قالت صحيفة تايمز إن مجموعة من الرجال الملثمين وصلت في الوقت الذي أنهى فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطاب تنصيبه، وتجمعوا على طول الطريق 55 في الضفة الغربية، بين قريتي الفندق وجينسافوت الفلسطينيتين، وشوهدوا وهم يحرقون الحفارات والشاحنة المتوقفة بالخارج، ويحطمون النوافذ وأوعية الطلاء الفارغة.
وقال الحارس الليلي سعيد بشير الذي أطفأ أنوار مكتبه واختبأ -حسب تقرير ريتشارد سبنسر للصحيفة- إن الأمر كان مرعبا، وقال إن المجموعة "أحضروا أسطوانة غاز وأشعلوا النار في مركز حديقة قريب، ولكن بعد ذلك ظهر شباب من القرية وانسحبوا".
ومع أنه لا أحد يعرف بالضبط ما قاله مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما أقنعه بالقبول على مضض بوقف إطلاق النار بعد أشهر من التلاعب بالمفاوضات، فإن بعض التقارير أشارت إلى وعد من البيت الأبيض بتخفيف موقفه من حركة المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية.
وإذا كان الأمر كذلك -كما تقول الصحيفة- فإن ترامب صدق في وعده، إذ كان إلغاء العقوبات التي فرضها سلفه جو بايدن على المستوطنين المتطرفين وحركات الاستيطان من بين أوامره التنفيذية الأولى التي أصدرها في الوقت الذي كانت فيه أعمال الشغب في جينسافوت على قدم وساق.
وذكرت الصحيفة بأن المستوطنين لم يكونوا بحاجة إلى انتظار أوامر ترامب الخاصة، إذ كانوا يتجاهلون دائما الدعوات السابقة من العالم الخارجي لوقف أنشطتهم، ولم يواجهوا سوى القليل من الضغوط في الداخل، ولكن زعماءهم الذين أصبحوا الآن مبتهجين، كان أمر ترامب بالنسبة لهم بمثابة الكرز على الكعكة.
وتشن هذه المجموعات التي يتم استقدامها من جميع أنحاء الضفة الغربية، وهي تشعر بأنها في مأمن من العقاب، حرب عصابات على القرى الفلسطينية، وخاصة تلك المعزولة نسبيا مثل الفندق وجينسافوت، ونادرا ما تذكر هذه الهجمات المصممة لترهيب الفلسطينيين وتثبيط معارضي توسع المستوطنات في الأخبار الدولية.
وفي ليلة خطاب ترامب أظهرت لقطات كاميرات المراقبة الأمنية المأخوذة من مستودع بشير جنودا إسرائيليين يراقبون حشد المستوطنين وهم يبدؤون العمل، ولم يتدخلوا إلا عندما اقترب فلسطينيون لطرد المستوطنين، وقال لؤي تاين رئيس مجلس قرية الفندق إن 12 شخصا أصيبوا في الاشتباك، وكلهم فلسطينيون ضربهم الجنود أثناء صدهم لهم.
وقال تاين إن الهجوم كما هو ظاهر، كان منظما بشكل جيد، إذ تجمع الإسرائيليون من مستوطنة كيدوميم القريبة في اليوم السابق بشكل غير متوقع للتنزه في المنطقة العشبية بجوار مركز الحديقة، وفي مساء يوم الاثنين وصل نحو 70 رجلا في سيارات جيب وحافلة، وبدأ الرجال في مهاجمة المنازل في الفندق، وأضاف أن معظم الرجال ليسوا محليين، مشيرا إلى أن الفندق كانت لها علاقات جيدة مع كدوميم.
وأشارت تايمز إلى أن الجماعات المتطرفة التي تنظم هذه الهجمات، والتي كانت تحت عقوبات بايدن، لا تمثل إلا أقلية من 500 ألف مستوطن، هم أنفسهم لا يمثلون الكثير في السياسة الإسرائيلية، لكن نفوذهم زاد عندما أصبح ائتلاف نتنياهو يعتمد على وزيرين من أقصى اليمين، هما بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير المؤيدين لحركة الاستيطان.
ومع أن معظم الحكومات في جميع أنحاء العالم تعتبر المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتراها عقبة أمام إنشاء دولة فلسطينية، فإن سموتريتش الذي يعيش في كدوميم، يريد ضم المستوطنات وإخضاعها للسيطرة المدنية الإسرائيلية الرسمية، وهو ما يعتبره الفلسطينيون الخطوة الأولى لضم الضفة الغربية بالكامل.
ولم يقدم ترامب بعد رؤية خاصة به لحل القضية الفلسطينية، ولكن معظم مساعديه يدعمون الجيش الإسرائيلي الذي أدت حملاته القمعية في الضفة الغربية إلى مقتل نحو 800 شخص منذ بدء الحرب على غزة، وهو يخوض معركة حالية في جنين.