تُكشف بعد".
ويضيف المحلل علي حيدر للجزيرة نت أن إسرائيل من خلال سياستها تربط انسحاب جيشها بانتشار الجيش اللبناني، ووفقا للاتفاقات المعمول بها يفترض أن يسبق انسحاب الاحتلال انتشار الجيش اللبناني ليحل مكانه، لكنها تسعى من خلال هذه المناورة إلى تحميل المسؤولية للطرف اللبناني.
وذهب إلى أن إسرائيل تتجاوز الأبعاد الأمنية والتكتيكية، إذ يبدو أنها تسعى إلى إرسال رسائل أعمق تستهدف الضغط على السلطة السياسية اللبنانية لدفعها نحو ممارسة نشاط عدائي ضد المقاومة، قد يتجاوز منطقة جنوب الليطاني ليشمل جميع الأراضي اللبنانية.
وبرأيه، لا يمكن فصل هذا السلوك عن المخطط الأميركي في لبنان الذي يهدف إلى إنشاء سلطة سياسية معادية للمقاومة، مما يدفع إسرائيل للاستمرار في الضغط العسكري عليها.
أما بالنسبة للمقاومة، فيؤكد حيدر أنها تعتمد على قرار إستراتيجي بعدم قبول استمرار الاحتلال للأراضي اللبنانية دون أفق، ورغم اتباعها إستراتيجية الغموض التكتيكي -حيث يظل ما ستفعله ومتى غير واضح- فإن هذه القرارات تبقى رهنا بتقديرات قيادتها.
ووفقا له، "أصبح من الواضح أن الدولة اللبنانية هي المسؤول المباشر عن أي تصرفات لقوات الاحتلال. وتضع هذه المرحلة السلطة السياسية أمام مسؤولياتها، حتى يبرز أمام الشعب وسكان الجنوب أن الخيار الدبلوماسي في مواجهة التحديات الإسرائيلية هو الأكثر قدرة على تحقيق النتائج".