في جولة الصحف لهذا اليوم، نستعرض وإياكم ثلاثة مقالات تسلط الضوء على قضايا هامة تتعلق بالشرق الأوسط. تقدم غاييل شورش في "يديعوت أحرنوت" مقارنة بين العمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا وغزة، مبرزة الفروقات في النتائج. ويحذر مقال "القدس العربي" من عواقب نظام المحاصصة الطائفية وتأثيره المدمر على الوحدة الوطنية في سوريا. أما في "فاينانشال تايمز"، يناقش الكاتب الوضع في سوريا ويطرح أفكاراً حول كيفية تعزيز الاستقرار في البلاد.
في صحيفة يديعيوت أحرنوت نقرأ مقالاً لـ غاييل شورش، وهي مسؤولة سابقة في جهاز الموساد الإسرائيلي.
تقدم الكاتبة تحليلاً يقارن بين أداء الجيش الإسرائيلي في "عملياته العسكرية" خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي في سوريا، وتلك التي تجري في غزة. كما تطرح تساؤلاً حول الفروق في مستوى القوة العسكرية والنتائج التي تم تحقيقها بين العمليتين.
ورغم رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الضربات التي استهدفت سوريا في ذلك الوقت، فقد أكدت وسائل الإعلام السورية أن إسرائيل استهدفت موقعاً لإنتاج الصواريخ في مصياف.
وصفت الكاتبة العملية الإسرائيلية في سوريا بـ "البطولية" نظراً لعدم تعرض أي من أفراد الجيش الإسرائيلي للأذى، حيث استهدفت العملية موقعاً لإنتاج الصواريخ. وفي المقابل، ترى أن الجيش لم يحقق نجاحاً في تنفيذ عمليات تحرير الرهائن من أنفاق غزة.
ترى الكاتبة أن العملية الإسرائيلية في سوريا استطاعت تدمير موقع إنتاج الصواريخ في مصياف، ما يعكس القدرات العسكرية والاستخباراتية في الوصول لأهداف "محصنة" تحت الأرض.
تبين شورش في مقالها إلى أن الموقع في مصياف كان محصناً للغاية، موضحة أنه "تم حفره سراً، وصولاً إلى أعماق الأرض، وجُدرانه مصبوبة من الخرسانة المسلحة".
ويناقش المقال الأهداف التي تحققت جراء تدمير موقع إنتاج الصواريخ في سوريا، إذ ترى الكاتبة أن العملية تسببت في إلحاق ضرر كبير بقدرة حزب الله على استعادة مخزون الصواريخ الدقيقة في لبنان.
وتشير شورش إلى أن العملية تعتبر رسالة من إسرائيل لـ "أعدائها" والتي تتمثل برفضها بناء قدراتهم العسكرية، واستعدادها لتحمل المخاطر في تنفيذ العمليات في مناطق دقيقة.
"تدمير منشآت إنتاج الصواريخ في سوريا يمثل ضربة قوية لصواريخ حزب الله". تقول الكاتبة إن إيران وحزب الله سيجدان صعوبة في الحصول على صواريخ دقيقة لتعزيز مخزونهما بينما هما مشغولان بمحاولات استعادة مواقع إطلاق الصواريخ وأنظمة الأسلحة التي استهدفتها إسرائيل في الضربات الأخيرة، على حد تعبيرها .
يشير المقال إلى أن الفرق بين العمليتين العسكريتين يكمن في نوع الإنجاز المطلوب، حيث أن تدمير هدف تحت الأرض يختلف تماماً عن الوصول إلى هدف آخر تحت الأرض وإنقاذ الرهائن الأحياء بأمان.
تعتبر الكاتبة أن تجنب مقتل الرهائن الإسرائيليين على يد حراسهم أثناء الهجوم، كما حدث مع رهائن آخرين، يعد العامل الرئيسي لنجاح العملية العسكرية في غزة. وتشير إلى أن إعادة الرهائن سالمين إلى عائلاتهم يُعد إنجازاً بالغ الأهمية.
وفي الختام تقول شورش إن الطريق لاستعادة جميع الرهائن يكمن في "عملية سياسية جريئة" تتطلب الاستعداد لتحمل المخاطر، كما حدث في العملية العسكرية "الناجحة" في سوريا، بحسب المقال.
نقرأ مقالاً في صحيفة القدس العربي للكاتب والإعلامي السوري، فيصل القاسم. الذي بدأ مقاله بالتأكيد على أن نظام المحاصصة الطائفية في المنطقة يُعد من أسوأ الأنظمة السياسية في التاريخ الحديث، مشيراً إلى أن النماذج الناتجة عن هذا النظام أصبحت "رمزاً للدول الفاشلة في العالم"، على حد تعبيره.
يستشهد الكاتب بأمثلة قائلاً: "جميعنا شاهد ما آل إليه العراق ولبنان والسودان وحتى سوريا بعد اعتماد نظام المحاصصة تحت ذريعة إرضاء جميع مكونات المجتمع".
في مقاله، يوضح القاسم أن نظام المحاصصة الطائفي لا يحول البلد إلى "شركة مساهمة" فقط، بل إلى "شركة مساومة"، ويطرح تساؤلاً عما إذا كان من الممكن أن تنجح شركة تعتمد على المساومة.
ينفي الكاتب إمكانية نجاح نظام المحاصصة الطائفية، مستنداً إلى الحالة اللّبنانية، حيث أدى هذا النظام إلى "الفساد والانقسام والتفكك الطائفي بدلاً من تعزيز الوحدة الوطنية والتماسك السياسي".
يقدم القاسم مثالاً آخر، وهو النموذج العراقي الذي يعتبره مشابهاً للنموذج اللّبناني، ويرى أن ما يحدث في العراق يعد نموذجاً لـ"الفشل والفساد والتفرقة والتعصب والانقسام".
ويشير الكاتب إلى أن توزيع المناصب بناءً على "تفضيل الولاء الطائفي على الكفاءة المهنية" يؤدي إلى تعيين أفراد غير مؤهلين في مناصب حساسة، مما يؤثر سلباً على كفاءة وفعالية الإدارة الحكومية.
يلفت الكاتب إلى أنه لا يمكن تجاهل نظام المحاصصة "المقنع" الذي استخدمه كل من حافظ وبشار الأسد، موضحاً أنه كان "نموذجاً للفشل والنصب والاحتيال والتلاعب بالنسيج الطائفي".
يختتم القاسم مقاله بتوجيه حديثه إلى السوريين، داعياً إياهم إلى إدراك أن أكبر المستفيدين من نظام المحاصصة هم "زعماء العصابات المذهبية والطائفية والعرقية والمناطقية"، الذين كانوا طوال نصف قرن من أكبر أعوان نظام الأسد.
ويختتم الكاتب مقاله بالتحذير من أن العودة إلى نظام المحاصصة تعني إحيائه من جديد، مما سيؤدي إلى تقسيم سوريا. ويتساءل: هل يريد السوريون تكرار النماذج الفاشلة مثل لبنان والعراق والسودان ونموذج الأسد، أم اختيار النموذج الحضاري القائم على مبدأ المواطنة الحقيقية؟
في مقال نُشر في صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، كتب جون ساورز أن تركيز إسرائيل في عام 2025 سيكون منصباً على إيران، "التي كانت الخاسر الأكبر في عام 2024"، وفقاً لتعبيره.
يبدأ ساورز مقاله بالإشارة إلى تراجع قوة آية الله علي خامنئي، سواء على الصعيد الجسدي أو السياسي.
ويعبر الكاتب عن قلقه إزاء الحكم الوراثي في إيران، مشيراً إلى أن المرشح لخلافة خامنئي هو ابنه مجتبى. ويقول إن "الطغاة من الجيل الثاني" يصلون إلى السلطة، دون أن يمروا بتجارب أو يتعلموا "الدروس القاسية التي اكتسبها آباؤهم".
كما يشير ساورز إلى أنه بالرغم من أن حافظ الأسد كان "قائداً قاسياً" لسوريا، إلا أنه كان يعرف حدود سلطته ومتى يجب التفاوض، وهو ما لم يكن يمتلكه ابنه بشار، ما أدى إلى "مزيد من الوحشية وانهيار النظام"، حسبما يرى الكاتب.
ويذكر الكاتب أن "النظام الضعيف" يوفر فرصة لمفاوضات جديدة حتى وإن استمر خامنئي الكبير في السلطة لعام أو عامين آخرين.
ويلفت ساورز إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قد يفضل صفقة سياسية على المشاركة في الخيار العسكري "المفضل لدى نتنياهو لتدمير المنشآت النووية الإيرانية"، على حد تعبيره.
يعتبر الكاتب أن انهيار نظام الأسد في سوريا يُعد "أكبر مفاجأة إيجابية" في عام 2024، ويعكس تأثيراً إيجابياً على الشعب السوري، موضحاً أن هذا الانهيار قد يساهم في "إنهاء القمع السياسي ويفتح المجال لبناء نظام ديمقراطي يعبر عن التنوع العرقي والديني في البلاد".
ويقدم الكاتب أفكاراً للتعامل مع الوضع في سوريا وزيادة فرص استقراره، تبدأ برفع العقوبات المفروضة على البلاد وإلغاء الحظر المفروض على "الجماعات الإرهابية". كما يلفت الكاتب إلى أن نجاح أي خطة للسلام في سوريا يعتمد على توحيد المعارضة السورية بمختلف توجهاتها، بهدف الوصول إلى سوريا متحدة.